14-أبريل-2019

يعيد الفيلم فتح ملف الطائرة المصرية المنكوبة في ظروف غامضة عام 1999 (الجزيرة)

أحاط الغموض بأسباب تحطم طائرة الخطوط الجوية المصرية من طراز بيونغ 767، عقدين من الزمان، حتى بدأت قناة الجزيرة البحث والتحقيق في ألغاز هذه الحادثة التي راح ضحيتها 217 مسافرًا، بينهم 33 عسكريًا مصريًا في العام 1999.

كشف فيلم وثائق بعنوان "لغز الرحلة 990" عن معلومات مثيرة تعرض لأول مرة عن أسباب سقوط الطائرة المصرية عام 1999

وكشف التحقيق الذي أنتجته شركة "نون فيلمز"، ويحمل عنوان "لغز الرحلة 990"، عن معلومات مثيرة، تعرض لأول مرة، حول أسباب سقوط الطائرة بشكل مفاجئ في المحيط الأطلسي، أثناء عودتها من نيويورك إلى القاهرة.

اقرأ/ي أيضًا: أين تكمن المشكلة تحديدًا في طائرات "بوينغ 737 ماكس"؟

بدأ معد البرنامج الاستقصائي العملَ على موضوعه في عام 2014، بعد نشر تشكيك في معلومات التحقيق الأمريكي حول الحادث، والذي أغلق عام 2002، وكذلك إثر حصوله على تسجيلات قمرة قيادة الطائرة المفقودة، مما كشف أن نتائج التحقيقات الأمريكية في الحادثة، أثارت من الأسئلة أكثر مما قدمته من أجوبة بشأن السبب الحقيقي للسقوط، خاصة أن شهود العيان نفوا رؤيتهم لأي صواريخ أو مقاتلات استهدفت الطائرة.

ولفك ألغاز هذه الحادثة، اضطر فريق التحقيق إلى العمل لنحو ثلاثة أعوام متواصلة، والتنقل بين الولايات المتحدة وبريطانيا ومصر، والتواصل مع خبراء ومسؤولين رفيعي المستوى، وتتبع الأدلة والقرائن، والعمل على تحليل صوت محادثات طاقم قمرة القيادة في الطائرة المصرية المنكوبة، وكل ذلك في سبيل الوصول إلى صورة واضحة حول ما حدث، لاسيما أن حكومتي مصر في عهد مبارك، والولايات المتحدة، عمدتا إلى طي صفحات هذا الملف الشائك، وإغلاقهِ حفاظًا، فيما يبدو، على بعض المصالح، كما يشير بعض ضيوف يكشف التحقيق.

الصندوق الأسود للطائرة المنكوبة

بث التحقيق على قناة الجزيرة في السابع من نيسان/أبريل الجاري، ضمن حلقات برنامج "الصندوق الأسود"، عارضًا وثائق سرية وتسجلات صوتية حصرية لطاقم قمرة القيادة، ومقابلات نادرة مع شاهد عيان، وخبراء من مصر وبريطانيا وأمريكا، علاوة على فتح سجلات المحاكم الخاصة بضحايا الطائرة المنكوبة.

تفكيك الرواية الأمريكية

يذهب الفيلم إلى فضاء أوسع في البحث والتقصي من حدود "التقرير الرسمي الأمريكي"، عبر تتبع كافة خيوط مأساة "الرحلة 990"، ليلتقط تفاصيل دقيقة تتعلق بتوافق أمريكي مصري، آنذاك، على نفي وجود خلل تقني، من شأنهِ أن يلحق الضرر بالشركة المنتجة للطائرة بيونغ 767.

يُفند الفيلم الرواية الأمريكية التي سعت لتحميل مساعد الطيار، جميل البطوطي، مسؤولية الكارثة بتعمدهِ إسقاط الطائرة، إذ يوجه فريق العمل أسئلة ناقدة ومباشرة لمسؤول التحقيق الأمريكي، الذي تملص بدوره في بعض إجاباته، مكتفيًا بإحالة "كل الحقائق" إلى ما ورد في تقرير "المجلس الوطني الأمريكي لسلامة النقل".

ولا يكتفي فيلم "لغز الرحلة 990" بتفكيك رواية "المجلس الوطني"، بل ويظهر تناقضه مع رأي مكتب التحقيقات الفدرالية الأمريكية (FBI)، الذي يعتقد أن لا شبهة "جنائية" وراء سقوط الطائرة، ما ينفي فرضية انتحار "البطوطي" أو تعمدهِ إسقاط الطائرة.

ويجيب الفيلم على تساؤلات وفرضيات لطالما بقيت عالقة دون إجابة طوال 20 عامًا من سقوط وتحطم "بيونغ 767"، ومن ذلك؛ شكوك الرأي العام المصري باستهداف الطائرة من خلال صاروخ أمريكي موجه لتصفية 33 عسكريًا مصريًا كانوا على متنها، ودوافع القاهرة في عهد مبارك للتراخي في التعامل مع الحادثة، وأسباب تبديل المناوبة بين الطياريين ليستلم البطوطي مسؤولية قيادة الطائرة، حيث جاء هذا التغيير قبيل السقوط بدقائق.

وفي كانون الثاني/يناير 2014، أقرت إدارة الطيران المدني الفدرالية في أمريكا، بوجود خلل في ذيل الطيارة، وبذلك خلصت إلى ما يعتقد الخبراء أنه كان سبب سقوط الطائرة المصرية، وهو ما يؤكد وفق هؤلاء الخبراء أن البطوطي لم يسقط الطائرة وإنما حاول إنقاذها، وأنه لا شيء سيُظهر الحقيقة سوى فتح التحقيق مجددًا في الحادثة.

المعالجة الفنية

استطاع الفيلم عبر مادته البصرية الغنية بالتفاصيل، وسرديته المتجانسة، واعتمادًا على تقنية "محاكاة الطيران"، أن ينسجَ حكاية الرحلة الكارثية الأخيرة لـ"بيونغ 767"، من خلال خيط رئيسي يبدأ في إشعار المشاهد أنه في "قمرة القيادة"، ويعيش اللحظة أولًا بأول، مستمعًا إلى محادثات البطوطي مع زملائهِ التي عرض منها 37 ثانية، إلى أن ينقطع الصوت بعدما هوت الطائرة بظروفٍ غامضة في المحيط الأطلسي.

شكل الاعتماد على "محاكاة الطيران"، والغرافيك أحيانًا، أسلوبًا في إخراج الفيلم، الذي تمكن عبر هذه التقنية، من تعويض الفاقد البصري المتمثل في الطائرة المنكوبة، ومسار الرحلة 990، إذ تم توظيف ذلك في سياق الفيلم الذي يحمل سمات التقصي والتتبع بصفتهِ وثائقيًا استقصائيًا.

لا يكتفي "لغز الرحلة 990" بتفكيك الرواية الأمريكية حول الحادثة، بل يظهر تناقضه مع التحقيقات التي تقول بعدم وجود شبهة جنائية

يذكر أن شركة "نون فيلمز"، المختصة في الإنتاج الوثائقي، سبق أن أنتجت فيلمًا وثائقيًا استقصائيًا حمل عنوان "الرحلة 1103"، والذي بحث سِر تحطم الطائرة التابعة للخطوط الجوية الليبية عام 1992 في منطقة سيدي السايح في مدينة طرابلس، وقد حصد الفيلم جائزة البكرة الذهبية بمهرجان كندا للأفلام في العام 2014.

 

اقرأ/ي أيضًا:

"حوارات مع قاتل": نتفليكس تحّذرك من مشاهدة هذا الوثائقي بمفردك!

5 أفلام وثائقية عن شخصيات منسية في تاريخ الصراعات العسكرية