22-يوليو-2020

آدووكتابه

ألترا صوت - فريق التحرير

صدر حديثًا عن "الدار الأهليّة" كتاب "لا تنسّ أن تعيش: غوته وتقليد التمارين الروحية" ترجمة وليد السويركي، للفيلسوف الفرنسيّ الراحل بيير آدو (1922-2010). الكتاب الصادر سنة 2008 في العاصمة الفرنسية باريس، عَنونه آدو بعبارة الشاعر والفيلسوف الألمانيّ يوهان غوته (1749-1832): "لا تنس العيش"، التي انطلق منها باتّجاه وضعه لركائز وأساسات كتابه القائم، في جزءٍ كبير منه، على فكرته بأنّ الحياة الفلسفية لا تكمن فقط في الكتابة والحديث، وإنّما في العمل الجماعيّ والاجتماعيّ أيضًا.

جهود الإنسان في التركيز على اللحظة لا تنجح دائمًا، لأنّه سيظلّ مُمزّقًا بين وزن الماضي والخشية أيضًا من المستقبل

تقاطعت فكرة مؤلّف "الفلسفة طريقة حياة" مع عبارة غوته التي تعامل معها كـ"وصيّة" سيستخدمها لا في تعريف مضمون كتابه فقط، وإنّما في عملية بنائه أيضًا، الأمر الذي جعل من الكتاب أقرب إلى نظريات فلسفية مُختلفة عن حبّ الحياة، تبدأ بالتشديد على أهمّية الحاضر باعتباره وفقًا لفلسفة الفيلسوف الفرنسيّ المعبود الوحيد، وباعتبار اللحظة الراهنة هي ما ينبغي التركيز عليها فقط، مُقدِّمًا بذلك نظرية تتعارض مع ما وضعهُ مواطنه جان جاك روسّو حول هذه المسألة، إذ اعتبر أنّ جهود الإنسان في التركيز على اللحظة لا تنجح دائمًا، لأنّه سيظلّ مُمزّقًا بين وزن الماضي والخشية أيضًا من المستقبل.

اقرأ/ي أيضًا: في فلسفة الإنسان

يُحاول الكاتب الفرنسيّ تجاوز هذه المسألة بالاستعانة بأفكار غوته التي تشغل حيّزًا كبيرًا في هذا الكتاب، خاصّةً فكرته بأنّ الفرد البشريّ قد يتمكّن من تجاوز الماضي والانصراف عن المستقبل من خلال "الحبّ". ويربط آدو هذه الفكرة الواردة في الكثير من مؤلّفات غوته بفكرة أخرى قائمة على تأمّل العالم من منظور مختلف شرط أن يكون عاليًا. ومن هذه النظرية سينطلق نحو مناقشة أخرى متعلّقة بـ "الأمل" الذي لا بدّ منه إلى جانب الحبّ وتغيير المنظور لتكتمل فكرة الكتاب التي ستتجلّى في الفصل الأخير منه، حيث يُقارن بين مفهوم "حبّ الحياة" عند غوته وفريدريك نيتشه.

لا يبتعد مضمون "لا تنسى العيش: غوته وتقليد التمارين الروحية" عن طريقة تعاطي مؤلّفه مع الفلسفة باعتبارها تمارين روحية، والوجود الذي يتعامل معه من باب الانبهار بدلًا من القلق الذي كان سائدًا عند مجايليه من الفلاسفة أمثال مارتن هايدغر وجان بول سارتر. فالوجود عنده أقرب إلى السلام الداخلي أو الطمأنينة، دون أن يًنكر في المقابل ما ينطوي عليه هذا الوجود من صراعاتٍ فظيعة تُزلزل هذه الطمأنينة، الأمر الذي دفعه إلى إضافة الرعب إلى جانب الانبهار باعتبارهما مكوّنان أساسيان لا ينفصلان لهذا الوجود المُضطّرب.

 

اقرأ/ي أيضًا:

لاوتزو.. فلسفة اللافعل

سورين كيركغارد في سيرته: "أنا فيلسوف الفرد"