12-يونيو-2018

استخدمت الحسابات الآلية بكثافة لاختراع رأي عام ضد قطر (Getty)

ألترا صوت - فريق التحرير

في العام الماضي، فرضت السعودية والإمارات، ومعهما مصر والبحرين، حصارًا بريًا وجويًا وبحريًا على قطر، قاصدين التأثير على استقلالية السياسة القطرية قبل كل شيء. لكن هذا الخلاف، لم يتجل في الميادين السياسية الرسمية وحسب، بل شمل الإعلام ووكالات الأنباء ومواقع التواصل الاجتماعي، وهو ما تمثّل في محاولات شبكات من هذه الدول اختراق الإذاعات القطريّة مرّة، ومحاولة التشويش على شبكة الجزيرة التي يتهمونها من غير أدلة، ببث الفُرقة في العالم العربيّ، بل ووصلت طموحات دول الحصار حد المطالبة بإغلاقها.

أبزر حصار قطر اختراقات إعلاميّة عدة وطرقًا غير شرعية في استخدام مواقع التواصل الاجتماعيّ من قبل دول الحصار

كان الاختراق الذي طال وكالة الأنباء القطريّة منذ عام بالضبط واضحًا وبيّنًا، كإشارة إلى استراتيجيّات دول الحصار. ففي أواخر أيار/مايو 2017، اخترقت وكالة الأنباء القطريّة؛ الأمر الذي فسّره عدد من المراقبين بأنّه من جانب  قراصنة روس.  لكن سرعان ما بدأت التقارير التي تكشف تورط السعودية والإمارات تظهر إلى العلن، إذ أكد  تقرير من صحيفة الغارديان في السابع من حزيران/يونيو العام الماضي، تورط دول الحصار في الأمر.

ولاحقًا، كشفت صحيفة واشنطن بوست، من خلال مصادر في الاستخبارات الأمريكية، أن الإمارات متورطة بشكل مباشر في التنسيق للاختراق، وأخيرًا كشف تحقيق أعدته قناة الجزيرة قبل فترة، أن عملية الاختراق حتى لو كانت بتنسيق إماراتي، فقد تمت من خلال أجهزة كانت موجودة في وزارات سيادية سعودية.

الحسابات الآلية.. اللعبة المفضوحة

استمر نهج دول الحصار، خاصة في وسائل التواصل الاجتماعي، وفي تقرير نشرته صحيفة واشنطن بوست، قبل أيام، سلطت الصحيفة الأمريكية الضوء على الحسابات الآلية في تويتر، التي تحاول من خلالها دول الحصار تشكيل رأي عام مزيف ومناهض للدوحة.

وجاء في التقرير أنّ الأزمة التي ضربت مجلس التعاون الخليجيّ أبزرت بشكلٍ واضح اختراقات إعلاميّة عدة وطرقًا غير شرعية في استخدام مواقع التواصل الاجتماعيّ من قبل دول الحصار.

اقرأ/ي أيضًا: الحسابات الآلية عبر تويتر.. سلاح دول الحصار لاختراع رأي عام ضد قطر

ويوضح التقرير، أنه بعيد نشوب الأزمة الخليجية، قام أعداء قطر بتجنيد شركات غربية للمساعدة في شن حملة دعائية على وسائل التواصل الاجتماعيّ. وكانت الحسابات الآلية في تويتر هي مفتاح هذه الاستراتيجيّة، والتي قد تكون على هيئة "لايك" أو "ريتويت" للمحتوى الأصلي بشكل كبير.

أصبحت ظاهرة التلاعب بالهاشتاغ  ذائعة من طرف دول حصار قطر

وتبين دراسة أعدّها مجموعة من الباحثين بجامعة كاليفورنيا، أنّ خمسين مليون حساب من الحسابات الناشطة والفعالة على موقع تويتر هي، في الأصل، ليست سوى بوتات، وتمثّل 15% من الحسابات الناشطة على تويتر.

وبالاستناد إلى ركيزة تحليليّة وعلى أسس معرفيّة قويّة، تشير الدراسة ذاتها إلى أنّ هناك أدلة متزايدة توضح أن كثيرًا من حسابات تويتر إنّما يتم إنشاؤها بواسطة "كيانات مستقلّة"، معروفة باسم الروبوتات الاجتماعيّة.

والحال أنّ ظاهرة التلاعب بالهاشتاغ أضحت ذائعة في دول الحصار بعد اندلاع الأزمة الخليجيّة وذلك لدرجة أن هناك مواقعَ إخباريّةً عالمية وقعت في شِباك التعامل مع هذا التلاعب، ونشرت نتائج هاشتاغات مزيّفة ضد دولة قطر.

ويشير مقالٌ نُشِر على موقع قناة الجزيرة الإنجليزية، إلى أنّ البوتات، في الشرق الأوسط، إنّما تُستخدم لأغراضٍ أكثر شرّاً، وهو الأمر الذي ينتهك شروط استخدام موقع تويتر.

 خمسون مليون حساب من الحسابات الناشطة والفعالة على موقع تويتر هي، في الأصل، ليست سوى بوتات/آلية

ولا يقتصر الأمر على الشرق الأوسط، فإنّ نصف الحسابات الفاعلة في المملكة المتحدة من المحتمل أن تكون بوتات، بما فيها تلك الحسابات التي يصل عدد تغريدها لمئة ألف.

المقامرة بترندات تويتر

تحت هذا العنوان، يقول كاتبا تقرير "واشنطن بوست" إنّ أبحاثهما أظهرت أنّ الأنظمة الخليجيّة قد أعدّت آلاف البوتات أو الحسابات الآلية بطريقة منظمة، من أجل تشكيل إجماع في هذه الفضاءات ضد دولة قطر، ولا تحاول هذه الحسابات الاشتباك مع حسابات أخرى بصورة مباشرة، بل، على العكس من ذلك، تميل إلى التركيز على زيادة مواقف الجمهور العامّ لحسابات شخصيات بارزة. 

ويضيفان أنّ ما يقرب من 90% من التغريدات في الهشتاغات المتعلقة بالأزمة الخليجيّة هي إعادة تغريد حرفيّة لما قد قاله الآخرون سلفًا أصلاً.

اقرأ/ي أيضًا: تويتر والسعودية.. العالم قرية صغيرة بيد الاستبداد

وحسب بحث مارك جونز، المحاضر في تاريخ الخليج وشبه الجزيرة العربية في جامعة إكسيتر البريطانية، يبدو أن كمية كبيرة من الحسابات النشطة على موقع تويتر في الخليج، وفي السعودية تحديدًا، هي حسابات آلية. ويشير بحث جونز إلى أن نصف الحسابات النشطة في المملكة قد تكون حسابات آلية، بما في ذلك شبكات ضخمة.

ولم يقتصر دورالاستخدام الموجه لتويتر من قبل دول الحصار في اختراع رأي عام ضد قطر، إذ أنه وقبل أسابيع من وصول الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى الرياض، تم تنشيط الآلاف من الحسابات في نيسان/أبريل 2017، وبدأت في بث دعاية حول علاقة المزعومة قطر بالإرهاب، وعندما وجه الرئيس الأمريكي خطابًا حول التطرف، كانت هذه الحسابات تستخدم نفس لغة الخطاب لتوجيه الاتهامات إلى الدوحة، فيما بدا أنه نزعة لتشكيل رأي عام، يتزامن مع زيارة المسؤوليين الأمريكيين، وتخطيط مسبق لكل ما أتى لاحقًا من افتراءات على الدوحة وحملات عدائية ضدها.

 

اقرأ/ي أيضًا: 

الاستخبارات الأمريكية: الإمارات وراء اختراق وكالة الأنباء القطرية

مصر والإمارات وغيرهما.. أنظمة عربية تحاصر الإنترنت بتقنيات تجسس أجنبية