27-سبتمبر-2023
لبنان والفراغ الرئاسي

من المنتظر أن يصل لودريان في غضون أسابيع قليلة إلى بيروت في جولة هي الرابعة له (Getty)

سقطت مبادرة رئيس مجلس النواب اللبناني نبيه بري للحوار بين الفرقاء اللبنانيين ينهي أزمة الشغور الرئاسي المستمر منذ نحو 11 شهرًا، وكانت مبادرة بري قد حظيت بدعم وإشادة من المبعوث الفرنسي إلى لبنان جان إيف لودريان، لكن بري أعلن أمس الثلاثاء وضع حد لمبادرته بعد رفض التجاوب معها. 

وبهذه المناسبة دعا المبعوث الفرنسي فرقاء الأزمة والمسؤولين اللبنانيين إلى إيجاد خيار ثالث لحل معضلة الشغور الرئاسي، واقترح لودريان أن يكون الخيار الثالث الدخول في "مرحلة مشاورات مقتضبة" يليها اجتماع فوري ومفتوح للبرلمان حتى انتخاب رئيس جديد، مشيرًا إلى أن صبر الدول الخمس -فرنسا والسعودية ومصر والولايات المتحدة وقطر- التي تتابع الملف اللبناني بدأ في النفاد، متسائلًا في ذات السياق عن جدوى استمرار تمويلها للبنان. وفهم من هذه الإشارة تلويح المبعوث الفرنسي بسياسة العصا لفرقاء الأزمة في حال لم يستجيبوا لمقترح "الخيار الثالث".

أعلن رئيس مجلس النواب اللبناني نبيه خلال مقابلة عن طي صفحة مبادرته لحل الأزمة

ذوبان مبادرة برّي 

أعلن رئيس مجلس النواب اللبناني نبيه خلال مقابلة مع صحيفة الجمهورية عن طي صفحة مبادرته لحل الأزمة، قائلًا: "لقد أديتُ قسطي للعُلى، وطرحت مبادرة الحوار، ورفضوها، ولم يعد لديّ شيء، وليتفضّل من رفضوها أن يقدّموا لنا بديلًا عنها، فهل يملكونه؟".

وزعم بري أنه فتح من خلال مبادرته "باب الحل الرئاسي، وحدّد طريق الخلاص فأقفلوه"، وأعرب بري في ذات السياق عن "خشيته من أن هناك من لا يريد انتخاب رئيس للجمهورية، بل وأكثر من ذلك، لا يريد للأزمة أن تنتهي"، على حدّ تعبيره.

كما قال بري إنه من "المؤسف أن هناك من يتعمّد قطع كل طرق الحلّ الداخلي، وإن بقينا على هذا المنوال، فلا أرى في الأفق أي انفراجات".

وكانت مبادرة بري التي أعلن عنها نهاية شهر آب/أغسطس المنصرم تدعو إلى حوار في أيلول/سبتمبر الجاري لمدة سبعة أيام، ثم الذهاب إلى جلسات متتالية لانتخاب رئيس للجمهورية.

لكنّ القوى المعارضة لحزب الله اللبناني وحلفه السياسي، لم تستجب لتلك الدعوة، حيث اعتبرها حزب القوات اللبنانية برئاسة سمير جعجع، وحزب الكتائب اللبنانية برئاسة سامي الجميل، ونواب من قوى التغيير ومستقلين، غير دستورية، وتهدف إلى المناورة، في ظلّ تمسكّ بري والحزب بمرشحهما سليمان فرنجية لرئاسة الجمهورية، ورفضهما البحث بأي اسم آخر.

وفي هذا الصدد، قال رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع، أمس الثلاثاء معلقًا على تصريحات بري: "لا لم تؤد بعد قسطك للعُلى"، معتبرًا، في بيان، أنّ الحوار الذي دعا إليه بري هو "إمعان في مزيد من إضاعة الوقت، واستمرار الشغور الرئاسي، كما أن تحويل الحوار إلى ممرّ إلزامي للانتخاب يشكّل انقلابًا على الدستور"، على حدِّ تعبيره.

وفي سياق متصل، قال جبران باسيل بعد لقائه مفتي الجمهورية اللبنانية عبد اللطيف دريان، أمس الثلاثاء، إنّ "لا حلّ لموضوع الرئاسة إلا بالتفاهم والشراكة المتوازنة، وهذا ما يتطلّب بطبيعة الحال حوارًا ونحن لم نكن يومًا إلّا مع الحوار، لكن نعرف أن الحوار يجب أن يكون مجديًا".

وأضاف: "أكدنا للمفتي وتوافقنا معه على أن للحوار ظروفًا، كي لا نقول شروطًا حتى ينجح، ومنها (...) تشاور ثنائي وثلاثي وأيضًا جماعي للوصول إلى انتخاب رئيس وفق خطوط عريضة متفق عليها بين اللبنانيين".

getty

مقترح لودريان بالخيار الثالث

كشف لودريان عن مقترح الخيار الثالث في مقابلة أجراها مع وكالة الأنباء الفرنسية، ويبدو أن لودريان الذي بدأ مهمته منذ نحو 3 أشهر، توصل إلى قناعة سقوط الخيارين المطروحين من طرف حزب الله وحلفه ومعارضتهم، حيث أكد في تصريحاته الجديدة أنه "من المهم أن تضع الأطراف السياسية حدا للأزمة التي لا تطاق بالنسبة إلى اللبنانيين وأن تحاول إيجاد حل وسط عبر خيار ثالث". وأوضح لودريان أن ليس بإمكان أي منهما الفوز، ولا يمكن لأي من الخيارين أن ينجح".

وأضاف لودريان أنّ "المؤشرات الحيوية للدولة اللبنانية تشي بأنها في دائرة الخطر الشديد"، نظرًا للوضع الاقتصادي المتدهور منذ أربعة أعوام.

وتقضي مبادرة الخيار الثالث بالشروع في مشاورات مقتضبة يليها اجتماع فوري ومفتوح للبرلمان لحين انتخاب رئيس، لكنها تقضي أيضًا بطرح شخصية ثالثة غير الشخصيتين المطروحتين من طرف حزب الله وحلفه ومعارضتهم وهما سليمان فرنجية وجهاد أزعور، ويطرح اسم قائد الجيش العماد جوزيف عون كمرشح بديل توافقي غير محسوب مباشرة على أي فريق سياسي. 

ويحظى هذا الخيار، حسب مصادر متعددة، بثقة أطراف دولية.

تقضي مبادرة الخيار الثالث بالشروع في مشاورات مقتضبة يليها اجتماع فوري ومفتوح للبرلمان لحين انتخاب رئيس

وردًا على سؤال حول طرح اسم ثالث رفض لورديان تسمية أي مرشح، مؤكدًا أنه ليس إلّا "وسيطًا"، وأن الأمر متروك للبنانيين لإبرام تسوية، قائلًا: "أجريت مشاورات أظهرت أن أولويات الأطراف الفاعلة يمكن بسهولة أن تكون موضوع توافق".

ومن المنتظر أن يصل لودريان في غضون أسابيع قليلة إلى بيروت في جولة هي الرابعة له منذ توليه مهمة المبعوث الخاص للرئيس الفرنسي إلى لبنان.