11-مارس-2016

حملة أطفال عدن يقرؤون (الترا صوت)

ثلاثة أشهر من الحرب وتسعة أخرى بعد انتهائها، تذوّق أطفال عدن -جنوب اليمن- فيها كل المرارة. الاغتيالات والتفجيرات والاضطراب الأمني، الذي تعيشه المدينة، سبّب الخوف والقلق وسلوكيات مضطربة في نفسية وسلوك الأطفال. هي تداعيات فرضها عالم الكبار القاسي على عالمهم الصغير الجميل. أحد هؤلاء هو عبد الله أحمد، الذي يدرس في المرحلة الابتدائية، وهو لا يزال يعاني آثارًا نفسية إثر حادثة سقوط قذيفة في الحي الذي يقطن فيه، وقد علقت في ذاكرة عبد الله صور لأشلاء الجثث المضرجة بالدماء والجرحى وصرخات أصدقائه الذين شاهدهم ضمن الضحايا.

في ظل غياب الجهات الحكومية والمنظمات الدولية، تعتبر حملة "أطفال عدن يقرؤون" المتنفس الوحيد لأطفال عدن بعيدًا عن ضرر الحرب 

يؤكد الطفل عبد الله لـ"الترا صوت" أنه "يشمئز من الدم ويرعبه لدرجة الإغماء"، وعبر بعض طلاب مدرسة البنيان في مدينة عدن عن حزنهم لعدم قدرتهم الخروج واللعب بحرية في الحارات السكنية كما في السابق، كما أشاروا إلى أن "أوقات الفراغ الكبيرة التي يقضونها في منازلهم تعيدهم إلى ذكريات الحرب التي مروا بها كما أن هذه الأفكار تحرمهم النوم". لذلك كثفت منظمات المجتمع المدني في الآونة الأخيرة من مبادراتها التي تهدف إلى إنقاذ الأطفال من التراكمات النفسية التي أنتجتها أجواء الاضطراب الأمني والنزاعات المسلحة والتي لم تتوقف حتى بعد انتهاء الحرب في مدينة عدن.

اقرأ/ي أيضًا: في اليمن.. الكتب المدرسية في السوق السوداء!

أقامت "مبادرة ائتلاف عدن للإغاثة والتنمية" نشاطات ترفيهية وبرامج مختلفة تنطلق من فكرة مسرح الدمى، والحكواتي، ومسابقة تحفيزية للأطفال تهتم بتنمية وتعزيز حب القراءة والاطلاع لدى الطفل، الحملة التي استهدفت مختلف المدارس الابتدائية في مدينة عدن وبالتعاون مع أولياء أمور الطلبة، أقامت أيضًا مرسمًا خاصًا للأطفال.

تقول انتصار العلوي، منسقة مبادرات منظمات المجتمع المدني في عدن ورئيسة مبادرة "أطفال عدن يقرؤون"، لـ"الترا صوت": "نحن نستخدم القراءة كوسيلة علاج غير مؤلمة للأطفال، فهي تمكنهم من الحصول على المعرفة واكتساب المهارات الحياتية، كما تسهم في صنع الفرد وتكوين الشخصية النامية المبدعة وتدعم ثقته بنفسه لا سيما عندما تلتقي القراءة بالترفيه عبر أنشطة ثقافية ومسابقات رياضية وفكرية كالتي حاولنا العمل عليها في حملتنا". وتضيف: "يقرأ أطفال عدن للتغيير، للسلام، للمعرفة وللترفيه أيضًا".

 اقرأ/ي أيضًا: مها عوض.. صورة عن تحدي نساء اليمن

أولياء الأمور، من جهتهم، وعلى الرغم من الأوضاع الأمنية المضطربة في مدينة عدن دفعوا بأطفالهم إلى هذه المبادرات المجتمعية في محاولةٍ لتحسين حالاتهم النفسية وإخراجهم من العزلة التي يعيشون فيها. تتحدث أم عوض، لـ"الترا صوت": "دفعت بابني إلى دورة القراءة والكتابة، محاولةً أن أشغل وقته بأي شيء، حيث أن الكوابيس لا تزال تنتابه حتى الآن خصوصًا أثناء نومه أو في حال سماعه لأصوات رصاص أو أي انفجارات، وعسى من خلال انهماكه في دورات القراءة والكتابة وغيرها أن يغفل عن شبح النزاع والاقتتال". في هذا السياق، يوضح الأخصائي الاجتماعي في مدرسة البنيان في مدينة عدن: "يحتاج أي طفل إلى عناية واهتمام كبير خاصة في ظل الوضع المعيشي الحساس والوضع الأمني السيئ في المدينة وذلك حرصًا عليهم من أثر نفسي مع الإهمال أو من خطر انخراطهم في الاقتتال".

الآلاف من الأطفال في مدينة عدن هم بحاجة إلى متابعة نفسية ورعاية مجتمعية بشكل مستعجل، إلا أنه وفي ظل غياب الجهات الحكومية والمنظمات الدولية، تبقى مبادرة "أطفال عدن يقرؤون" المتنفس الوحيد هذه الأيام.​

 اقرأ/ي أيضًا:

إعلام اليمن.. موسم الهجرة إلى الجنوب

اليمن.. عام دراسي دون مدارس