24-أكتوبر-2015

تلميذات في حرستا في ريف دمشق(لؤي بشارة/أ.ف.ب)

تشكو زبيدة، تلميذة الثانوية العامة في إحدى قرى درعا من "عدم وجود مدرسين مختصين في المواد العلمية التي تتلقاها وخاصة في الرياضيات"، وتعبر عن قلقها من هذه الحالة "التي تواجه الكثير من المدن والقرى المحاصرة بسبب الهجرة أو الموت أو الالتحاق بالجيش لخريجي الجامعات"، الذين كان من المفترض أن يقوموا بتدريس هذا الجيل.

لا يشتكي الأهالي عادة من نقص الأساتذة أو تردي المستوى التعليمي وذلك لأن الطلاب ينجحون بسهولة بسبب عمليات الغش، التي صارت علنية، خاصة في الشهادات الرسمية كالشهادة الإعدادية والشهادة الثانوية، حسب تصريحات ماريا، أستاذة بإحدى مدارس مدينة صحنايا جنوب دمشق، والتي يسيطر عليها النظام وتقطنها أغلبية مسيحية ودرزية. وتؤكد ماريا لـ"ألترا صوت": أن "المناطق التي ينزح إليها السوريون بسبب وضعها الأمني الجيد نسبيًا تعرف فائضًا في عدد الأساتذة القادرين على تدريس طلاب الابتدائية والإعدادية".

لا يشتكي الأهالي عادة من نقص الأساتذة أو تردي المستوى لأن الطلاب ينجحون بسهولة بسبب استشراء الغش في مدارس سوريا

أما إلهام يوسف، طالبة الماجستير في كلية العلوم والتي اضطرت للهجرة مع زوجها إلى تركيا، فترى أن "معظم الخريجين يهاجرون من سوريا كي لا يتم إجبارهم على الخدمة في الجيش النظامي"، وهذا ما حدث مع زوجها عندما حصل على البكالوريوس، فاضطرت إلى التخلي عن شهادة الماجستير، التي انطلقت في دراستها، وهاجرت حفاظًا على حياة زوجها.

خسرت إلهام أخاها المدرس الذي قتل على يد النظام، واعتقل أحد أقاربها بسبب نشاطه السياسي في الجامعة. تضيف إلهام لـ"ألترا صوت": "النقص الحاصل في بعض المناطق يمكن تفسيره بأن أغلب شباب تلك المناطق الساخنة قد اعتقلوا أو قتلوا، إلا من استطاع الفرار للعمل مع اللاجئين في دول الجوار السوري، والقليل منهم التحق بالقوات المعارضة".

يقول أحد أساتذة كلية العلوم، وقد رفض الكشف عن اسمه، إنه "لا يوجد نقص في أعداد الأساتذة المختصين، بل الإشكال الحقيقي في توزعهم الجغرافي، فالكثير من خريجي جامعة دمشق، كان من المفترض أن يقوموا بالتدريس في المناطق النائية لكن لا يمكن الوصول إليها الآن بأي حالٍ من الأحوال".

يهاجر الخريجون الجامعيون من سوريا لكي لا يتم إجبارهم على الخدمة في جيش النظام

أما جمال الشحود، مدير التربية والتعليم في الحكومة السورية المؤقتة والموجود في إدلب، فيقول إن "تلاميذ المدارس هم الأكثر تضررًا من هجرة الخريجين والمدرسين ذوي الخبرة والذين كانت مناطق الشمال بحاجتهم إلا أن الحكومة لم تستطع دفع أجورهم فهاجروا".

ولا يتحصل الأساتذة في المناطق الخارجة عن سيطرة النظام على أجر كما أنهم لم يحصلوا خلال ثلاث سنوات إلا على منحة واحدة بقيمة عشرة آلاف ليرة سورية أي حوالي ثلاثة وثلاثين دولار، فيما يتحصل الأستاذ في مدارس النظام السوري على راتب يتراوح بين خمسة وعشرين إلى أربعين ألف ليرة سورية، حسب الشحود.

وإثر النقص الواضح في عدد الأساتذة في مناطق النزاع، كان التوجه نحو إعداد مدرسين أكفاء لتدريس التلاميذ وتم الاعتماد أساسًا على خريجي الجامعات أو المنقطعين عن الدراسة الجامعية بعد أن قضوا سنتين أو ثلاث في التعليم الجامعي. ويهدف معهد إعداد المدرسين إلى أن يتخرج أربعمائة مدرس كل عام في مختلف التخصصات.

هجرة خريجي الجامعات واعتقال العديد منهم، ومقتل آخرين، أو نزوحهم، إضافة إلى التحاق بعضهم بالثورة المسلحة أو إجبارهم على الانضمام للجيش النظامي، كلها أسباب تفسر قلة الأساتذة في بعض المناطق السورية وتردي المستوى وقد يكون لها انعكاسات خطيرة على الجيل القادم والذي لا يجد الآن أي رعاية كافية ليصبح مؤهلًا أكاديميًا وعمليًا.

اقرأ/ي أيضًا: 

مستوى الجامعات السورية بعد الحرب.. إلى أين؟

فوضى في مدارس الحسكة وتوقف العملية التعليمية