22-ديسمبر-2019

من الفيلم (IMDB)

يستوحي فيلم "The Terminal" (2004) فكرته العامة من حادثة حقيقة حصلت مع الشاب الإيراني مهران ناصري، الذي احتجز في مطار شارل ديغول في فرنسا بين عامي 1988 و2006.

يستوحي فيلم "The Terminal" (2004) فكرته العامة من مكوث مهران ناصري 18 عامًا في قاعة الانتظار في مطار شارل ديغول

نُفي مهران من إيران في سبعينيات القرن الماضي بسبب مشاركته في تظاهرات طلابية ضد الشاه في تلك الفترة، وقضى حياته لاجئًا متنقلًا بين عدة دول أوروبية.

في 1988، أثناء تواجده في مطار شارل ديغول في فرنسا قادمًا من مطار هيثرو، أضاع مهران أوراقه الثبوتية كما قال يومها، ولم يستطع أن يثبت هويته، ولم يكن هناك آنذاك سبيل للاتصالات بالسلطات الإيرانية بسبب الأزمة السياسية، وبالتالي لم تجد السلطات الفرنسية أي منفذ قانوني للتعامل مع القضية سواء بترحيله أو بالسماح له بدخول فرنسا، فعلق مهران في قاعة الانتظار حيث عاش 18 سنة كاملة هناك. خلال تلك السنوات بات مهران معروفًا لزوار المطار والعاملين فيه، وقد قام بكتاب يومياته في قاعة الانتظار ونشرت لاحقًا في كتاب نال شهرة واسعة.

اقرأ/ي أيضًا: بين فيلمي "Saving Private Ryan" و"Hacksaw Ridge"

حياة مهران ناصري في المطار، ألهمت المخرج الشهير ستيفن سبيلبرغ لصناعة فيلم عن العيش في قاعة  الانتظار، فكان "The Terminal" عملًا إبداعيًا آخر للثنائي سيلبرغ – توم هانكس، حيث أدى الأخير دور البطولة المطلقة بشكل متقن.

تدور أحداث الفيلم، الذي يمتد لأكثر من ساعتين، في ما يفترض أنه قاعة الانتظار في مطار جون كينيدي في الولايات المتحدة، وقد تم تصميم صالة عملاقة في لوس أنجلوس لتصوير الأحداث داخلها.

يصل فيكتور نافورسكي (توم هانكس) إلى الولايات المتحدة قادمًا من جمهورية قرقوزيا في شرق أوروبا. لسوء حظ نافورسكي، تندلع أحداث شغب في بلاده أثناء سفره من دون علمه، وينجح المحتجون في الانقلاب على النظام واستلام الحكم وتغييراسم البلاد، وعليه فإن جواز سفر نافورسكي وأوراقه باتت بلا قيمة لحظة وصوله إلى نقطة التفتيش، وبالتالي لم يكن مسموح له دخول بلاد العم سام. وبسبب اختفاء دولته عن الخارطة السياسية، لم يكن بالإمكان إعادته إليه، فاحتُجز نافورسكي داخل قاعة الانتظار باعتبارها منطقة دولية، حيث يمكنه التجول والأكل والنوم، فيما يمنع عليه أن يخطو إلى الخارج وأن يدوس الأراضي الأمريكية.

في البداية، يحاول ديكسون مسؤول الأمن في المطار أن يرشد نافورسكي إلى طريق الخروج، متغاضيًا عن تطبيق القانون، بسبب تعاطفه معه، ولأنهم أمام حالة فريدة من نوعها. يفشل نافورسكي بسبب سذاجته وجهله باللغة الإنجليزية في الخروج. يشبه ديكسون نافورسكي بالسمكة، يقول إنه اصطادها في المطار، لكنه سيرميها إلى المياه مجددًا ليصطادها أحد غيره.

يقضي نافورسكي أيامًا طويلة في فناء صالة الانتظار، يقوم خلالها ببعض الأعمال لتأمين قوت يومه، تتحسن مهارته في اللغة الإنجليزية مع الوقت. يحصل على تعاطف العمال في المطار، ومع الوقت يصبح محبوب الجميع هناك، بعد مساعدته لأحد المسافرين في إقناع سلطات المطار بالسماح له باصطحاب دواء معه لوالده المريض. لا تخلو الأحداث من المواقف الكوميدية، يتعرف نافورسكي على مضيفة طيران تدعى إميليا فارين (كاترين زيتا جونز) ويقع في حبها، فيظهر الجانب العاطفي لدى فيكتور، لكنه يُمنّى بخيبة لاحقة، عندما تقرر إميليا، المضطربة عاطفيًا بالأساس، العودة لحبيبها السابق.

يحمل "The Terminal" أفكارًا تضيء على معاناة اللاجئين العاجزين عن إثبات هوياتهم أمام الأنظمة البيروقراطية والقوانين الجامدة

ينال ديكسون ترقية فيصبح المسؤول الأول عن الجمارك، فيقرر معاقبة نافورسكي، وتشديد الخناق عليه، خاصة في ظل توجسه منه، وعدم معرفته لسبب زيارته لنيويورك. يعود الأمن مرة جديدة إلى كراكوزيا ويحصل نافورسكي على التأشيرة ويدخل نيويورك، يتبين أن سبب زيارته هو الحصول على توقيع أحد عازفي الجاز تلبية لحلم والده المتوفي.

اقرأ/ي أيضًا: توم هانكس.. الشرير

بالرغم من طابعه الكوميدي والمباشر، يحمل "The Terminal" في طياته الكثير من الأفكار العميقة، من الإضاءة على قضية اللاجئين العاجزين عن إثبات هوياتهم، إلى الأنظمة البيروقراطية والقوانين الجامدة التي يمكن لها أن تحد من حرية أحد ما بسبب ظرف خارج عن إرادته، كذلك كان الفيلم تخليدًا سينمائيًا لتجربة مهران نصيري على طريقية سبيلبرغ. مع العلم أن الفيلم عرض للمرة الأولى قبل سنتين تقريبًا من خروج مهران من مطار شارل ديغول.

اقرأ/ي أيضًا:

الرحلة في ثلاثية الشمال الإيراني لعباس كيارستمي

لماذا يحب الناس الأبطال الخارقين وأفلامهم؟ 10 أسباب تخبرك (1-2)