29-فبراير-2024
منير المحمدي

منير المحمدي مع المغرب في كأس العالم 2022

منذ ان اعتزل أفضل حارس في تاريخ المغرب كرة القدم، ونقصد بذلك بادو الزاكي، لم يملأ أحد مركز حراسة المرمى في المنتخب المغربي بمثل كفاءته وقدراته، وصار مركز حارس المرمى يمثّل نقطة ضعف بالنسبة للمنتخب المغربي.

لكننا في الوقت الحالي نعيش فترة مختلفة، فمنتخب المغرب بقيادة وليد الركراكي، يحوي حارسي مرمى متميّزين، ومشكلتهما أنهما أتيا في فترة واحدة، حيث يحمي عرين أسود الأطلس بشكل أساسي ياسين بونو، وينوب عنه الحارس الخبير منير المحمدي، أو منير الكجوي كما يلقبه البعض.

 

من هو منير المحمدي حارس منتخب المغرب؟

في العاشر من أيار/مايو 1989، ولد منير المحمدي في مدينة مليلة التابعة لمنطقة الريف المغربي، والتي تحكمها إسبانيا، ونشأ في أسرة ريفية بسيطة بقرية بني شيكر الواقعة بإقليم الناطور قرب مليلة.

كان منير المحمدي يحب لعب كرة القدم كثيرًا منذ صغره، ووجد في والده قدوة له، حيث لعب والده محمد الكجوي كحارس مرمى في أندية الهواة، لكن مسيرة الولد ستختلف كثيرًا عن مسيرة الوالد في وقت لاحق.

 

مسيرة منير المحمدي الكروية

تدرّج منير المحمدي، أو منير الكجوي كما يلقبه البعض بالعديد من الأندية للهواة، إلى أن انصقلت مواهبه، فلعب في نادي مليلة للهواة، ونادي ألميريا، إلى أن عاد إلى نادي مليلة، وبدأ مسيرته الكروية هناك عام 2010.

اكتشف نادي نومانسيا موهبة منير المحمدي في حراسة المرمى، هذا الفريق الذي يلعب في دوري الدرجة الثانية وقع عقدًا مع منير لمدة موسمين، وكان ذلك في عام 2014، ومع مرور الوقت أصبح عنصرًا لا يمكن تعويضه في نادي نومانسيا، وأهم أعضاء الفريق، واستمرت العلاقة بين منير الكجوي ونومانسيا حتى صيف عام 2018، والذي شهد مشاركة منير المحمدي في كأس العالم، ليصبح أول لاعب في تاريخ النادي يلعب ببطولة كأس العالم.

بعد نهاية كأس العالم 2018 بأيام، وقّع نادي ملقة عقدًا مع منير المحمدي لمدة 4 سنوات من أجل الانضمام إلى صفوفه، في الموسم نفسه كان ملقة قد هبط من الدرجة الأولى في الدوري الإسباني إلى الدرجة الثانية، ومع ذلك لعب منير أول مواسمه كحارس أساسي بالفريق، وتألّق بشكل لافت في موسمه الثاني، حينما تلقّت شباكه 23 هدفًا فقط من أصل 28 مباراة، لينال جائزة زامورا لأفضل حارس في المسابقة، لكن وعلى الرغم من مستواه المميز فرديًا، إلا أن الفريق فشل جماعيًا في تحقيق المطلوب منه والصعود للدرجة الأولى، فأنهى الموسم بالترتيب الرابع عشر من الدوري الإسباني للدرجة الثانية.

مع بداية موسم 2020-2021، قرر منير المحمدي بدء مغامرة جديدة، حيث انتقل إلى شرق القارة الأوروبية، وتحديدًا نادي هاطاي سبور التركي، وهناك وقّع عقدًا لمدة أربع سنوات، مع الفريق الذي وصل حديثًا إلى دوري الدرجة الأولى، وكان لدى فريقه مشروع يقتضي البقاء بالدرجة الأولى، مع تقديم مستويات مميزة من أجل تحصيل مركز متقدم في جدول الترتيب.

منير المحمدي
منير المحمدي أمام بلجيكا في كأس العالم 2022

منير المحمدي كان من أبرز أركان هذا المشروع، ونجح في إتمامه على أحسن وجه، فالفريق الذي أتى من الدرجة الثانية، أنهى موسمه الأول بالمركز السادس، وفي الموسم التالي لم يحقق الفريق ما فعله بالموسم السابق، لكنه ضمن على الأقل البقاء في الدرجة الأولى، حينما أنهى موسم 2021-2022 بالمركز الثاني عشر.

وفي الموسم التالي 2022-2023 قرر منير المحمدي الانتقال للدوري السعودي، مع ناد صعد للدرجة الأولى وهو نادي الوحدة، وهناك أثبت مدى جدارته بمركز حراسة المرمى، وقاد فريقه إلى نهائي كأس السعودية، بعدما تصدّى بنفسه للعديد من التسديدات التي صوّبها كريستيانو رونالدو لاعب النصر، ومن حينها ومنير الكجوي أحد أعمدة نادي الوحدة السعودي.

 

منير المحمدي مع منتخب المغرب

مدينة مليلة التي ولد فيها منير المحمدي تتبع إداريًا لإسبانيا، وبالتالي هو إسباني الجنسية، لكن منتخب إسبانيا وفئاته العمرية تعجّ بحراس المرمى المميزين، ويصعب أن يجد فرصة هناك، فتمكن منير المحمدي من الحصول على الجنسية المغربية في عام 2014، وهي البلاد التي ينتمي إليها هو وأجداده.

واستدعي لمنتخب المغرب لأول مرة في آذار/مارس 2015، من أجل المشاركة في لقاء ودي بين المغرب والأوروغواي، وللمفارقة، كان مدرب المنتخب المغربي هو الحارس الأسطوري بادو الزاكي، والذي يعتبره منير المحمدي قدوة له، يقول منير الكجوي عن ذلك: "“لقد كان بادو زاكي دائمًا أيقونة بالنسبة لي، إنه أفضل حارس مرمى في تاريخ كرة القدم المغربية، لقد تعلمت منه الكثير وفخور بتجربتي معه، لقد كان أمرًا رائعًا ولا يصدق أن أتمكن من العمل معه".

أصبح منير المحمدي حارس المنتخب المغربي الأساسي في تلك الفترة، ومع قدوم هيرفي رينارد حافظ على مكانه في تشكيلة أسود الأطلس، وشارك في تصفيات كأس أمم أفريقيا 2017 وفي النهائيات، إضافة إلى تصفيات كأس العالم 2018.

منير المحمدي نجح في إقناع الجميع بأحقيته في المشاركة أساسيًا في كأس العالم 2018، علمًا أن الحارس الاحتياطي كان ياسين بونو، لأن منير كان الوحيد في العالم الذي أوصل بلاده إلى نهائيات كأس العالم دون أن تهتز شباكه بأي هدف، وهو إنجاز يحسب لمنير المحمدي.

منير المحمدي
تألّق بونو مع إشبيلية جعله يضمن مكانه أساسيًا بدلًا من المحمدي

وفي نهائيات كأس العالم 2018 لعبت المغرب بمجموعة ضمن إيران وإسبانيا والبرتغال، وصمدت شباك منير المحمدي طيلة تسعين دقيقة أمام إيران، إلا أن النيران الصديقة في الوقت بديل الضائع منحت إيران الفوز، وبعد ذلك خسرت المغرب أمام البرتغال بهدف وحيد، لكريستيانو رونالدو، واقتنصت إسبانيا تعادلًا مثيرًا في الوقت بديل الضائع بالجولة الأخيرة، لتودع المغرب المسابقة.

مع تألّق ياسين بونو في الدوري الإسباني، أصبح مكان منير المحمدي مهددًا في تشكيلة منتخب المغرب، وصار ياسين بونو يلعب بشكل أساسي، وتحول منير المحمدي إلى بديل له، حدث ذلك في كأس أمم أفريقيا 2019، وفي كأس أمم أفريقيا 2021، وفي البطولة ذاتها بنسخة 2023، وفي كأس العالم 2022.

كان منير المحمدي من عناصر منتخب المغرب التي حققت الإنجاز التاريخي، حينما بلغ الفريق نصف نهائي كأس العالم، ليصبح المنتخب العربي والأفريقي الوحيد الذي يحقق هذا الإنجاز، بقيادة المدرب وليد الركراكي، حيث لعب منير المحمدي في المباراة الثانية لأسود الأطلس بكأس العالم ضد بلجيكا، ونجح في الحفاظ على نظافة شباكه، وانتهت بفوز المغرب بهدفين لواحد.

 

منير المحمدي

 

جدول مشاركات منير المحمدي مع منتخب المغرب

البطولة

عدد المباريات

عدد دقائق اللعب

كأس العالم

4

360

كأس أمم أفريقيا

6

540

تصفيات كأس العالم

9

767

تصفيات كأس أمم أفريقيا

10

900

مباريات ودية

17

1440

المجموع

46

4007 دقيقة

لقد مثّل منير المحمدي بداية لعودة العصر الذهبي لحراسة المرمى المغربية، بعد عقود من اعتزال بادو الزاكي، ومن بعد المحمدي ظهر ياسين بونو، وأصبح المحمدي يمثل خيارًا ثانيًا، إضافة إلى مهدي بن عبيد، هذا التطور في مركز حراسة مرمى منتخب المغرب، ينتج حالة إيجابية للغاية من التنافسية بين اللاعبين، ويأتي بفائدته بشكل كبير على أسود الأطلس.