02-أكتوبر-2015

طفل سوري لاجئ يبيع الورود في شوارع طرابلس اللبنانية(جوزيف عيد/أ.ف.ب)

"اخترنا الشارع كي نكسب قوت يومنا"، بهذا يستهلّ هادي حديثه. وهادي (10 سنوات)، خبير في عالم الشارع واخصائي في فن بيع الورود، يقطن في حيّ "السّلم" الفقير ويعمل على مستوى إشارة سير تؤدي لشارع الحمراء. ويعكس هادي مشكلة تخلّي الأطفال عن مقاعد الدّراسة وتفضيل سوق العمل في سن مبكرة. وقد ارتفعت أعداد "أطفال الشوارع" بشكلٍ كبير في لبنان مؤخرًا. وساهم في ذلك وجود اللاجئين السّوريين والتّبعات الاقتصادية التي تقع على عاتقهم ما يدفع معظمهم إلى سوق العمل رغم صغر السن أحيانًا.

تعهدت الحكومة اللبنانية، في السابق، بأن تقضي على ظاهرة "عمالة الأطفال" بحلول العام 2016. وحددت لذلك خطّة عمل تشمل كل الوزارات لا سيما الدّاخلية، التّربية والعمل. وتهدف هذه الخطة إلى وضع استراتيجيات قابلة للتحقق وتستوعب هؤلاء الأطفال في مدارس خاصّة تتناسب مع أوضاعهم. وفي هذا الإطار تتعاون وزارة التربية مع منظمات دولية لتوفير المصاريف الضرورية. لكن نجاح الوزارات والمنظمات مرتبط بالوضع الاقتصادي العام، فهؤلاء الأطفال اختاروا الشّارع للمساهمة في تحسين وضع عائلاتهم المادي، في أغلب الأحيان، لا هربًا من العلم.

اقرأ/ي أيضًا: أطلب العلم ولو بواسطة تاكسي!

تتداخل في ظاهرة "عمالة الأطفال" عدّة عوامل، أبرزها العوامل السّياسية، الاقتصادية، الاجتماعية، النّفسية والمؤسّسية الرّاهنة في لبنان، مثل التهميش أو الإقصاء المجتمعي، وهشاشة الأوضاع الأسرية، فضلاً عن الجريمة المنظمة واستغلال الأطفال. ويقدر العدد الإجمالي للأطفال الذين يعيشون ويعملون في الشوارع بنحو 1510، في 18 منطقة لبنانية، بحسب دراسة أعدّتها وزارة العمل ومنظمة العمل الدولية و"اليونيسف" ومنظمة "إنقاذ الطفل الدولية"، نشرت في شباط/فبراير 2015.

يقدر العدد الإجمالي للأطفال الذين يعيشون ويعملون في الشوارع اللبنانية بنحو 1510 طفلًا

سجّلت بيروت أعلى نسبة من "أطفال الشوارع"، ويتوزعون على ثلاث مناطق: الحمراء، طريق الجديدة، المتحف. ويعمل أغلبهم في التسول (43 في المئة)، يليهم الأطفال العاملين كباعة متجولين (37 في المئة). يرتفع عدد الأولاد مقارنة بالبنات في صفوفهم. وتشكل نسبة الأطفال السوريين 73 في المئة من مجموع "أطفال الشوارع". ويشكل الأطفال من حاملي الجنسية اللبنانية نحو 10 في المئة من العدد الإجمالي، مقارنة بنحو 15 في المئة العام 2004، كما انخفضت نسبة الفلسطينيين من 10 في المئة في 2004 إلى نحو 8 في المئة. أما الجزء المتبقي فهم من مجهولي الهوية عادة.

لا يجيد أطفال الشوارع عادة القراءة والكتابة. درس بعضهم في المدارس لفترة موجزة وبعضهم الآخر لم يسبق له أن التحق بالمدرسة. وبلغت نسبة الأطفال الذين لا يجيدون القراءة والكتابة 42 في المئة من مجموع الأطفال الذين اختاروا الشارع، وهي نسبة توازي تقريبًا نسبة الأطفال الذين لم يسبق لهم أن التحقوا بالمدرسة (حوالي 40 في المئة). بينما 3 في المئة من "أطفال الشوارع" يجمعون بين المدرسة والشارع في آن واحد، وتتراوح ساعات العمل يومياً من 4 إلى 16 ساعة، بمتوسّط يبلغ 8.46 ساعة يوميًا.

في الحقيقة، يقع على عاتق الحكومة والمجتمع اللبناني واجب حلّ مشكلتي التسرب المدرسي وأطفال الشوارع في لبنان وكل ما من شأنه أن يحرم أطفالًا صغارًا من مقاعد الدرس، فمن المهم تجنب تحول هؤلاء الأطفال مستقبلاً إلى عناصر مُستقطبة من الجريمة المنظمة، أو إفراغ سوق العمل تدريجياً من اليدّ العاملة المحترفة. 

اقرأ/ي أيضًا: خريجو الجامعات اللبنانية: "بالنسبة لبكرا شو؟"