13-أغسطس-2022
هادي مطر

لحظة اعتقال هادي مطر (DailyBeast)

قال وكيل أعمال الكاتب البريطاني سلمان رشدي، في وقت متأخر من يوم أمس الجمعة، إن رشدي يخضع للعناية الحثيثة في المستشفى، وأن حالته حرجة للغاية، إذ ما يزال على جهاز التنفس الصناعي ولا يستطيع الكلام، وذلك على إثر تعرضه لطعنتين قاتلتين، قبيل إلقاء كلمة له في حدث أدبي غربي ولاية نيويورك الأمريكية. 

من المحتمل أن يفقد سلمان رشدي إحدى عينيه، وقد تعرض كبده للطعن والتلف

وبحسب موقع "ديلي بيست" الأمريكي، قال أندرو وايلي عبر البريد الإلكتروني: "الأخبار غير مطمئنة.. من المحتمل أن يفقد سلمان رشدي إحدى عينيه، وقد تضررت أعصاب في ذراعه، وتعرض كبده للطعن والتلف". 

 

وقد أعلنت شرطة الولاية اعتقال شاب يبلغ من العمر 24 عامًا، يُعتقد أنّه المشتبه به الرئيسي في حادثة الطعن، ويدعى هادي مطر. 

من هو هادي مطر المتهم بطعن سلمان رشدي؟  

اعتقلت شرطة ولاية نيويورك هادي مطر باعتباره المعتدي المشتبه به في الهجوم على سلمان رشدي، والذي تعرض لطعنتين على الأقل، واحدة في الرقبة، وأخرى في منطقة البطن، ونقل إلى مستشفى قريب بطائرة مروحية. وقالت الشرطة إن مطر تحصّل على تصريح لدخول المبنى بغرض المشاركة في الفعالية الأدبية، وقد حمل معه حقيبة ظهر إلى في مكان الهجوم. وفي بيان صحفي أولي صدر عن إدارة المقاطعة التي وقع فيها الهجوم، فإن السلطات تعتقد أن الجريمة ذات دوافع تتعلق "بالتطرف الأصولي".

هادي مطر

وقد تحدث موقع "ديلي بيست" الأمريكي مع أحد زملاء مطر السابقين في المرحلة الثانوية، والذي قال إنه قد صدم حين علم بأنه متورط في هذه الجريمة. ووصف غابرييل سانشيز هادي مطر بأنه قد كان "مسلمًا متدينًا جدًا"، وكان يشارك في المناظرات المدرسية، وله العديد من الأصدقاء. وقال سانشيز عن هادي مطر إنه كان يأخذ شعائره الدينية على محمل الجد، وكان يقوم بالوضوء الكامل في مرافق المدرسة من أجل الصلاة. 

هادي مطر، بحسب زميله سانشيز، لم يكن شخصية ذات حضور اجتماعي لامع، لكنه أمضى وقته في المدرسة في لعب كرة السلة في الاستراحة، وكان يقرأ كثيرًا. كما قال سانشيز إن مطر لم يتحدث قط عن إيران أو رشدي، ولم يبد أي تعليقات تعبر عن استياء مريب يتعلق بالشؤون الدينية أو الثقافية، باستثناء مرّة واحدة عبّر فيها عن انزعاجه من الطريقة التي يتحدث بها أحد الأساتذة عن الدين. 

salman rushdie assassination

وأضاف سانشيز: "لقد كان هادي مسلمًا ورعًا، ولا أذكر عنه سوى أنه قد كان شديد اللطف، وقال: "هذه هي صورته في ذهني، ولهذا أتمنى أن لا يكون هو الفاعل.. هادي الذي ارتكب هذا الهجوم على سلمان رشدي ليس هادي الذي عرفته ونحن على مقاعد الدراسة". 

من هو سلمان رشدي؟ 

ولد سلمان رشدي لعائلة مسلمة ثريّة في الهند عام 1947، وانتقل إلى إنجلترا شابًا واستقرّ بها. نشر روايته الأولى عام 1975، إلا أنه حظي بالشهرة والاعتراف بعد فوزره بجائزة البوكر عام 1981، وذلك عن روايته الثانية "أطفال منتصف الليل". تتابعت بعدها أعمال رشدي،  فكتب عشرة أعمال أخرى، من بينها عمله الأشهر "آيات شيطانية" والذي صدر عام 1988، والذي قلب الدنيا وقتها، وقلب معها حياته إلى الأبد.

Anti-Rushdie Protest

ففي عام 1989 ، أصدر الخميني فتواه الشهيرة بحق سلمان رشدي، وتم رصد مكافأة بعدة ملايين لمن يقتله. وقد حظرت أعمال الرجل في العديد من الدول حول العالم، وحظر تداول الرواية أو أي من ترجماتها، واندلعت موجة من الاحتجاجات العنيفة بسببها في عواصم إسلامية عدّة. في عام 1991، هوجم مترجم "آيات شيطانية" إلى الإيطالية، وفي العام ذاته تعرّض مترجمها إلى اليابانية للطعن، ومات على إثر ذلك. 

ظل سلمان رشدي تحت حماية مشددة في بريطانيا لمدة عشر سنوات حرم خلالها من السفر إلى مسقط رأسه في الهند 

ردّة الفعل تلك دفعت الحكومة البريطانية إلى وضع الكاتب تحت حماية مشدّدة على مدى 10 سنوات تقريبًا، ظل عنوان سكنه خلالها مجهولًا. إلا أن رشدي استمر رغم ذلك في الكتابة، وألف العديد من الروايات والقصص القصيرة والمقالات التي نجحت في معظم الأحيان بإثارة اهتمام النقاد والقراء في مختلف أرجاء العالم. 

محاولة اغتيال رشدي في الإعلام الإيراني

تفاعلت العديد من وسائل الإعلام الإيرانية مع أخبار الاعتداء على سلمان رشدي، حيث وصفته العديد من العناوين في مواقع رسمية وشبه رسمية بالكاتب "المرتدّ". فقد جاء في عنوان وكالة أنباء "فارس" شبه الرسمية، "المرتد سلمان رشدي يتعرض للطعن في نيويورك"، ونشرت في متن الخبر فتوى الخميني التي تدعو إلى قتل سلمان رشدي "أينما كان". 

سلمان رشدي في وكالة فارس
وكالة فارس الإيرانية نشرت خبرًا عن محاولة اغتيال رشدي ونشرت النص الكامل لفتوى الخميني 

وقد أعادت الوكالة نشر النص الكامل لفتوى الخميني والتي جاء فيها: "أعلن للمسلمين الغيارى في انحاء العالم، بأن مؤلف كتاب (الآيات الشيطانية) الذي دوّن وطبع ووزع بهدف معاداة الإسلام والرسول والقرآن، وكذلك الناشرين المطلعين على فحوى الكتاب، يحكم عليهم بالإعدام. أطلب من المسلمين الغيارى المبادرة إلى إعدام هؤلاء على وجه السرعة اينما وجدوهم كي لا يجرؤ أحد بعد ذلك على الإساءة إلى مقدسات المسلمين. ان كل من يُقتل في هذا الطريق يعتبر شهيداً إن شاء الله. وإذا كان بوسع أحد العثور على مؤلف الكتاب و لا يستطيع إعدامه، فليطلع الآخرين على مكانه لينال جزاء أعماله". 

حاولت الحكومة الإيرانية عام 1998 النأي بنفسها عن فتوى الخميني بحق سلمان رشدي إلا أن الفتوى ظلت سارية

يذكر أن الحكومة الإيرانية قد حاولت النأي بنفسها عن فتوى الخميني عام 1998، وهي خطوة شجعت الحكومة البريطانية حينها على إعادة العلاقات الدبلوماسية مع طهران، إلا أن أثر الفتوى ظل حاضرًا على الدوام، ولطالما تم التذكير بها من قبل متشددين داخل إيران وخارجها.