10-أبريل-2016

عبد العزيز عاشور/ السعودية

يحْدثُ أنْ تُفكّرَ في كتابَةِ قصّتِكَ. تقولُ: "هذهِ قصتي" وتضيفُ وأنتَ تعني ما تقولُ: "هيَ قصّتي.. لي أنْ أرتّبَ أحداثَها كما أشاء، ولي أيضًا أنْ أختارَ الزمانَ والمكانَ الملائِمَيْنِ، ولي طالما أنّها قصّتي أنْ أخلقَ شخوصي وأوصافَهم مثلما يطيبُ لي".

ويحْدثُ أنْ تجدَهم قَدْ تسلّلوا إلى قصّتك. تقولُ لهم: "أليسَتْ لكم قِصَصكُم؟ اكتبوها إذنْ، وانشَغلوا بتفاصيلِها. القِصَصُ طويلةٌ، وليسَ في العمرِ ما يكفي لإتمامِها".

تَظنُّ أنّكَ أقنَعتَهم؛ غيرَ أنّهم باقونَ في قصّتِك. يبدؤونَ بأدوارٍ صغيرَة جدًّا، بأدوارٍ تبدو هامشيّة. ويتحرّكونَ في مساحاتٍ ضئيلَة، وربّما مُعتِمَة فيبدونَ لكَ وكأنّهم لا يتحرّكون، ويحدثُ أنْ تَسْتبْعدَ أنْ تُغيّرَ أدوارُهم البسيطَة شيئًا منْ مجرى القصّة أو أحداثِها المصيريّة. 

يحْدثُ أنْ تتضخّمَ أدوارُهم كما لو أنّها قدْ أصبحتْ قصّتَهم. تشعرُ أنَّ مجرى الأحداثِ بدأ يَنْفَلِتُ من يديك. تُفاوضُهم: "هي قصّتي، ومعَ أنّها كذلك (ويحقّ لي كتابَتُها كما يروقني) إلا أنّني سأجعل منْ قصّتي متْنًا وهامشًا. ليَ المَتْنُ ولكم الهامشُ.

يظلونَ قليلًا في الهامشِ، لكنّهم يتضخّمونَ جدًّا وربّما يتناسلونَ فيضيقُ عليهمُ الهامش، ولا يلبثونَ أنْ يصعدوا إلى المَتْنِ؛ فتتساءلُ: "أهي قصّتي فعلًا؟؟ ألستُ منْ يُحدّدُ كلّ شيءٍ حتى لونَ الحبْر وحجمَ الأسطر؟؟".

تُفكّر: "هذه الصفحَةُ انتهى أمرُها، لم تَعدْ صالحَة لكتابَةِ قصّتِك. حتّى لو استخدمتَ الممحاة ستبقى آثارُهم مثل نتوءاتٍ لأحجارٍ صغيرَة، قدْ لا تُرى إلّا أنّها مؤلِمَة لمنْ يدوسُ عليْها".

يحدثُ أنْ تُفكّرَ في صفحةٍ أخرى منْ دفترك الصغير. تتركُ لهم هذهِ الصفحَة، تقلبُها أو تطويها عليهم. تهربُ إلى بياضٍ جديدٍ، تفتحُ صفحةً جديدَةً، ويحدُثُ أنْ تجدهم قدْ كتبوا في أعلى الصفحَة عنوانَ قصّتِك الجديدة.

اقرأ/ي أيضًا: 

الشرُّ الذي يدنو من عينيَّ

هروب