11-مايو-2021

تشهد الهند كارثة صحية مستمرة (رويترز)

ارتفع معدل الإصابات المسجلة بفيروس كورونا الجديد في الهند إلى حوالي 23 مليون إصابة بحلول يوم الثلاثاء، ووفقًا للإحصائيات الرسمية المسجلة على المستوى العالمي، فإن معدل الإصابة اليومي تجاوز 409 آلاف إصابة، فضلًا عن تسجيل أكثر من أربعة آلاف حالة وفاة، ليرتفع عدد حالات الوفاة حتى لحظة إعداد التقرير إلى ما يزيد على 250 ألف حالة وفاة.

ارتفع معدل الإصابات المسجلة بفيروس كورونا الجديد في الهند إلى حوالي 23 مليون إصابة بحلول يوم الثلاثاء، ووفقًا للإحصائيات الرسمية المسجلة على المستوى العالمي

تجدد الانتقادات لحكومة مودي بسبب أزمة كورونا

تسلط الأرقام السابقة الضوء على تحول الهند إلى بؤرة مع انتشار السلالة الهندية المتحوّرة من الفيروس التاجي، وسط تضارب التقديرات بشأن دخول الهند ذروة الموجة الثانية من انتشار الجائحة العالمية.

اقرأ/ي أيضًا: أكثر من 4000 وفاة كورونا في الهند خلال 24 ساعة

عند البحث عن الأسباب التي أدخلت الهند في هذه الأزمة الصحية التي تزداد سوءًا يومًا بعد يوم، يمكن العودة إلى أحدث تصريحات المعارضة الهندية التي جاءت على لسان الرئيسة المؤقتة لحزب المؤتمر الهندي المعارض، سونيا غاندي، التي اتهمت بشكل مباشر رئيس الحكومة الهندية ناريندرا مودي، وهو زعيم حزب بهاراتيا جاناتا اليميني المتطرف الحاكم في البلاد، بالوقوف وراء الأزمة الصحية التي تشهدها الهند.

 وأشارت غاندي إلى أن الهند تعاني اليوم من "شلل في القيادة" بسبب السياسات التي انتهجتها حكومة مودي، متهمةً الحكومة اليمينية بتجاهل نصائح الأطباء المرتبطة بزيادة الواردات من عبوات الأوكسجين وأجهزة التنفس الاصطناعي، وأضافت مؤكدة على أن سياسة تطعيم اللقاح التي بدأتها حكومة مودي استبعدت ملايين الأشخاص من الأقليات الدينية، بالإضافة للفئات الفقيرة والمهمشة، وكذلك فئة الشباب.

وجاءت اتهامات زعيمة المعارضة الهندية لحكومة مودي المرتبطة بسوء إدارة أزمة الجائحة العالمية، برفقة تصريحات موازية أطلقتها كبيرة العلماء في منظمة الصحة العالمية سوميا سواميناثان حمّلت فيها الحكومة الهندية مسؤولية الزيادة الهائلة في أعداد الإصابات بفيروس كورونا في الهند، محذرةً من صعوبة إيقاف الوباء، فقد أشارت في هذا الشأن إلى أن "الوباء يتفشى بين آلاف الأشخاص ويتضاعف بوتيرة تجعل من الصعب للغاية إيقافه".

ما هي السلالة المتحوّرة التي تهدد النظام الصحي في الهند؟

تواجه الهند أزمة صحية قد تؤدي إلى إطالة أمد الوباء وفقًا لما نقلت صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية عن خبراء طبيين من الهند، وذلك بعد انتشار السلالة المتحوّرة المزدوجة في ثاني أكبر بلد في العالم منذ تشرين الأول/أكتوبر الماضي، وتقول منظمة الصحة العالمية إن التطعيم لوحده لن يكون كافيًا لاستعادة السيطرة على الوضع المتفاقم سوءًا، وهو ما يتوافق مع تصريحات الدكتور مايكل دايموند، اختصاصي المناعة الفيروسية الذي أشار إلى أنه كلما طال انتشار الفيروس، كلما زاد التحور، مما قد يهدد الأشخاص الذين تم تلقيحهم في نهاية الأمر.

وتُصنف السلالة المكتشفة في الهند من سلالة اسمها بي 1.617 على أنها "متحوّرة مزدوجة" نظرًا لحملها طفرتين مقلقتين على مستوى بروتين السنبلة "الشوكة" لفيروس كورونا، والاسم العلمي له سارس كوف-2، وفيما تعرف الطفرة الأولى باسم E484Q، ويشتبه بأنها قد تتسبب بخفض فعالية اللقاح مع زيادة خطر الإصابة مرة أخرى بالفيروس، فإن الطفرة الثانية التي تم رصدها في ولاية كاليفورنيا الأمريكية يطلق عليها L452R، قد تكون قادرة على إحداث زيادة في انتقال العدوى، وهي المرة الأولى التي تُرصد فيها الطفرتان معًا على شكل سلالة متحوّلة منتشرة على نطاق واسع.

نقص في المعدات الطبية يزيد من مخاطر تفاقم الأزمة الصحية

غالبية التقارير الغربية مدفوعة بتصريحات مسؤولي منظمة الصحة العالمية وخبراء الصحة في الهند حمّلوا حكومة مودي الهندية مسؤولية تردي الأوضاع الصحية في البلد الآسيوي الذي يبلغ عدد سكانه 1.3 مليار نسمة، فقد أكد خبراء هنود من فريق المستشارين العلميين أن الحكومة الهندية تجاهلت تحذيراتهم حول نشأة سلالة متحوّلة من الفيروس ستكون أكثر عدوى وانتشارًا في البلاد، حيث اتجهت حكومة مودي بدلًا من ذلك لاستبعاد فرض قيود كبيرة لوقف تفشي الفيروس.

إلى جانب ذلك فإن النظام الصحي في الهند غير مهيأ أساسًا لمواجهة أي أزمة صحية، إذ أنه على الرغم من المساعدات الطبية الدولية التي وصلت إلى الهند مؤخرًا، فإن التقارير لا تزال تتحدث عن وجود نقص كبير في أسرّة المستشفيات والأدوية وعبوات الأوكسجين.

من جهتها أرجعت الكاتبة أوما إس كامبهباتي الأسباب التي أدت إلى الأزمة الصحية الناجمة عن الموجة الثانية من الفيروس إلى عدم تشديد الحكومة الهندية على صحة الأرقام الخاصة ببيانات عدد الإصابات، فضلًا عن إنكارها للأرقام الحقيقة، مشيرةً إلى أن ذلك سيكون له أثر سلبي على الاقتصاد العالمي، حيثُ تصنف الهند على أنها خامس أكبر اقتصاد على مستوى العالم، وثالث أكبر دولة في صناعة الأدوية، من ضمنها إنتاج 70 بالمائة من اللقاحات على مستوى العالم.

هل تؤدي أزمة كورونا إلى استقالة حكومة مودي؟

الآن بعد هذا العرض المختصر للأزمة الصحية التي تواجهها الهند لا بد لنا من البحث عن الأسباب التي أوصلت البلاد إلى هذا الحد من خطورة الوباء التي ستكون لها تداعيات كبيرة على المستوى العالمي. ترجع التقارير ذلك إلى مجموعة من العوامل مرتبطة بسوء إدارة حكومة مودي التي لم تتخذ التدابير اللازمة لمكافحة انتشار السلالة المتحوّرة من الفيروس، بعدما سمحت بتنظيم المهرجانات الدينية العامة، والتجمعات الانتخابية الضخمة، في مقابل تسجيل نقص في الأسرة وحالات الفحص وعبوات الأوكسجين التي يكافح سكان الهند للحصول عليها.

فقد أرجع خبراء الصحة أزمة تفشي الفيروس في الهند إلى المسيرات والتجمعات الانتخابية التي سمحت بها حكومة مودي خلال شهر نيسان/أبريل الماضي، كما الحال مع الحشد الجماهيري الذي نظمه الحزب الحاكم للانتخابات التي أجريت على مستوى الولايات في ست ولايات هندية، بما فيها ولاية البنغال الغربية ذات الأغلبية الهندوسية، في وقت كانت تشهد فيه البلاد تسجيل أكثر مائتي ألف إصابة يوميًا على المستوى الوطني.

وزاد من تفاقم الأزمة الصحية في البلاد سماح الحكومة الهندية بتنظيم مهرجان هندو كومبه ميلا الخاص بالديانة الهندوسية، وهو أكبر تجمع للحجاج على مستوى العالم، حيثُ توافد مئات الآلاف من الهنود إلى نهر الغانج للاستحمام وفقًا للمعتقدات الهندوسية، بسبب الاعتقاد السائد بأن الغطس في نهر الغانج المقدس يطهرهم من خطاياهم ويوفر لهم الخلاص، وأظهرت عديد المقاطع المصورة استحمام عشرات الآلاف من الهنود في نهر الغانج في وقت واحد بدون مراعاة تدابير التباعد الاجتماعي.

وبحسب ما نقلت مجلة فورين بوليسي الأمريكية فإن الحكومة الهندية سمحت بتنظيم مهرجان كومبه ميلا الذي يعقد كل 12 سنة قبل موعده بعام احترامًا للكهنة الهندوس الذين أصدروا مرسومًا بأن عام 2021 يمثل عامًا سعيدًا لعقد المهرجان، مشيرة إلى تسجيل غطس نحو ثلاثة ملايين حاج هندوسي في نهر الغانج يوم 12 نيسان/أبريل الماضي، وأضافت بأنه بعد خمسة أيام من التاريخ السابق تجاوزت الإصابات حاجز 230 ألف إصابة.

وكان الهدف من وراء سماح الحزب الحاكم بتنظيم أكبر احتفال ديني على مستوى العالم المحافظة على قاعدته الشعبية من أجل الفوز بالانتخابات التي نظمت نهاية نيسان/أبريل الماضي، لكن نتائج الانتخابات جاءت عكس توقعات حزب بهاراتيا جاناتا، بعدما سجلت خسارته لولاية البنغال الغربية أمام رئيسة وزراء الولاية الحالية، ماماتا بانيرجي، بالإضافة لخسارته ولايتين جنوبيتين هما تاميل نادو وكيرالا.

وجاءت هزيمة مودي في ولاية البنغال الغربية التي لم يحكمها حزب بهاراتيا جاناتا بزعامة مودي، على الرغم من الجهود التي بذلها الزعيم اليميني خلال الحملة الانتخابية التي تولى قيادتها بنفسه، حيثُ عمل لتعزيز حضوره بين أنصاره البنغاليين، فضلًا عن وصفه لمشهد استحمام الحجاج الهندوس بالقول: "في كل مكان أنظر إليه هناك حشود. لقد فعلت شيئًا غير عادي".

ورأى الباحث في مركز أبحاث السياسات في نيودلهي علي عاصم أن اختيار مودي لكبار الوزراء في حكومته على أساس الولاء لسياساته أكثر من الخبرة في الاختصاصات التي تطلبها الوزارات الهندية، كان السبب وراء تفاقم أزمة الفيروس في البلاد، وأضاف عاصم موضحًا أن سوء إدارة حكومة مودي لموجة كورونا الثانية قد يكون لها عواقب على مستقبله السياسي.

 أشارت تقرير غربية إلى أن الأزمة الصحية الأخيرة كشفت عن أوجه الضعف السياسي التي يواجهها الزعيم السياسي الذي يُصنف كواحد من أبرز القادة الشعبويين على المستوى العالمي

فيما أشارت تقرير غربية إلى أن الأزمة الصحية الأخيرة كشفت عن أوجه الضعف السياسي التي يواجهها الزعيم السياسي الذي يُصنف كواحد من أبرز القادة الشعبويين على المستوى العالمي، مما جعلة هدفًا للانتقادات عبر منصات التواصل الاجتماعي، حيثُ تصدّر خلال الفترة الماضية وسم يطالب مودي بالاستقالة من منصبه عبر منصة فيسبوك، وعلى الرغم من اختفاء الوسم لمدة ثلاثة ساعات، إلا أنه عاد للظهور مجددًا، وفيما اتهمت منظمات حقوقية فيسبوك بحذف الوسم بناءً على طلب من حكومة مودي، فإن منصة التواصل الاجتماعي العالمية قالت إن الوسم اختفى عن طريق الخطأ.

 

اقرأ/ي أيضًا: 

هل تمارس الولايات المتحدة حظرًا على تصدير اللقاحات لدول العالم؟

أسترازينيكا تحقق إيرادات بلغت 275 مليون دولار من مبيعات اللقاح