06-مايو-2021

لوحة لـ سي تومبلي/ أمريكا

كان عليه أن يسير طويلًا

يسحق وتسحقه الخطى

في نفق يمتد إلى آخر، نحو نهاية أو هاوية

إلى أي جبل أو ناصية لا تمدّ لسانها كأفعى مسعورة لمقدمه

كان عليه أن يسير

والمسير يُرضّ العرق، يُلهب في مفاصله غيمًا

يوحل ويحيل التراب إلى أمواجٍ لاهثة

يجري

يسبح

يغرق

أو يطير

باحثًا عن سر لن يبوح به المجهول لأحد

يعتلي موجة من الطين، يصهل كحصانٍ مرة

مرة يعوي ككلب

لاعنًا خطاه

الطريق

لاعنًا مفاصله والمسير..

وكمن يردّ الجهات عن وجهتها

تردّها إلى وجهتها الأولى امرأة

تسوسُ تحت قشرة الكون الداكنة وعلى هدير الأمواج المتقطّع

أنصاف موتى

أطفال وغربان ينصِّلون سهامًا مسمومة

كان

عليه

أن

يسير

وكان على نظرةٍ من عينَي صقرٍ تنحدران من الأعالي

أن تحطّ على كتفه، ليرى

في ما يرى

ما يمكن أن يكون دربًا

إيماءةً سريّةً تفتح بابًا يمسك أغوارًا سحيقةً عن الانفلات

أناسًا يهرعون داخل قلعةٍ على قرع طبول

لا يعرفون إلى أين

ولا كيف جاؤوا، لكنّهم يتلاطمون كالممسوسين

التماع النصال في عيني المرأة يجعلها تبدو كإله

يفضح متآمرين انسلّوا ليلًا، سدّوا خلفهم حين خرجوا البوابة

ولم يعودوا

وانتهى بهم الأمر إلى أن تخاصموا، فتعاركوا

فاقتتلوا في العراء دهرًا

فأهلك بعضهم بعضًا

ثم هام على وجوههم الغالبون دهرًا

ثم ذابوا جميعًا في الرمل..

جنود فرّوا من معارك ليست لهم، ابتلعتهم وديان قاحلة

ملوك رفَلوا مشيًا كالطواويس

حولهم كهنةٌ وقادة حروبٍ لهِمة

بينما عنق العدالة ينوسُ خلف أكوامٍ من جثثٍ مكمومة..

كان عليه أن يسير

أن يهبط سراديب مخاتلة وراء الأغوار

تابعًا الصوت المجنون

لكن ما إن وطأت قدماه رمال السُدّة الحارّة

حتى اندفعت لاستقباله باحتفالٍ مهيب

حشود بالمزامير والدفوف والصيحات

تزاحموا حوله كالنمال

كأنهم انتظروه منذ الأزل

وكان قد التبس عليهم الأمر

فلم يفهموا

رغم محاولاته وتوسلاته

أنه ليس غائبهم المنشود

لا يعرف كيف أتى

ولا أين هو ذاهب

فقتلوه

ثم تصايحوا فيما بينهم:

النبيّ نسي الرسالة.. النبيّ نسي الرسالة

أسرج خيله في الليل سرَبًا

وقفل هاربًا مع الريح..

 

اقرأ/ي أيضًا:

 

لا مسافة إذًا فلسنا طرفين

شرفة ديونيزوس

 

دلالات: