31-مارس-2017

كاشيا هيلدبراند/ باكستان

القهوة في طقم الفناجين المعرّق
لها مذاق الأوركيد وقت يتفجر من بُطُون الغصون
ويتكور على حوائط الفناجين
وحين تزول بعض أوراقه
من فعل التنظيف المتكرّر
يصير للقهوة طعم الجرح المفتوح
كانت هذه، على سذاجتها، أولى تجاربك 
بعد أن خط الزغب الخفيف شفتكَ العليا
بعدها
صار بودك كلما مددت يدك لتواسي ظلّكَ
أن لا ترتطم بظلال الآخرين 
لا لشيء إلا لأنك 
متى ما تجاوزتهم
سيكون ظلّك قد رحل
وحين اشتد ساعدك قليلًا
أدركت أن الجثث التي دفنتها تحت جلدك
لأنك لم تستطع أن تتخلص منها 
قد تورثك عفنًا مؤقتًا
لكنَّ جسدك مع الوقت سيزهر
وحين شبت قليلًا
عرفت أن لا صورة كاملة
وأن الخطوط البيضاء في الصور المهترئة 
ضرورة لاكتمال المعنى
هكذا يكون الزمن حاضرًا رغم موته
وحين شبْتَ أكثر
وصرت تستعير أفواه الآخرين لتتكلم
لأنك تحس أن أصواتهم تشبهك
لم تعد تعنيك شكواهم من مرارة طفيفة
بعد كل مرة تعيدها إليهم
وفي جنازة أمك
تسلل إلى مخيلتك فرح خجول
وقد لمحت شجرة مشمش على حافة المقبرة
منذ الليلة ستصير أمك مشمشة
وفي طريق عودتك من المقبرة إلى البيت
رحت تحسب المسافة المُحتملة 
بين أقرب أطراف الجذور
وأطراف شعر أمك
إذ كان الزمن الذي ستستغرقه أمك لتشعر بالوحدة
يساوي تقريبًا زمن اعتياد السرير على الخفة الطارئة 
إذًا.. 
اللعنة
عدْ مسرعًا من حيث جئت
مدَّ جسدك بين القبر وبين الشجرة
لا تتحرك 
أفهمتَ الآن صلاة أمك 
"ولا تدخلنا في التجارب"؟

 

اقرأ/ي أيضًا:

ثلاثة أيام من الحرب

قهوة بطعم أسود