01-أبريل-2021

زادت الجائحة من الطلب على خدمات الصحة الذهنية والدعم النفسي (Slate)

فيما يلي ترجمة لمقال ظهر في النيويورك تايمز عن أثر إيجابي نادر لجائحة كورونا، تمثّل في انتعاش في سوق الشركات الناشئة التي تستهدف قطاع الصحّة الذهنية والدعم النفسي. 


بعد أن صدمت آريلا سافيرا بمحاولة انتحار صديقة لها خلال سنتها الأولى في جامعة ستانفورد في 2013، أخذت على نفسها عهدًا بأن تفهم النظام الغامض الذي يحكم قطاع الرعاية العقلية، وسرعان ما اكتشفت في مهمتها تلك نقص المعالجين المؤهلين، والعقبات أمام الحصول على الرعاية الضرورية، حتى حيث يتوفر المعالجون بأعداد أكبر. ورغم أن سافيرا متخصصة في علم الحاسوب والرياضيات، إلا أنها سجلت أخيرًا في برنامج دراسات عليا في علم النفس السريري في جامعة كولومبيا.

 ثمة عدم تطابق بين حجم الحاجة إلى خدمات الدعم النفسي والصخة الذهنية وبين الخدمات المتوفرة، أي أنها مسألة عرض وطلب بالأساس

وظلت تعود إلى نظرة جوهرية مفادها أن ثمة عدم تطابق بين حجم الحاجة وبين الخدمات المتوفرة، أي أنها مسألة عرض وطلب بالأساس.

"من الصعب جدًا أن تبدأ وتحافظ على مشروع أعمال علاجي" قالت سافيرا. "إنه عمل 10 أشخاص، ليس عمل شخص واحد، من التسويق لنفسك، والقيام بحساباتك وإدارة إيجارك. لكن حتى قبل أن تصل إلى المرحلة حيث تدير أنت كل هذه الأمور، فإن التحدي الأصعب هو أن تصنع اسمًا لنفسك حتى يرغب الناس بالذهاب إليك".

وهكذا، في 2019، أسّست "ريال ثيرابي"، وهو مشروع أعمال صغير مصمم للتعامل مع الصحة العقلية والعافية العامّة عبر تسهيل الوصول وتقديم نطاق من الخدمات لتلبية احتياجات العملاء.

بدافع من التجربة الشخصية- وحافز إضافي بسبب الجائحة، والتي سببت زيادة في القلق والاكتئاب بين عامة السكان، بما في ذلك بين البالغين الشباب- فإن رواد الأعمال مثل سافيرا يركزون على معالجة جوانب من نظام رعاية الصحة العقلية والتي يرونها مختلّة. ويبدو أنهم لا تثنيهم الطبيعة المعقدة لذلك النظام: عملية تأمين بيزنطية، ونطاق عريض من أنواع مقدمي الخدمة، والجدالات المراوغة بين المريض والمعالج.

زادت الجائحة من الطلب على خدمات الصحة الذهنية والدعم النفسي (LanyCollege)

أليكس كاتز، مؤسس "تو تشيرز"، التي افتتحت أبوابها بعيادة واحدة في سان فرانسيسكو في 2017، تقول عن مشهد شركات الرعاية العقلية الناشئة: "إنه مكان مزدحم". رغم ذلك، يقول، "لأن المشاكل هائلة، فإننا نحتاج إلى الكثير من الشركات العظيمة التي تعمل بطرق مبتكرة للتعاطي مع مختلف المجتمعات والتشخيصات وتقديم الرعاية".

كاتز، خريج آخر من ستانفورد، بدأ العمل في "بالانتير"، وهي شركة للبرمجيات وتحليل البيانات، لكنه سعى لفهم خدمات الصحة العقلية حين كانت شريكته "تمر بفترة قاسية في حياتها". ترك عمله بعد حين وبدأ يستفيد من شبكة أصدقائه وعائلته كي يفهم نظام رعاية الصحة العقلية.

سرعان ما اكتشف أن أحد أكبر تحديات النظام هو مطابقة معالج مع مريض، أمرٌ ظنّ أن التكنولوجيا تستطيع حلّه. لكن، بعد مقابلة الأطباء السريريين، اختار أن يبدأ عيادة مادية، بدل من واحدة افتراضية. في محاولة جمع التمويلات لمشروعه الناشئ، "أتندّر بأنني وجهت ثلاث ضربات ضدّي: كنت المؤسس الوحيد في أول تجربة لشركة رعاية عقلية ذات وجود مادي ملموس". لكن منذ انطلاقها، اعتمدت "تو تشيرز" على التكنولوجيا، مستخدمة خوارزمية خاصة تحدث بشكل متكرر لتطابق العميل مع المعالج بعد لقاء تحضيري أول مع العميل.

وبالرغم من أن سفيرا وكاتز ركزا في البداية على الرعاية الوجاهية، مع العلاج الافتراضي كهدف طويل المدى، إلا أن أنه لم يكن أمامهما خيار سوى تغيير الاتجاه لحظة أن ضربت الجائحة. سفيرا وفريقها الصغير اضطروا سريعًا للانتقال من المساحة التي صمموها ورمموها في مانهاتن، ولكن لم يفتتحوها إطلاقًا، وأن يذهبوا للعمل عن بعد بشكل كامل. خلال ثمانية أيام طويلة، أطلقت منصة لتقديم خمسة أنواع من الخدمات عن بعد، موجهة للمجموعات إلى حد كبير (الجلسات الوجاهية ستتأخر حتى افتتاح الموقع للأفراد). كاتز، الذي توسعت شركته إلى سبعة مواقع في "باي إيريا"، وآخر جديد يزمع افتتاحه في لوس أنجلوس العام التالي، أخذ القرار أيضًا في مارس لمتابعة عمله عبر التحول الافتراضي الكامل.

مثل سفيرا، كانت التجربة الشخصية هي ما دفع كايل روبرتسون لاستكشاف المنصة للعلاج الافتراضي. ورغم أنه ابن لطبيب نفسي ومعالج، لقي روبرتسون صعوبة في العثور على مساعدة في التعامل مع اكتئابه وقلقه وهو طالب في كلية وارتون في جامعة ينسلفانيا. قال إن والديه لم يتدخلا لكنهما "قطعًا دفعا مبكرًا للتأكّد من وجود تكامل بين الدواء والعلاج"، وهو ما رأوا أنه أحيانًا ناقص في الممارسة السائدة، سواء كانت عن بعد أو وجاهية (الأطباء النفسيون فقط هم المخولون بوصف الدواء).

بعد إجراء اختبار تجريبي لحوالي 100 مستخدم في نهاية 2019، شارك في إنشاء "سيريبرال" في 2019. لقد ثبت أن توقيته بالطبع  قد كان متبصرًا، وقد أمّن تمويلًا استثماريًا معتبرًا إضافة إلى زيادة في العملاء خلال العام.

وعلى غرار "تو تشيرز"، يمكن لعملاء "سيريبرال" أخذ موعد للعلاج الوجاهي، رغم أن الجلسات الجماعية ليست متاحة بعد. تطلب المنصة من العملاء تتبع أعراضهم والإبلاغ بشأنها شهريًا. تلك الإجابات يمكن أن تطلق إشعارًا إلى الطبيب السريري لتنبيهه إن كان هنالك أي تفاقم في الحالات. وإن لم يتجاوب أحدهم، فإن واحدًا من الفريق سيتواصل معه للاطمئنان، يقول روبرتسون.

جميع الشركات الثلاثة تسعى لتوفير وصول سريع- المقابلات الأولى يمكن أن تكون في نفس اليوم الذي يسجّل فيه العميل، في جهد لتفادي حالات الطوارئ في الصحة العقلية. يقول روبرتسون إن الهدف هو أن يتحدث العملاء الجدد مع أحد ما "في غضون 10 دقائق، وهو أمر بوسعنا القيام به مع شبكة من الأطباء السريريين عبر المناطق الجغرافية". (تم التراخي في بعض التعليمات المتعلقة بالترخيص خلال الجائحة لتمكين العلاج عن بعد في جميع التخصصات، وليس رعاية الصحة العقلية وحسب).

رغم أن على هؤلاء المزودين الالتزام بقوانين الخصوصية الصارمة التي تحكم الرعاية الطبية، إلا أنه بوسعهم استخدام البيانات التي يجمعونها من أجل تحليل المخرجات

ورغم أن على هؤلاء المزودين الالتزام بقوانين الخصوصية الصارمة التي تحكم الرعاية الطبية، إلا أنه بوسعهم استخدام البيانات التي يجمعونها من أجل تحليل المخرجات.

"كان من الصعب جمع البيانات واستخدامها بطريقة فعالة في الماضي" يقول روبرتسون. "العديد من المعالجين يعملون في ما يمكن اعتباره دكاكين صغيرة ليست لديها الموارد أو الوقت لتحليل البيانات".

 

اقرأ/ي أيضًا: 

لقاح فايزر فعال بنسبة 100% للأطفال بين 12 و15 عامًا

الصحّة العالمية تصدر تقريرها النهائي حول نشأة فيروس كورونا