08-يوليو-2018

يرابط مئات آلاف النازحين السوريين عند الحدود الأردنية، والأبواب موصدة في وجوههم (خليل مزراوي/ أ.ف.ب)

في الوجه الكالح للمأساة السورية، يتكشف يومًا بعد يوم عمق الإفلاس الأخلاقي الذي يعانيه حكام المنطقة العربية بشكل خاص في تعاطيهم مع جموع المهجرين قسرًا من أراضيهم، تحت لهيب ظلم الأقربين وتواطؤ الأبعدين، ويتجلى انكشاف هذا الإفلاس بمستوى القرب والبعد الجغرافي من منافذ وبوابات العبور.

تكشف المأساة السورية يومًا بعد يوم عمق الإفلاس الأخلاقي للحكام العرب في تعاطيهم مع جموع المهجرين قسرًا

محرقة درعا المستمرة منذ أيام، بدت كاشفة أكثر للجوار العربي لسوريا، حيث يرابط منذ أيام مئات آلاف النازحين عند الحدود الأردنية، والأبواب موصدة في وجوههم، بحجة أن الأردن استوعب حصته وأكثر منها، ولسان حال مسؤوليه: "ارجعوا من حيث أتيتم ولتحترقوا بجرمكم".

اقرأ/ي أيضًا: درعا تقاتل وحدها.. رهان نظام الأسد على مرتزقة الإمارات

ما يثير الشفقة والحنق في آن واحد، هي تصريحات المسؤولين وتوعدهم لهؤلاء العُزّل، بأن البوابات ستبقى مغلقة في وجوههم، وأن قوات الأمن "الباسلة"، ستقوم باللازم من أجل حماية الحدود، وأن البلاد تحملت في فوق طاقتها وليس بوسعها الاستزادة! وكأن القوم مختارون في لجوئهم، أو هم أمام مجموعة خيارات لا تحكمها الضرورة وأحكامها الخاصة؛ في مشهد يكسر كل القيم الإنسانية.

تجدر الإشارة هنا إلى أنّ الأردن يواصل إغلاق حدوده أمام السوريين منذ العام 2016، بعد وصول أعدادهم إلى حوالي 655 ألفًا، يعيش أكثر من 65 ألفًا منهم تحت خط الفقر المدقع، إلا أن أوضاعهم، للأمانة، أحسن حالًا من وضع آخرين في دول أخرى من الجوار السوري.

غير بعيد من الأردن هناك في الجارة لبنان قرابة 900 ألف لاجئ يطحن أغلبهم سوء الأوضاع في المخيمات وشح المساعدات، بينما تطحن الباقين سياسات تتهم فيها هيئات حكومية بمحاولة الترحيل القسري من البلاد. 

كل ذلك في وقت يتعرضون فيه بشكل عام لعنصرية، وحرب من بعض وسائل الإعلامية المحلية، ليس آخرها تلك الأغنية الساخرة "يا عيني عا السورية.. نحن صرنا المغتربين وهن صاروا الأكثرية"، والتي تقدم صورة عن المستوى الأخلاقي الذي وصل إليه  التعاطف العربي مع مأساة كانوا جزءًا من صناعتها ولو بشكل من الأشكال، خاصة فيما يتعلق بلبنان وطن حزب الله.

ورغم كل هذا المن والأذى الذي يعاني منه إخواننا السوريون من دول جوارهم العربي –إلا من رحم ربك- يقدم قادة هذه الدول أنفسهم رعاة لهؤلاء اللاجئين أمام العالم، وأمام مؤتمرات المانحين البخلاء من أجل الاستجداء بقضيتهم وجمع المساعدات لصالحها دون أن يخجلوا من أنفسهم، أو يكون لهم من شعوبهم رادع.

يزداد وقع السخرية ألمًا حين تدرك أن رقم لبنان والأردن من اللاجئين السوريين لا يمثل سوى ثلثي الرقم الذي تؤويه تركيا غير العربية

ومن المثير للسخرية أنهم يحدثونك بعد كل ذلك عن الوطن العربي والوحدة العربية، وكل تلك الشعارات الفارغة، بعد كل هذا الانكشاف الفاضح، لكن وقع السخرية يزداد حينما تدرك أن رقم الدولتين من اللاجئين لا يمثل سوى ثلثي الرقم الذي تؤويه تركيا "غير العربية"، وتوفر لأغلبهم كل متطلبات العيش الكريم من تعليم وصحة وغيرها.

 

اقرأ/ي أيضًا:

مأساة اللاجئين السوريين.. هل نشهد "عرسال" جديدة في مخيم الركبان بالأردن؟

فوبيا اللاجئين السوريين في لبنان.. عنصرية من الوزير قبل المواطن