19-أبريل-2017

أسعد عرابي/ سوريا

1

الذاهبون أقل..
الراجعون يُثقلون الجسر بِخطوهم وراياتهم
الخفّاقة للمجهول.

 

2

المكان مأهولٌ بِخوذات الجند وشرودهم
وعلى يمين الساحة شاحنة تُفرغ حمولتها من
السّواد والمعدن.

 

3

أبي يطيل التحديق من النافذة
وأمي تهمهم بلحن مبهم
ينبعث صداه ممزوجًا بصلصلة الصحون وقرقعة
القدور.

 

4

أسفل الشباك صبي صغير
يمرمغ قدمه في نقعة من الماء والوحل
هواء الحي مشبعٌ بالرطوبة وبلهيب الترقب.

 

5

ست حصوات في يدي
والسابعة رميتها وسقطت في غفلة مني
إذ تنبّه سمعي
بينما كنت أحاول معرفة الصوت الآتي من الطابق العلوي.

 

6

النهر بعيد.
النهر الذي حسبته نهرًا
ليس إلا ساقية صغيرة يتدفق منها غزيرًا ماءٌ عكِر
وشجرة التوت العظيمة من فوقه
صارت هرمة مثل وجه جدتي.

 

7

رجع الرصاص يغزو السماء
والعشب القاسي يَخِز خدي الأيمن
وخرير الساقية يتلاشى
إذ يعلو صوت الرعد.

 

8

أقف أمام مرآتي عارية
لطالما امتلكتُ سببًا لأخاف به من المرآة!
أعللُ سواد ظلي على الحائط
بخطأ في التأويل..

 

9
الملاءات البيض من السلّم إلى السلّم المقابل
تلهو مع الريح
فيطير العصفور الصغير فزعًا.

 

10

عواء كلاب
وفرامل سيارات
وسعال عجوز مريض
وضحكة رضيع يُتبِعها ببكاء.

 

11

العجوز في البناء المقابل
تكنس من أمام بيتها الزجاج وأعقاب السجائر.

 

12

امرأة أربعينية في الدور الثالث
يبرز نصف جسدها
تمسح زجاج نافذتها من الخارج.

 

13

صبيان كبيران
يدفعان صبيًا صغيرًا بالتناوب
ينهض ليتلقى الضربة التالية
يسكنُ أخيرًا وملابسه المبتلة ترتعد.

 

14

جندي في آخر الشارع
ينفخ في بندقيته ويدندن.

 

15

أبواق السيارات
وأضواء سيارة إسعاف تسابق صوتها في الشارع المكتظ.

 

16

صوت موسيقى يتسلل من نافذتي
يطوف بالجدران
ويلقي التحية على ضوئها الشاحب.

 

17

ولادة الشمس من جديد
والبشر ينتشرون في الساحة المُضبّبة
قرع أقدامهم يتناغم مع فرقعة الحطب في المواقد المتناثرة في الطريق
والمعمولة على عجل.

 

18

صوت آذانٍ يترامى من بعيد
يغطُّ وجه جدي المتغضن في نوم أعمق.

 

19

ولاعة واحدة تكفي
لكتيبة من السجائر
أعواد الثقاب خبأتُها
كي أشكّلَ منها حروف اسمك
وألتذّ برائحتها حين أشعلها.

 

20

جارتنا تثرثر وتقهقه
فيرتجُّ بدنها البدين
ويفلتُ منها الخيط الذي تحيكه

 

21

تلاوات خافتة
وموسيقى نشاز
وضحكات ماجنة نصف مكبوتة
تمتزجُ بنسيم الليل اللاسع.

 

22

فتاة ترقص بشبق
بين ذراعي شاب ثمل
يتلوى جسدها كأفعى
وتسفر ضحكتها عن أسنان معوجة وشِبه سوداء.

 

 23

عتمة في آخر الرواق
مطر وموسيقى يلتقيان على أحجار الجسر
وفي سماء المدينة غيمٌ وسحائب دخان
وسرب طيور مهاجر.

 

اقرأ/ي أيضًا:

أرنب يقرض الشعر والجزر

اخلع الجلد الذي عليك