26-يوليو-2016

ملصق المهرجان في قرية صوامع

"ذات يوم في مملكة كوكو"، هو الشعار الذي اختاره المنظمون للدورة الثالثة عشر لمهرجان "القصة والفن" المنعقد في قرية صوامع بمحافظة تيزي وزو شمال الجزائر، مهرجان ثقافي مميز يزرع البهجة في القرى. قرية صوامع وسط جبال جرجرة كان لها شرف التنظيم هذه السنة، بعد أن استلمت المشعل من قرية "إغرسافن". 

يحاول مهرجان "القصة والفن" أن يزرع البهجة في القرى الجزائرية النائية

تمتد التظاهرة لأسبوع، من الـ24 إلى الـ31 من تموز/يوليو الجاري، عبر برنامج متميز يجمع بين الحكاية والكتاب والسينما والمسرح والرسم والغناء، تتحول فيه قرى منطقة القبائل الهادئة إلى مزار لعديد الفنانين والوجوه الثقافية، وتتحول أزقة القرية الضيقة إلى ما يشبه بساطًا أحمر على الهواء الطلق.

اقرأ/ي أيضًا: تونس: مهرجان قرطاج يصالح جمهوره؟

كانت سنة 2003 منطلق أول طبعة للمهرجان، كانت مدينة "أث يني" (عاصمة الفضّة) أول مدينة تحتضن المهرجان الذي كان نتاج تفكير عميق من رابطة الفنون السينمائية والدرامية بمحافظة تيزي وزو، من أجل خلق حركية ثقافية داخل القرى الصغيرة المنتشرة في منطقة القبائل، والتي تعاني من نقص فادح في المراكز والمؤسسات التي من شأنها التكفل بالشأن الثقافي هناك، لقد أراد المنظمون أن يكون المهرجان فرصة احتكاك مباشر بين الثقافة وسكان تلك القرى، وإرساء قواعد الثقافة الشعبية، أو "الثقافة للجميع من غير استثناء"، فصارت البهجة تنتقل عبر القرى، وصار بإمكان سكان تلك القرى حضور عروض فنية ومسرحية دون عناء التنقل لعاصمة المحافظة، الهدف الرئيسي من المهرجان كان "تكريس مبدأ لا مركزية الثقافة".

تعتبر الحكاية أو القصة جزءًا كبيرًا من الموروث الثقافي الشفوي في الجزائر، وهو ما تسعى إدارة المهرجان لإحيائه، وإعطائه الاهتمام اللاّزم من أجل حمايته من خطر الزوال، كما يتضمّن برنامج التظاهرة عروضًا سينمائية ومسرحية، ورشات تدريبية في مختلف الفنون، مسابقات في الرسم، محاضرات ومعارض للكتاب، وحفلات يحييها عديد الفنانين، طبعة هذه السنة تجمع أزيد من 300 مبدع، وقد تكون هذه الطبعة بوابة المهرجان نحو العالمية، فالمشاركون قادمون من عدة دول ذات ثقافات مختلفة، إذ أكّد المنظمون حضور وجوه من فرنسا، وإسبانيا، والكونغو، وتونس، والمغرب، وإيطاليا، والنرويج. 

تعتبر الحكاية جزءًا كبيرًا من الموروث الثقافي الشفوي في الجزائر، وهو ما تسعى إدارة مهرجان "القصة والفن" لإحيائه

كما ينتظر المنظمون إقبالًا كبيرًا من طرف الجمهور الذي يأتي من كل ربوع الجزائر في شكل من أشكال السياحة الثقافية، ففي الطبعة السابقة تم تسجيل أزيد من 10000 زائر طوال أيام المهرجان. كما يسعى المنظمون من خلال شعار المهرجان للدعوة للاهتمام بالتاريخ المحلي لقرى الجزائر ومدنها القديمة.

اقرأ/ي أيضًا: "بوابة" و"رمان".. منابر أخرى لفلسطين الشتات

المهرجان ومكان تنظيمه، وسط قرية صغيرة تخلو من أي منشآت ثقافية كبيرة، ولا تتوفر حتى على فندق لإيواء المشاركين يثبت لنا مرّة أخرى أنّ الفعل الثقافي هو مسؤولية الجميع، وأنّ الحراك الثقافي لن يتأتى من دون انخراط كامل لكافة شرائح المجتمع، فالمنظمون يعتمدون على المساعدات التي يتلقونها من بعض أصدقاء المهرجان، خاصة مع الشح الكبير في ميزانيات الثقافة بالمدن الصغيرة، إذ تجد السلطات المحلية نفسها شبه عاجزة على تقديم الدعم، فيما تبقى نقطة الاستفهام الكبرى عدم اهتمام وزارة الثقافة بالمهرجان الذي يعتبر الوحيد من نوعه، فيما تصرف أموال طائلة من أجل سهرات غنائية تدوم لساعتين أو ثلاث، أمر اعتبره المنظمون إجحافًا في حق شباب متطوعين صمدوا لثلاث عشرة سنة على التوالي، من أجل أن تصبح الثقافة شأنًا شعبيًا متاحًا للجميع، وتجدر الإشارة أنّ ملصقة المهرجان كانت من تصميم الرّسام الجزائري "دينيس مارتينيز"، وهو "عرّاب" المهرجان منذ طبعته الأولى. 

اقرأ/ي أيضًا: 

الجزائر... مكتبة للمفكّرين الأحرار

عباس كيارستامي.. انطفاء شاعر الكاميرا