26-فبراير-2024
نصير مزراوي

يعتبر نصير مزراوي من أهم لاعبي منتخب المغرب

تطور المنتخب المغربي لكرة القدم بشكل كبير في العقد الأخير، فبات يملك في تشكيلته العديد من النجوم الذين يلعبون في أقوى الدوريات الأوروبية، ومنهم أشرف حكيمي وحكيم زياش وآخرين، إضافة إلى امتلاك أسود الأطلس لتركيبة من النجوم المحليين، الذين لا يملكون تجربة أوروبية كبرى، مثل أيوب الكعبي ومحمد الشيبي، وهم ساهموا بشكل كبير في تحقيق الإنجاز المونديالي بقيادة وليد الركراكي، حينما وصلت المغرب إلى نصف نهائي كأس العالم 2022، وهي الفريق العربي والأفريقي الوحيد الذي فعل ذلك.

من هؤلاء النجوم الذين أصبحوا معروفين لدى الشارع الكروي أفريقيًا وعربيًا هو نصير مزراوي، هذا اللاعب الذي كان من نجوم كأس العالم 2022، وينشط حاليًا في بايرن ميونيخ الألماني.

مزراوي

نصير مزراوي وحياته الشخصية

غادر مصطفى مزراوي مدينة تطوان المغربية في ثمانينيات القرن الماضي، وكانت الوجهة هي هولندا، علّه يجد حياة أفضل لزوجته وأولاده في المستقبل، وفي هولندا رُزق بثلاثة أولاد، فاتن ونصير ونوفل.

ولد نصير مزراوي في 14 تشرين الثاني/نوفمبر 1997 بمدينة لايدن الهولندية، ولمح والده موهبته الكروية الفذّة منذ الصغر، لما رآه من إبداعاته الكروية حينما كان يلاعب رفاقه في الحي، فقرر تسجيله في أقرب ناد، وهو نادي ألفين.

لم يكن نصير مزراوي مميزًا في كرة القدم فحسب، بل كان مجدًّا في دراسته، فأحبّ دراسة المحاماة، لما يملكه من قدرة على النقاش، فدرس اللغات الألمانية والإنجليزية، إضافة إلى الهولندية التي يتقنها، واللغة العربية، ثمّ درس العلوم التربوية بهدف إكمال دراسته في القانون، ليحقق حلمه بأن يصبح محاميًا.

 

نصير مزراوي ومسيرته الكروية

يعتبر نصير مزراوي من أفضل اللاعبين في العالم بمركزه الحالي، حيث يلعب بمركز الظهير الأيمن، وبإمكانه اللعب أيضًا في الظهير الأيسر، ناهيك عن خط الوسط، وهو يتحكم بالكرة بشكل جيد، ويُتم مهامه الدفاعية على أكمل وجه، ويساهم في تقوية أداء فريقه الهجومي، سريعٌ وقوي بدنيًا، ويملك المهارات الفنية التي يحتاجها في مركزه، كذلك يجيد إنجاز التمريرات القصيرة والطويلة، إضافة للكرات المرفوعة بكل دقة.

نمّى نصير مزراوي موهبته الكروية في نادي ألفين، إلى أن استقدمه أياكس أمستردام إلى صفوفه حينما كان يبلغ التاسعة من العمر، وهناك تدرّج مع فئات أكبر وأشهر ناد في هولندا، فلعب في فئات الفريق العمرية وتدرّج فيها، لكنّه حينما وصل إلى فئة الفريق تحت 17 عامًا شعر بالتهميش، فلم يتم إدراجه بالمباريات، وهنا كاد أن يتخذ قرارًا يغيّر كل حياته، وهو ترك كرة القدم والتفرّغ للتحصيل العلمي.

نصير مزراوي
نصير مزراوي مع أياكس أمستردام

يقول نصير مزراوي عن هذه الفترة: "إلى جانب كرة القدم، كنت أيضًا في المدرسة حيث أدرس العلوم التربوية، كان هدفي هو مواصلة دراستي ودراسة القانون لكي أصبح محامياً لأني أحب التواصل، في كثير من الأحيان، خلال هذه الفترة السيئة، سألت نفسي سؤالاً حول ما إذا كان الاستمرار في لعب كرة القدم فكرة جيدة".

لكنّ أحد مدربيه في الفئات العمرية "مارسيل كيزر" نصحه بالاستمرار في لعب كرة القدم، وعدم السماح للظروف التي يعيشها بأن تثبت عزيمته، ومن بعد ذلك غادر فريق أياكس تحت 18 عامًا، والتحق بالفريق الرديف لأياكس "يونغ أياكس" الذي يلعب بالدرجة الثانية، ويدرّبه مارسيل كيزر نفسه.

نصير مزراوي أثبت نفسه بالفريق الذي يلعب بالدرجة الثانية، وآمن بموهبته الكروية، لكن ذلك كان ضريبته التخلي عن حلم دراسة المحاماة وامتهانها، فلعب موسمين مع الفريق، وأبدع بمركز صانع الألعاب والظهير الأيمن، إلى أن لفتت موهبته الفريق الأول بنادي أياكس أمستردام، فاستقدمه في بداية عام 2018.

في هذه الفترة أتى لأياكس أمستردام المدرّب إيريك تين هاغ، والذي بنى لاحقًا فريقًا مميزًا صال وجال في الملاعب الأوروبية، حيث اكتشف موهبة نصير مزراوي، واستدعاه إلى الفريق الأول، يقول إيريك تين هاغ عن هذه المرحلة: "عندما بدأت مع أياكس في يناير، كنت أعرف نصير بالاسم ولكني لم أعرف كل صفاته، لقد تغير ذلك بسرعة، لأنه في الأسبوع الأول حلال المعسكر التدريبي في البرتغال ، ترك بالفعل انطباعًا جيدًا جدًا عندي، وفي ذلك الوقت، كان من الواضح أنه لا يزال هشًا، لذلك بدأنا العمل في الأشهر التالية بالتشاور مع الطاقم الطبي. وقد تم وضع خطة جيدة حتى يتمكن من التطور بدنياً ويصبح أكثر قوة، سارت هذه العملية بشكل جيد".

غيّر تين هاغ بشكل تدريجي مركز نصير مزراوي، فحوّله من صانع ألعاب أو لاعب خط وسط إلى ظهير أيمن، وكان النجم المغربي أهلًا لهذا المركز، وفي الموسم التالي، ليصبح نصير مزراوي من نجوم الفريق الذي كان جلّه من الشباب، والذي فاز بالدوري الهولندي، ووصل لنصف نهائي دوري أبطال أوروبا، قبل أن يودّع البطولة في لقاء مجنون مع توتنهام هوتسبيرز.

نصير مزراوي
نصير مزراوي مع بايرن ميونيخ

استمر نصير مزراوي بمسيرته الناجحة مع أياكس أمستردام، وحاز على العديد من الألقاب والجوائز جماعيًا وفرديًا، إلى أن نجح بايرن ميونيخ في استقطابه صيف عام 2022، ليصبح تاريخيًا ثاني دولي مغربي يوقع مع النادي البافاري بعد المهدي بن عطية.

وفي موسمه الأول، غاب المزراوي عن البايرن لأسابيع بسبب الإصابة، لكنه سرعان ما استعاد مركزه في تشكيلة ناغلسمان والمدرب التالي توماس توخيل، ليساهم مع الفريق بالتتويج الدرامي بالدوري الألماني، حينها خطف البايرن الصدارة في الدقيقة الأخيرة من الأسبوع الأخير، وتوج باللقب على حساب بوروسيا دورتموند.

 

ألقاب نصير مزراوي

  • الدوري الهولندي مع أياكس أمستردام 3 مرات
  • كأس هولندا مع أياكس أمستردام مرّتين
  • كأس السوبر الهولندي مع أياكس أمستردام
  • الدوري الألماني مع بايرن ميونيخ
  • كأس السوبر الألماني مع بايرن ميونيخ

 

نصير مزراوي مع منتخب المغرب

نصير مزراوي ولد في هولندا من أبوين مغربيين، نشأ وترعرع في هولندا، وهو يحمل الجنسيتين المغربية والهولندية، ومثّل منتخب هولندا للفئات العمرية، وظنّ الكثيرون أن من المسلّم به أن يختار مزراوي ارتداء القميص البرتقالي دوليًا، وتفضيله على منتخب المغرب.

لكنّ نصير مزراوي لم يحسم وجهته، ففي عام 2018 زاره رونالد كومان مدرب منتخب هولندا الأول، في محاولة لإقناعه باللعب في صفوف الطواحين، لكنّ مزراوي لم يحسم وجهته الدولية بعد، حيث قال مزراوي عن ذلك: "قدم لي السيد كومان مشروعًا كبيرًا وطموحًا لاختيار المنتخب الهولندي، أنا ممتن حقًا وأشعر بالتحقق من صحة أفعاله. هولندا هي بلدي ولكن المغرب كذلك، الأشخاص الذين يعرفونني يعرفون أنني هولندي فخور ومغربي فخور. لقد ولدت ونشأت هنا".

نصير مزراوي
نصير مزراوي مع منتخب المغرب

إلا أن نصير مزراوي اختار أخيرًا تمثيل منتخب المغرب، وتعرّض للكثير من الضغوطات عبر وسائل الإعلام الهولندية بسبب اختياره، فيما دافع مدربه إيريك تين هاغ عن قراره، حينما أوضح أن تمثيل المزراوي لمنتخب المغرب يعتبر قرارًا شخصيًا اتخذه بالتشاور مع عائلته ووكيله.

أوّل مباراة لنصير مزراوي مع المنتخب المغربي كانت في 9 آب/أغسطس 2018 ضد مالاوي، ضمن تصفيات كأس أمم أفريقيا، وقتها كان المدرب هو هيرفي رينارد، وشارك بعد ذلك في كأس أمم أفريقيا 2019، وانتهت حظوظ المغرب حينها عند دور الستة عشر، بالخسارة أمام بنين بركلات الترجيح.

مع تولي وحيد خليلوزيتش تدريب المنتخب المغربي، تسببت زجاجة مياه بعدم استدعاء وحيد خليلوزيتش نصير مزراوي للمنتخب المغربي، يقول مزراوي عن هذه الحادثة: "كنا في التدريبات، وكان من المفترض أن نأخذ استراحة كل خمس دقائق لشرب الماء لأن الجو ساخن،  وكنت قد شربت الكثير من الماء لدرجة أنني لم أعد أرغب في شربه. وهنا جاء المدرب وأجبرني على الشرب. شرحت له أنني لم أعد عطشانًا، وأنا أشكره".

يكمل مزراوي: "لم يكن يريد أن يعرف أي شيء وأرادني أن أشرب الماء، وإلا يوف اطرد من التدريب، تدخل رومان سايس مباشرة بإعطائي زجاجة ماء، فتحتها وسكبت بعض الماء على الأرض لأعلم المدرب أنني لست عطشانًا حقًا، لقد تم طردي مباشرة من التدريب"..." في النهاية، لم يتصل بي أبدًا".

بعد أشهر من هذه الحادثة، تصالح اللاعب والمدرب، وفتحت أبواب المنتخب المغربي أمام مزراوي، لكنّ الاتحاد المغربي أنهى التعاقد مع خليلوزيتش، وتعاقد مع وليد الركراكي، ليتولى زمام المنتخب المغربي قبل 3 أشهر فقط من كأس العالم 2022.

وهناك كان نصير مزراوي أحد نجوم المغرب الذين تألقوا في المونديال، فشارك في مباراة كرواتيا الافتتاحية، وبعد ذلك أمام بلجيكا، ومن ثم كانت مواجهة كندا، قبل أن يلعب في لقاء إسبانيا ويساهم مع زملاءه بالفوز التاريخي على الماتادور، لكنّه غاب عن لقاء البرتغال في ربع النهائي بسبب الإصابة، وشارك أمام فرنسا في نصف النهائي، إلا أن الإصابة حرمته من لعب مباراة تحديد المركزين الثالث والرابع أمام كرواتيا.

 

جدول مشاركات نصير مزراوي مع منتخب المغرب

البطولة

عدد المباريات

عدد دقائق اللعب

كأس العالم

5

367

كأس أمم أفريقيا

4

205

تصفيات كأس العالم

1

90

تصفيات كأس أمم أفريقيا

6

378

مباريات ودية

12

839

المجموع

28

1897

نصير مزراوي يشهد له بمواقفه الإنسانية، فهو لم يتوان عن دعمه للقضية الفلسطينية في فترات لعبه مع أياكس أمستردام، من خلال منشورات يستنكر بها جرائم الاحتلال، على الرغم من الشعبية الكبيرة التي يملكها الاحتلال في صفوف جماهير نادي أياكس، كذلك لم يأبه للضغوطات وهو في بايرن ميونيخ، وأعلن على الملأ معارضته لعدوان الاحتلال على غزة، ومناصرته للقضية الفلسطينية.

نصير مزراوي يمثل حالة يعيشها الكثير من اللاعبين ذوي الأصول العربية في الأندية الأوروبية، فقد يصبح مهمّشًا في ناديه أو منتخب بلاده التي ولد بها، فقط لأنه من أصول عربية، وحينما يختار تمثيل منتخب بلاده الأصلي، سيتعرّض للعديد من الحملات الإعلامية.

هذه التجارب والضغوطات تكون عادة كفيلة بالقضاء على مسيرة لاعب معين، لكن آخرين كحالة نصير مزراوي، ساهمت بصقل شخصيتهم، وزيادة روحهم القتالية داخل أرضية الملعب، وإصرارهم على الثبات على مبادئهم.