23-سبتمبر-2020

لوحة لـ فرانز كلاين/ أمريكا

ما هو إلّا آدميّ شقيّ

سمّوه بين النّاس بالشاعر

  • علي محمود طه

 

لا تكن شاعرًا

إنني أسحب نصيحتي السابقة

هل قلتُ مِن قبل كن شاعرًا؟

 

أوه، لا بد أنني كنت أمزح

أتعرفُ ما معنى أن تكون شاعرًا؟

 

إن اللمسة التي سوف تعبرك

لن تستطيع أن تمر بهدوء

فيكَ، عليكَ، منكَ

ستصنعُ منها قصيدة

بل قصائد كثيرة، مُتكاثرة.

 

الرجفةُ

لن تكون مجرد رجفة،

يزولُ حضورها بالسكونِ،

إنها دائمة

تنبثقُ فيك

تنبض

تتدفق

شئت أم أبيت.

حين تكون شاعرًا

الصورة لن تراها بعينك التي

تحملها في وجهك؛

لك عين خفيّة

في مكان ما خفيّ قصيّ فيك!

في يدكَ، مدفونة في قاع قدمك،

أو في الندبة المخبّئة

بعنايةٍ خلف القميص

في الجلدِ، أو أسفله

أو أسفل أسفله.

 

قد تقف أمام لوحة الغروب

في معرضٍ زرتهُ

وترى حجم الشمس المرسومة

وألوان الغروب على قماش اللوحة

لكنك لن تستطيع قول:

الغروب.

ستقول قصيدة طويلة

لن تجد آخر سطر لها

مطلقًا.

ستتمدد العبارات

لن تنكمش

لن تتوقف الكلمات

لن تجد النهاية.

 

في المنتصف تدور

البداية تجذبك

تشدّك

النهاية تناديك

بين جذبٍ وشدّ

لا تكن شاعرًا

أرجوك.

 

مواء القطة السوداء

خلف نافذتك

قصيدة.

 

الحصاة في الشارع

قصيدة.

 

الصحن المكسور في المطبخ

قصيدة.

 

الأشياء كل الأشياء

قصائد طويلة

لا نهاية لها.

 

الذبابة الطائرة، فوق رأسك

قصيدة.

 

أثوابك المشنوقة في الخزانة

قصيدة وجودك.

 

لا تكن شاعرًا

سترهقك الصور

ستتمدد الكلمات

لن تستطيع الإمساك بها

ستحلم يومًا بأن تقول وأنت تمر بعد عودتك

من عملك، ماشيًا، متثاقلًا تحملُ تعبك

بجانب سلة نفايات موضوعة عند ملعب كرة قدم للصغار

فيمَ وقع نظرك على الحاوية:

كرةُ قدمٍ مثقوبة.

وتنتهي الجملة

ولكنك لن تستطيع وضع النقطة

تتمدد الكلمات

تتكاثر، تتوالدُ

تُمسك بالنقطة بقوة

في يدكَ

ستضعها الآن

ولكن، لا

القصيدة طويلة

لا مكان للنقطة في حياة الشاعر

لا تكن شاعرًا.

 

اقرأ/ي أيضًا:

أيا طائر الشِّعر

مملكةُ النمل