12-يوليو-2020

حزب المرأة الوطني أمام البيت الأبيض عام 1918 احتجاجًا على فشل ويلسون في دعم حق المرأة في الاقتراع.

هذا المقال المترجم إلى العربية كتبه عبد عواد، وهو محام أمريكي وخبير في شؤون القانون الإسلامي وأستاذ محاضر في كلية الحقوق بجامعة رتجرز.


في الوقت الذي تحتفل فيه أمريكا بالذكرى المئوية للتصديق على التعديل التاسع عشر على الدستور الأمريكي والذي يضمن للمرأة الحق في التصويت – حق تم تفصيله بشكل عملي على مقاس النساء البيض، لا نستطيع أن نمنع أنفسنا من التفكير بمبادئ المساواة بين الجنسين والتي تعتبر ركنًا أساسيًا للحرية والديمقراطية.

ورثت أمريكا مفهوم "الضم والتغطية" فيما يتعلق بوضع المرأة المتزوجة من النظام القانوني الإنجليزي. وهو مفهوم يعني أن المرأة تعتبر قانونًا "ملكية" زوجها

ورثت أمريكا مفهوم "الضم والتغطية" فيما يتعلق بوضع المرأة المتزوجة من النظام القانوني الإنجليزي. وهو مفهوم يعني أن المرأة تعتبر قانونًا "ملكية" زوجها. حرفيًا، مملوكته الواقعة في حيازته. بمعنى أن أي ممتلكات قد تحصل عليها قبل زواجها تصبح ملكًا لزوجها في يوم الزفاف. من نافلة القول إن المرأة آنذاك لم تملك حقًا قانونيًا يؤهلها للمثول أمام المحكمة أو توقيع العقود أو القيام بأعمال تجارية.

اقرأ/ي أيضًا: نضال المرأة الفلسطينية.. جهد مركب على جبهات متعددة

أوضح السير ويليام بلاكستون (المتوفى عام 1780)، في مؤلفه الشهير "شروحات على قوانين إنجلترا" أن وجود المرأة تم إدراجه بالكامل في وجود زوجها: "بالزواج، يكون الزوج والزوجة شخصًا واحدًا في القانون: أي أن وجود المرأة أو وجودها القانوني بمعنى أدق يتم تعليقه أثناء الزواج، أو على الأقل يتم ضمه ودمجه في وجود الزوج؛ تحت جناحه وحمايته وغطائه، تقوم المرأة بكل شيء؛ وبالتالي استحقت هذه التسمية في قانوننا.. حيث يُطلق عليها لقب "بارون سري"، أي تحت حماية وتأثير زوجها أو بارونها أو ربها؛ وتعتبر حالتها أثناء زواجها بمثابة الغطاء (...) لهذا السبب، لا يستطيع الرجل أن يمنح شيئًا لزوجته، أو يبرم معها ميثاقًا: لأن المنحة أو التعاقد يفترض وجودها المنفصل".

في أربعينيات القرن التاسع عشر في بعض الولايات - وليس جميعها – أي بعد قرابة 1200 عام من منح الشريعة الإسلامية والقرآن المرأة وضعًا قانونيًا منفصلًا، إضافة لجميع الحقوق المتعلقة بتلك الصفة - حصلت المرأة الأمريكية أخيرًا على وضع قانوني منفضل في إطار الزواج، فاكتسبت الحق في إبرام العقود، والاحتفاظ بالملكية الشخصية، وإمكانية كونها طرفًا في الدعاوى القضائية والعقود وتنفيذ الوصايا بالأصالة عن نفسها. غير أن هذه الحقوق الجديدة لم تتضمن حق المرأة في التحكم في دخلها الخاص..

في عام 1876، خلصت المحكمة العليا للولايات المتحدة في قضية سيتز ضد ميتشل  إلى أن القانون الذي يضمن للمرأة المتزوجة الحق في الملكية التي كانت بحوزتها قبل أو حصلت عليها أثناء الزواج، لا يتضمن دخلها: "لم يحدث وفق علمنا، أن تم الحكم بأن دخل المرأة أو ناتجها الذي تقوم بتحقيقه أثناء إقامتها مع زوجها دون أن تشارك في عمل منفصل خاص، ليست ملكًا للزوج.. من المؤكد أن قوانين الكونغرس التي تحترم حق المرأة المتزوجة في هذه المقاطعة لا تضمن للزوجة مثل هذه الملكية وفق ما أوضحت المحكمة العليا" (ص 584).

ومن هنا فإنه ليس من المستغرب وجود شرط قانوني يقضي بأن تقوم المرأة باستبدال اسم عائلتها باسم اسم عائلة الشخص الذي تزوجته. بينما احتفظت المرأة المسلمة دائمًا باسمها قبل الزواج كحق قانوني. في قضية تشابمان ضد بنك فينيكس الوطني لمدينة نيويورك، أوضحت محكمة الاستئناف في نيويورك: "على امتداد عدة قرون، وبموجب القانون العام بين جميع الناطقين بالإنجليزية، تأخذ المرأة، عند زواجها، لقب زوجها. يصبح هذا اسمها القانوني، وتتوقف عن التعرف باسمها قبل الزواج. بهذا الاسم (لقب الزوج) يجب عليها أن تقاضي وأن تتم مقاضاتها وتقوم بتقديم أو أخذ المنح وتنفيذ جميع المستندات القانونية. بالزواج تأكّد فقدان لقبها السابق، فلم تعد تعرف به بعد ذلك" (ص 449).

حتى أواخر عام 1945، في قضية راغو ضد ليبسكي، كررت محكمة الاستئناف في ولاية إلينوي نفس الإجماع: "على الرغم من اعتراض مقدم الالتماس بعكس الآتي: فإنه من المسلم به وفقًا لمبادئ القانون العام والعادات السائدة أن تتخلى المرأة عند الزواج عن اسمها السابق وتأخذ لقب الزوج لتستخدمه بعدها كاسمها الخاص" (ص 67).

لا تحتاج المرأة المسلمة إلى النظر خارج تراثها الإسلامي للحصول على المرجعية والإلهام لتطوير فقه المساواة الإسلامي حول تمكين المرأة واستقلالها ومساواتها مع الرجل

في ألاباما، يفرض القانون على المرأة المتزوجة استخدام اسم زوجها للتقدم بطلب للحصول على رخصة قيادة. في عام 1971، أكدت المحكمة العليا للولايات المتحدة على شرط ألاباما في قضية فوربوش ضد والاس. كان لدى ولاية يوتا قانون مماثل أيضًا. في قرار غير منشور عام 1976، أكدت المحكمة العليا للولايات المتحدة قرار محكمة يوتا الذي حرم المدعية من الحق في استخدام اسمها قبل الزواج في رخصة قيادتها: "كما تم تأكيده من قبل، فإن القانون العام بشأن يوتا قد حل محل النص القانوني الخاص، ولا يمكن للمدعية أن ترتكز على أي نص قانوني خاص في يوتا لخلق الحق في استخدام اسمها السابق على رخصة قيادة يوتا. وبالتالي، فقد فشلت المدعية إثبات أن لديها حق ملكية في ولاية يوتا يتيح لها استخدام اسمها قبل الزواج في رخصة قيادتها (قرار غير منشور).

اقرأ/ي أيضًا: أدوار المرأة العربية في الصناعة السينمائية

لم يكن هذا الموقف شاذًا عن الوضع القائم آنذاك. فوفقًا لمحكمة الاستئناف الفيدرالية للدائرة القضائية السادسة في عام 1976، كان هذا هو قانون البلاد، وقد تم المصادقة على لائحة مماثلة في ولاية كنتاكي تطالب المرأة باستخدام اسم زوجها للتقدم بطلب للحصول على رخصة قيادة.

انطلاقًا من هذا المنطق المقر من قبل المحكمة العليا، تطلب تغيير اسم المرأة المتزوجة موافقة زوجها. قبل عام 1981 في ولاية أيوا، على سبيل المثال، كان قانون ولاية أيوا يشترط: "إذا كانت مقدمة الالتماس لتغيير الاسم متزوجة، وجب على الزوج الانضمام إلى العريضة أو تقديم موافقة خطية مرافقة لها".

في الذكرى المئوية للتعديل التاسع عشر، لا يسعني إلا أن أفكر في المساواة بين الجنسين في التقاليد الإسلامية. سيتفاجأ العديد من قراء هذه المقالة عندما يعلمون أن النساء المسلمات في القرن السابع كان لهن حقوق أكثر من النساء الأمريكيات في أوائل القرن العشرين. في الوقت الذي اعتبر فيه القانون الأمريكي المرأة ملك زوجها، كانت المرأة المسلمة تتمتع بمركز قانوني مستقل، وأهلية قانونية للتعاقد، وحق مستقل بالعمل، والميراث والتوريث. لم يكن من الجائز حرمان المرأة المسلمة من الإرث بالوصية؛ كن يمتلكن ويدرن ويتصرفن في الممتلكات، وكان يملكن الحق في المتعة الجنسية ويحق لهن أن يكن عالمات دين؛ حتى أن بعض الفقهاء ذهب إلى أن المرأة المسلمة يحق لها أن تتولى القضاء.

على الرغم من هذا التقليد الثري والجوهري للمساواة بين الجنسين في الإسلام، تعاني المرأة المسلمة اليوم من التمييز والإساءة والتهميش في المجتمعات الإسلامية. لا تحتاج المرأة المسلمة إلى النظر خارج تراثها الإسلامي للحصول على المرجعية والإلهام لتطوير فقه المساواة الإسلامي حول تمكين المرأة واستقلالها ومساواتها مع الرجل. كل اللبنات الأساسية واضحة لالتقاط الرسالة الإلهية: "وهو الذي أنشأكم من نفس واحدة فمستقر ومستودع قد فصلنا الآيات لقوم يفقهون" (سورة الأنعام آية 98).

 

اقرأ/ي أيضًا:

هل المرأة إنسان؟

المرأة الليبية.. العنف متواصل