06-أبريل-2017

من كتب إسماعيل ياسين

على رف مُهمل داخل مكتبة "شراع" بوسط القاهرة، استقرَّت كتب تحمل ختم إسماعيل ياسين. يقول عبد التواب سلامة، مالك "شراع" المهتمة بجمع العناوين والكتب النادرة: "هذا ما لدينا من مقتنيات الفنان إسماعيل يس، رحمه الله. عناوين مميزة".

تنسف مكتبة إسماعيل يس فكرة أنه غير مهتم إلَّا بالضحك والإفيهات

تكشف الكتب جانبًا آخر من حياة إسماعيل ياسين، "سُمْعَة"، الكوميديان الذي يظنّه البعض تافهًا، وغير مهموم إلَّا بالضحك و"الإفيهات"، خاصة إذا لم يقرأوا قصة حياته، وتفاصيل نهاية مشواره وموته. ينسف إسماعيل ياسين بتلك الحزمة من العناوين الفكرة من جذورها، فالكتب التي حملت اسمه امتدَّت إلى الفلسفة والسياسة والتاريخ والفِكر والدين، ولم تترك جانبًا ممَّا يقرؤه الفلاسفة إلا وطرقته.

اقرأ/ي أيضًا: لعنة كاساندرا.. طرق جانبية للحياة

ضمن مكتبة الكوميديان الكبير إسماعيل ياسين "قصص القرآن" للشيخ محمد علي القطب، المعروف بـ"عالم صيدا"، الذي ولد عام 1930 في حي باب السراي بسوق البازركان، ويروي خلال صفحات الكتاب بسلاسة التفاصيل الخفيّة وراء قصص القرآن مع ربطها بقصص الإنجيل والتوراة، ومصادر تاريخية أخرى، ما جعل الكتاب - بالنسبة إلى إسماعيل ياسين - وجبة دراما كاملة، فاقتناه، خاصة أن عائلة قطب كانت قد انتقلت إلى القاهرة في ذلك التوقيت، وتزوَّج من مصرية. 

الكتاب الثاني الذي يحمل ختم إسماعيل ياسين، والذي كان ملفتًا، هو "حضارة الإسلام في دار السلام" لجميل نخلة المدور، والذي يعدّ عملًا من الخيال التاريخي، مكتوبًا بأسلوب السرد المباشر الخالي من زخارف الأسلوب. ودار السلام، المُشار إليها، هي بغداد. ويغطّي الكتاب فترة انتقالية في الأدب العربي من الاستعارة الشعرية إلى الأسلوب النثري المختصر، ويقدّمها جميل المدور كرواية لرحَّالة فارسي مجهول يكتب إلى أهله عن الأوضاع في الإمبراطورية، التي غلبت عليها الثقافة الفارسية.
 
أما ثالث الكتب التي وجدناها من تركة إسماعيل ياسين فهو "الصديق أبو بكر" للكاتب والمفكر الراحل محمد حسين هيكل، ويتعمّق خلاله في قصة الصحابيّ الجليل بشكل روائي. والرابع، هو "البطل الفاتح إبراهيم" لداود بركات، الذي يؤرِّخ خلاله لشخصية إبراهيم باشا القائد، الذي فتح بلاد الشام. استهلّ الكتاب تأريخه بأسباب محمد علي لإرسال جيش لفتح تلك البلاد، مدوِّنًا الوقائع والحوادث، التي صاحبت الفتح.

الكتاب الخامس هو "أسرار الحياة الدولية وحظ مصر والعرب منها" لعبد الله حسين، وهو مؤلّف شديد التخصص في السياسة والعلاقات الدولية، ومن أبرز الكتب التي فسَّرت تراجع العرب في منتصف القرن العشرين. والسادس "جواهر الكلام"، الذي يعدّ شرحًا لجواهر الكلام في علم التوحيد للشيخ الجواهري، وهو مؤلَّف يشرح العقائد السماوية دون عزلة عن بعضها. 

جاء كتاب "روح الاشتراكية"، في مكتبة إسماعيل يس، غريبًا بين الكتب الأخرى

اقرأ/ي أيضًا: التاريخ الضائع للتسامح الثقافي

الكتاب السابع، وهو الذي يظلّ أكثرها ريبة وغرابة أن تضمه مكتبة كوميديان مثل إسماعيل ياسين، وهو "روح الاشتراكية" لغوستاف لوبون، الطبيب والمؤرخ الفرنسي الأشهر، صاحب "سيكولوجية الجماهير"، الذي بدا أنه إسماعيل ياسين كان مهتمًا به. والكثاب الثامن كان بعنوان "آثرت الحرية" لفكتور كرافتشنكو، بترجمة زكي نجيب محمد، وهو مؤلَّف مروِّج لأفكار الثورة والتمرّد على الأوضاع الراهنة، ويبدو عابرًا للأزمنة، ومن أشهر جمله، التي تنتشر بين الحين والآخر أنّ "أفراد المجتمع لا يجدون القمح، والرؤساء يدخنون السيجار". وتاسع كتب إسماعيل ياسين التي وجدناها كان رواية "ابن فيرجينيا" لأوين وِستر، التي اشتقت منها كل روايات رعاة البقر المنتشرة منذ ذلك الوقت، وتدور أحداثها في ولاية "ويومنج" الأمريكية. 

بخلاف ذلك، تضم مكتبة إسماعيل ياسين عددًا من العناوين التي بدت غريبة ومجهولة بالنسبة لنا؛ فهي غير متداولة، وحتى البحث لم يكشف عنها، مثل "شخصيات مصرية وغربية"، ومجموعة أخرى بدت عناوينها مطموسة بأمر الزمن.. لكن كل شيء من أفكار إسماعيل ياسين، الذي تعبر عنه مكتبته، كان حاضرًا هنا في حزمة الكتب التي وصلت من مجهول. 

 

اقرأ/ي أيضًا:

علوية صبح.. عزلة في منطقة الاشتباك

القصّة القصيرة.. وعي اللحظة والتقاطُها