16-فبراير-2024
اقتصاد الضفة الغربية

(Getty) تهدِّد القيود الإسرائيلية استقرار الضفة الغربية

مع بداية الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، فرضت قوات الاحتلال سلسلة إجراءات انتقامية وعقابية جماعية بحق سكانالضفة الغربية المحتلة، شملت اجتياح مدنها وبلداتها ومضاعفة عدد الحواجز بينها، بالإضافة إلى شن حملة اعتقالات واسعة طالت أكثر من 7 آلاف فلسطيني.

وأدت هذه الإجراءات وما يرافقها من ممارسات قمعية وعدوانية إلى استشهاد أكثر من 360 فلسطينيًا منذ السابع من تشرين الأول/أكتوبر الفائت. كما تسببت بخسائر مادية كبيرة سواء لناحية البنية التحتية التي تتعمد قوات الاحتلال تخريبها وتدميرها أثناء اقتحامها لمدن وبلدات الضفة، أو لناحية النشاط الاقتصادي الذي شهد تراجعًا حادًا، سيما في ظل التضييق على حركة فلسطيني الداخل باتجاه الضفة الغربية.

وبحسب "معهد أبحاث السياسات الاقتصادية الفلسطينية" (ماس)، فقد تكبدت محافظة جنين وحدها خسائر اقتصادية فادحة، إذ بلغت خسائر المنشآت الاقتصادية بالمدينة، نتيجة ضعف الحركة الشرائية من قِبل المواطنين بسبب الاقتحامات والحملات العسكرية الإسرائيلية الواسعة ضد المحافظة؛ حوالي 24 مليون دولار.

فاقمت القيود والإجراءات العقابية الإسرائيلية بحق الضفة الغربية المحتلة من حدة الأزمة الاقتصادية التي تواجهها

ولفت المعهد، في ملخص سياساتي، إلى أن اجتياحات المدينة ومخيمها بشكل مفاجئ ومستمر قد أدى إلى تراجع مبيعات السلع الأساسية داخلها بنسبة 65 بالمئة نتيجة تخوّف المواطنين من الوصول إلى الأسواق وضعف قدرتهم الشرائية، ما تسبب بانخفاض مستوى الدخل لدى العديد من أصحاب المصالح التجارية.

وذكر المعهد أن الوضع بمدينة نابلس ومخيماتها لا يختلف عما هو الحال عليه في جنين، إذ تتعرض المدينة التي تُعتبر العاصمة الاقتصادية لشمال الضفة الغربية لحصار عسكري واقتصادي مشدّد أدى إلى توقف شبه تام لحركة المواطنين من وإلى المدينة، وتسبب كذلك بتراجع كبير في الأنشطة الاقتصادية، إذ تراجعت القوة الشرائية بنسبة 90 بالمئة، وشهدت حوالي 96 بالمئة من المنشآت بالمدينة تراجعًا في المبيعات والإيرادات الشهرية.

وأوضح المعهد أن ما سبق انعكس كذلك على قطاع الصناعة الذي يُعتبر من القطاعات الرئيسية في المدينة، إذ شهدت قرابة 85 بالمئة من المنشآت الصناعية تراجعًا في طاقتها الإنتاجية، كما تضرر ما يقارب من 8 بالمئة من المنشآت بشكل مباشر بسبب اعتداءات المستوطنين وقوات الاحتلال المتكررة، الأمر الذي أدى إلى إغلاقها بشكل كلي أو جزئي.

وأكد أن حالة الحرب قد خلقت ضعفًا ووهنًا في المقومات الاقتصادية والمقدرات المتاحة: "وما زاد الأمر تعقيدًا القيود على الحركة وإغلاق الضفة الغربية والحركة بين المدن"، وقد شكّل ذلك تحديات كبيرة أمام النشاط الاقتصادي الفلسطيني".

ولا يقتصر الأمر على جنين ونابلس، إذ تعاني بقية مدن الضفة المعاناة ذاتها، وتبذل كل ما لديها من موارد في سبيل إعادة ترميم ما يمكن ترميمه من الأنشطة الاقتصادية الفاعلة والبنية التحتية التي دمرها الاحتلال بحسب "ماس"، الذي أشار إلى أن ما سبق لم يعد كافيًا لمقاومة حجم الخسائر المهولة.

وتُضاعف طبيعة وحجم المنشآت التجارية والصناعية الفلسطينية من صعوبة هذا التحدي، ذلك أنها في غالبها منشآت صغيرة ومتوسطة الحجم. وستؤدي هذه الأوضاع، وفق المعهد، إلى مزيد من الارتفاع في مستويات فقر الأسر الفلسطينية.

وتشهد الضفة الغربية أوضاعًا اقتصادية سيئة تفاقمت بعد عملية "طوفان الأقصى"، التي نفذتها المقاومة الفلسطينية في السابع من تشرين الأول/أكتوبر الفائت، وردت "إسرائيل" عليها بشن حرب إبادة جماعية على قطاع غزة، وفرض سلسلة إجراءات انتقامية، تشمل الاعتقال والقتل، ضد الضفة.

وتُهدِّد هذه الإجراءات الإسرائيلية، سيما منع دخول حوالي 200 ألف عامل فلسطيني كانوا يعملون في "إسرائيل" من دخولها، واحتجاز أموال ضرائب السلطة الفلسطينية؛ استقرار الضفة التي أصبحت بمثابة قنبلة اقتصادية موقوتة بحسب صحيفة "إل باييس".