03-يناير-2020

رجل الأعمال اللبناني كارلوس غصن (أ.ب)

في اليوم الأخير من عام 2019، تفاجأ اللبنانيون بانتشار خبر تواجد كارلوس غصن، رئيس مجلس الإدارة السابق لتحالف شركتي رينو ونيسان، في العاصمة اللبنانية بيروت، بعد نجاحه في الفرار من الإقامة الجبرية التي فرضتها عليه السلطات اليابانية.

تفاجأ اللبنانيون بخبر تواجد كارلوس غصن في بيروت بعد فراره من اليابان حيث كان خاضعًا للإقامة الجبرية في اتهامات بالفساد

وفي خريف 2018 أُوقف غصن في اليابان بتهم تتعلق بالفساد المالي، وأقالته شركة نيسان حينها على خلفية اتهامه بالتحايل للتهرب الضريبي، وأدخل السجن فترة، قبل أن يُطلق سراحه ويوضع تحت الإقامة الجبرية في اليابان.

اقرأ/ي أيضًا: أبرز 10 فضائح فساد في لبنان

أزمة لبنانية يابانية محتملة؟

في حين لا يزال الغموض يلف تفاصيل الطريقة التي استطاع بها غصن أن يهرب من اليابان، ترددت معلومات غير مؤكدة عن استخدامه حيلًا مثل الهروب داخل صندوق خشبي تابع لفرقة موسيقية، والسفر بطائرة خاصة إلى تركيا ومنها إلى لبنان عبر البحر، باستخدام جواز سفر مزور.

وكانت السلطات التركية قد ألقت القبض على سبعة أشخاص بينهم أربعة طيارين أتراك، بتهمة تسهيل مرور غصن. وفور انتشار خبر وصول غصن إلى لبنان، أعرب محاميه عن دهشته من فرار موكله، مؤكدًا أنه لم يكن على علم بنية غصن الفرار من اليابان.

من جانبهم، انقسم اللبنانيون في آرائهم حول فرار غصن، بين مؤيد ومعارض، ويرى بعض المؤيدين لفرار غصن أنه بريء، وأن إيقافه إنما جاء في سياق تصفية حسابات في عالم صناعة السيارات.

بينما يرى المعارضون لما حدث، أن فرار كارلوس غصن قد يتسبب في أزمة دبلوماسية بين لبنان واليابان، خاصة في ظل عدم وجود اتفاقيات أمنية بين البلدين للبت في الحالات المشابهة لحالة غصن. كما تساءل البعض عن سبب اختيار غصن للبنان ليفر إليه، رغم أنه يحمل الجنسية البرازيلية.

هذا وعبّر عدد من السياسيين اللبنانيين، من انتماءات مختلفة، عن سعادتهم بعودة غصن إلى لبنان. واعتبر بعضهم أن غصن قد يكون القادر على انتشال لبنان من محنته الاقتصادية. 

ورحب الوزير السابق، فادي عبود، المحسوب على التيار الوطني الحر، بوصول غصن إلى لبنان. واقترح عبود أن يُسمى غصن وزيرًا للمالية في الحكومة المقبلة.

أما النائب السابق فارس سعيد، منسق فريق "14 آذار"، والمعروف بمطالبته الدائمة بـ"العبور إلى الدولة"، فقد أعرب عن دهشته بفرار غصن من اليابان، وقال: "أدهشني ما قام به. رجلٌ لبنانيٌ هزم النظام القضائي والمالي والأمني في اليابان"، بل إنه رشحه لرئاسة الجمهورية!

ما علاقة نتفليكس؟

لتزداد الأمور تعقيدًا وإثارة في قضية كارلوس غصن، أوردت صحيفة ليبراسيون الفرنسية، خبرًا يفيد توقيع شبكة نتفليكس عقدًا ضخمًا مع غصن قبل أشهر.

ويثير مثل هذا التعاقد المزيد من الشكوك حول فرار غصن، لم تخفيها الصحيفة الفرنسية، التي تساءلت عما إذا كانت عملية الهروب بتدبير رجال أعمال، لتكون العملية مقدمة لإنتاج عمل فني ضخم حول غصن وفراره.

على جانب آخر، يثير الأمر شكوكًا حول تورط نتفليكس نفسها في تهريب غصن لإتمام الصفقة المبرمة بينها وبينه، والتي لا يعرف الكثير عنها.

مخاوف نشطاء الانتفاضة من كارلوس غصن

عقب الكشف عن عملية فرار كارلوس غصن وصولًا إلى لبنان، تصدر وسم "#كارلوس_غصن" مواقع التواصل الاجتماعي في لبنان لساعات طويلة، حيث دار جدل كبير حول عملية الفرار وما قد تعنيه لبنانيًا.

وأعرب نشطاء لبنانيون ومتظاهرون ومؤيدون للانتفاضة اللبنانية، عن مخاوفهم من احتضان المجموعة الحاكمة لغصن المتهم في قضايا فساد، الأمر الذي اعتبروا أنه قد يعزز من واقع الفساد في البلاد.

هذا ومن المرجح أن يعقد كارلوس غصن مؤتمرًا صحفيًا، في الثامن من كانون الثاني/يناير الجاري، ليكشف عن ملابسات قضيته وعملية فراره من اليابان، علمًا بأن غصن يُصر على براءته من التهم الموجهة إليه.

صفقة تبادل؟

وقبل أسبوع، استقبل رئيس الجمهورية ميشال عون، مسؤولًا من وزارة الخارجية اليابانية، الأمر الذي أثار شكوكًا حول وجود صفقة ما، مقابل تساهل ياباني محتمل في ترك الباب مفتوحًا أمام غصن للهروب.

وأعرب محللون عن اعتقادهم في أن تسوية قضية كارلوس غصن ربما تكون مرتبطة بتسوية قضية العميل عامر الفاخوري الموقوف في لبنان والذي تطالب الولايات المتحدة بالإفراج عنه، وكذا قضية قاسم تاج الدين، رجل الأعمال المحسوب على حزب الله، والموقوف في الولايات المتحدة الأمريكية.

 قبل أشهر وقعت نتفليكس عقدًا مع غصن، ما أثار شكوكًا حول تورط الشبكة في هروب غصن لإنتاج عمل فني حول عملية الهروب نفسها

وعصر يوم أمس الخميس، تسلمت السلطات اللبنانية مذكرة توقيف دولية بحق كارلوس غصن. ورجحت مصادر أن يُحقَق مع غصن يوم الإثنين المقبل، دون أن يتعرض للحجز أو الإيقاف.

 

اقرأ/ي أيضًا:

فضائح السياسيين في لبنان تزيد عبء الأزمة الاقتصادية

لبنان.. فضيحة بـ2.8 مليار ليرة مسروقة من "الضمان"