16-فبراير-2019

يعد سعود القحطاني واحدًا من رجال ابن سلمان الأهم (تويتر)

لعله كلمة السر أو الصندوق الأسود لحكم محمد بن سلمان في السعودية، رجل يُشبه في ثقله ما كان لعمر سليمان في عهد الرئيس حسني مبارك الطويل في مصر، تحيط به اللعنات والتُهم ويرد اسمه في ملف المتهمين رسميًا في جريمة حركت المياه الآسنة في حوض ابن سلمان، المكتظ بالجرائم، أي مقتل الصحفي جمال خاشقجي . إنه سعود القحطاني. فلماذا لا يستطيع ولي العهد السعودي أن يتخلى عن خدمات هذا الرجل؟ وما السر وراء تركه حرًا طليقًا، بل وصدور الأوامر بأن يظل في حصانة ضمنية، تمكنه من الحركة هنا وهناك، على الرغم من أن وكالة رويترز مثلها مثل عديد وسائل الإعلام الدولية، أسمته "الرجل القابع خلف جريمة مقتل خاشقجي".

يتحرك القحطاني بحرية، رغم أنه من المفترض أن يكون تحت الإقامة الجبرية، فبحسب مصدر سعودي تحدث إلى واشنطن بوست فإن القحطاني قام مؤخرًا برحلتين إلى الإمارات

ورد اسم القحطاني في قضايا التعذيب في المعتقلات، كما ورد في جرائم الاغتصاب والتهديد الجسدي الذي تتعرض له المعتقلات من النساء في المملكة، حسبما أوردت منظمة العفو الدولية ومنظمات دولية أخرى، رأت في هذا الرجل ذراع ابن سلمان الباطشة.

اقرأ/ي أيضًا: الحسابات الوهمية على تويتر.. سلاح سعودي مفضوح

مهندس حملات ولي العهد وسرها!

يبدو أن للقحطاني دور كبير في حياة محمد بن سلمان، فهو الذراع التنفيذي لانتهاكات ولي العهد. تصفه نيويرك تايمز بأنه واحد من رجلين اثنين من أهم منفذي سياسيات الإدارة الجديدة في الرياض، كالإطاحة بولي العهد السابق، واعتقال أمراء ورجال أعمال في الريتز كارلتون، واحتجاز رئيس الوزراء اللبناني، كما تحمل الأزمتان مع قطر وكندا توقيعه كمنفذ ومهندس من بين أهم المنفذين.

تقول الصحيفة الأمريكية إن اسم القحطاني لم يرد من بين الثمانية عشر شخصًا الذين قررت السلطات القبض عليهم إثر تحقيقها في قضية خاشقجي، وتبين تقارير إخرى أنه تلقى وعدًا من ولي نعمته محمد بن سلمان أنه "لن يمسه سوء".

يمثل القحطاني إلى جانب حليف آخر لمحمد بن سلمان "كل ما هو خطير في عهد ولي العهد" حسب تعليق نيويورك تايمز، أما نيوزويك فتضيف أنه شديد العدوانية والشراسة وأن انتقاده يعني طريقًا قصيرًا إلى السجن.

لا شيء يعلو فوق صوت النفوذ

يضع ابن سلمان ثقته في القحطاني، الذي يمارس القوة بتصريح كامل من ولي العهد، ويدير مع تركي آل شيخ ملف الإعلام الاجتماعي والرياضة، وهو الملف الذي يحاول ابن سلمان من خلاله أن يكون بطلًا شعبيًا لدى قطاع عريض من الشباب السعوديين، بأقصر الطرق وأكثرها خفة وشعبوية، أي إشعال الروح القومية "من خلال ضخّ أموال طائلة في معارك ضد الخصوم سواء في ساحات الملاعب الرياضية أو في ساحات الإنترنت".

تذكر نيويورك تايمز على لسان دينيس هوراك، سفير كندا إلى الرياض سابقًا والذي طُرد في آب/أغسطس في أعقاب مطالبة دبلوماسيين كنديين بإطلاق سراح الناشطين الحقوقيين المحتجزين في السعودية، أن "الملفّين اللذين يديرهما القحطاني وآل الشيخ أبعد ما يكونان عن السياسة الخارجية، غير أن المبعوثين الخارجيين عادةً ما يلجؤون إليهما نظرًا لما لهما من نفوذ".

قدرات أخرى للقحطاني وضعته في دائرة الاهتمام

القحطاني الذي عُرف بكتابة الشعر، تم تعيينه في الديوان الملكي منذ عشر سنوات، ولأن الديوان الملكي هناك تديره المكائد فقد أصبح الرجل على دراية كبيرة بتدبير المؤامرات لصعود ولي العهد والإطاحة بخصومه، حسبما أشارت مصادر مقرّبة من الأسرة المالكة.

كان من ضمن اهتمامات القحطاني التي يبدو أنها أثارت إعجاب ولي العهد، اهتمامه بالأمن السيبراني وبرامج التجسس، حيث تذكر الصحيفة الأمريكية من خلال وثيقة سربتها ويكيلكيس، أنه في عام 2012، استُخدم البريد الإلكتروني الحكومي للقحطاني في طلب خدمات من فريق قرصنة إيطالي، حيث تم إرسال طلب للشركة بإرسال مجموعة ممن لديهم "قدرات فائقة ومعرفة تقنية عالية"، كي يوضحوا طبيعة الخدمات التي يقدمونها مع تحمل القحطاني وجهته كامل التكاليف والمصروفات.

لهذه الأسباب ولغيرها، تحول القحطاني إلى بوابة الدعاية الرئيسة لولي العهد، وبدأ باستخدام حسابه على تويتر الذي يتابعه أكثر من مليون شخص، لإعداد ما أسماه بالقوائم السوداء التي تشمل أسماء المعارضين للنظام في المملكة. وانتقل بعدها إلى شنّ حملات للهجوم عليهم مستعينًا بفريقه الذي يملك آلاف الحسابات الوهمية، والذي أطلقت عليه المعارضة اسم "الذباب الإلكتروني" ، و"السيد هاشتاج "  و"ستيف بانون السعودية".

أما قدراته الأخرى فقد برزت في حصار قطر الذي قادته الرياض مع حلفائها في يونيو/حزيران 2017، من خلال حملات ممنهجة على شبكات التواصل الاجتماعي تسيء إلى قطر ونظامها، "كما أجبر القحطاني شبكة إم بي سي على وقف عرض جميع المسلسلات التركية بسبب الدعم التركي لقطر، وهو أمر تكبّدت الشبكة على إثره خسائر قُدّرت بالملايين وفقًا للعاملين بالمجال".

كان الرجل أيضًا خلف أزمة قناة "بي آوت كيو" التي سربت مباريات كأس العالم، رغم أن قنوات "بي إن سبورتس" حصلت على الحقوق الحصرية لإذاعتها، مما تسبب في رفع قضايا دولية على الجهة التي قرصنت إذاعة المباريات، وقامت الحكومة السعودية وقتئذ بنفي معرفتها بقناة "بي أوت كيو".

كان القحطاني من بين من حققوا مع الأمراء المعتقلين في فندق الريتز، حيث كشفت نيويورك تايمز أنه على الرغم من أن الأمراء كان يتم التحقيق معهم معصوبي العينين، إلا أنهم استطاعوا التعرف على صوت القحطاني أثناء استجوابهم، حيث أدلى كثير منهم للصحيفة الأمريكية شهادته عن تعرضهم للإيذاء الجسدي بالضرب أو بالصعق بالكهرباء أو بالتعليق من القدم لفترات طويلة.

لماذا لا يتخلى الأمير عن القحطاني ولا يضحي به بعد قضية خاشقجي؟

يتبين مما سبق أن القحطاني بالغ الأهمية لدى ولي العهد الشاب، وهو ما يجعل التخلي عنه أمرًا مستبعدًا، إذ ذكرت تقارير إخبارية أن الرجل لا يزال على اتصال بالأمير رغم الضغوط الدولية الكبيرة عليه بعد قضية خاشقجي، هذا بالإضافة إلى حساسية الملفات المسؤول عنها بالفعل.

اقرأ/ي أيضًا: "صدمة" خاشقجي.. العالم ساخط على السعودية باستثناء إسرائيل!

يتحرك القحطاني بحرية، رغم أنه من المفترض أن يكون تحت الإقامة الجبرية، فبحسب مصدر سعودي تحدث إلى واشنطن بوست فإن القحطاني قام مؤخرًا برحلتين إلى الإمارات العربية المتحدة.  

ورد اسم القحطاني في قضايا التعذيب، كما ورد في جرائم الاغتصاب والتهديد الجسدي الذي تتعرض له المعتقلات من النساء في المملكة، حسبما بينت منظمة العفو الدولية

كان نظام ابن سلمان يتوقع أن يتعامل مع موجة الانتقادات الواسعة التي طالته عقب مقتل خاشقجي بكثير من الهدوء، على طريقة "طأطأة الرأس حيث يعلو الموج"، فإذا مرت الأمواج العالية بسلام تحدثت ألسنة المصالح عن ضرورة تهميش قضية خاشقجي وحصرها في الفريق المكون من ثمانية عشر شخصًا فقط، والاكتفاء بذلك لإغلاق الملف واستعادة العلاقات الديبلوماسية مع الدول الكبرى التي تستفيد بدورها من المال والسوق السعودي، لكن أخطاء رجال مثل القحطاني فادحة للغاية بقدر نفوذهم، وهو ما يعني أن منطق الرياض لا ينجح دائمًا.

 

اقرأ/ي أيضًا: 

خدعة الحسابات الآلية عبر تويتر.. جندي السعودية غير المجهول ضد قطر

تويتر والسعودية.. العالم قرية صغيرة بيد الاستبداد