09-أغسطس-2019

المتطوعات البلجيكيات (مواقع التواصل الاجتماعي)

"اقطعوا أعناقهن!"، هكذا قال صاحب التدوينة، قبل أن يلقي عليه الأمن المغربي القبض بتهمة التحريض على القتل ونشر خطاب الكراهية.

تحولت حملة تطوعية لفتيات بلجيكيات بإحدى قرى المغرب، إلى قضية رأي عام، بسبب تعليقات متطرفة بسبب ملابسهن

كانت هذه النقطة الفاصلة في قصة حملة تطوعية بلجيكية بإحدى القرى نواحي تارودانت جنوب المغرب. حملة تطوعية تحولت أطوارها من احتفاء مغربي عام بصورة شابات أوروبيات يحاولن رصف طريق قروي، إلى قضية رأي عام دولية بعد أن دخلت الصحافة الأوروبية على خطها.

اقرأ/ي أيضًا: حكم قضائي بحل جمعية ثقافية في المغرب.. والسبب يوتيوب!

القصة كاملة

في الثالث من آب/أغسطس الجاري، نشر موقع مغربي تقريرًا يغطي حملة تطوع بلجيكية في إحدى القرى ضواحي مدينة تارودانت جنوب البلاد. رصد التقرير المصور ارتسامات المشاركات في الحملة، واللاتي اجتمعن في التعبير عن فرحهن بهذه العملية التطوعية، وشكرهن لأهل القرية "الطيبين جدًا والمضيافين"، حسب وصف إحداهن.

بعدها اجتاحت صور "الحسناوات البلجيكيات" بملابسهن الصيفية داخل الورش، وهن ملطخات بالإسمنت والتراب؛ صفحات التواصل الاجتماعي المغربية، متبوعة بتعاليق تحمل كثيرًا من الشكر للمتطوعات والتأنيب للمسؤولين الذين "يجب  عليهم، من خلال هذه العملية، تعلم درسٍ في الاهتمام بساكنة القرى النائية".

المتطوعات البلجيكيات
تصميم لحملة تضامنية مع المتطوعات البلجيكيات، تحت شعار "Yes We Short"

وفي نشاز عن الصوت الغالب، علَّق البعض مستنكرًا هندام المتطوعات لأسباب "أخلاقية"، منهم نائب برلماني عن حزب العدالة والتنمية ذو الخلفية الإسلامية، الذي جاهد في تبرير موقفه بالقول، إن ذلك الهندام "منافي لشروط السلامة"! لكن تبريره لم ينجه من الاستهجان العام الذي لحقه رغم اعتذاره في وقت لاحق.

وعلى إثر ذلك، بلغت الانتقادات للفتيات البلجيكيات، مداها على لسان معلم مدرسة ابتداية في مدينة القصر الكبير، إذ طالب بقطع رؤوس الفتيات "ليصبحن عبرة لكل من سولت لهن التطاول على مبادئ ديننا الحنيف"، بحسب ما جاء في تدوينته. التدوينة التي انتفض عليها المغاربة من رواد مواقع التواصل مستنكرين ورافضين لذلك التحريض، داعين الأمن الوطني للتدخل ومحاسبة الجاني المذكور.

هذا وتحركت فرقة الشرطة القضائية المغربية لاعتقال المعلم المذكور، كما جاء في بيان للمديرية العامة للأمن الوطني، أن "المعني بالأمر يبلغ من العمر 26 سنة، وتم توقيفه للاشتباه في تورطه في قضية تتعلق بالإشادة والتحريض على ارتكاب أفعال إرهابية".

وأشار البيان إلى أنه تم التحفظ على المشتبه به تحت تدابير الحراسة النظرية، على خلفية البحث الجاري بإشراف النيابة العامة المختصة بقضايا الإرهاب.

اقرأ/ي أيضًا:

ردود فعل متباينة

بعد موجة الاستهجان المغربية العامة على ما حصل، ومعالجة الشرطة المغربية للقضية بحسب ما يمليه القانون؛ دخلت الصحافة الفرنسية على الخط، مصورة المغرب بلدًا يعيث فيه الإرهاب والكراهية. هكذَا نجد مجموعة من الصحف والمواقع الفرانكوفونية تربط، بشكل غريب، بين التدوينة الأخيرة وحادثة "شمهروش" الإرهابية التي عرفها المغرب السنة الماضية.

هذا الربط من الصحافة الفرنسية، اعتبره متابعون أنه "يخدم خطاب كراهية آخر، هو خطاب اليمين الفرنسي"، كما اعتبر كثيرون أنها محاولة ترهيب مجانية لاستثارة الرأي العام.

من جانبها أعلنت جمعية بورود البلجيكية، المسؤولة عن مبادرة التطوع في المغرب، أنها ستلغي جميع برامج تطوعها التي كانت مبرمجة سابقًا، وذلك بعد تشاورها مع وزارة الشؤون الخارجية البلجيكية عقب الضجة الواسعة التي خلفتها قضية الحملة الأخيرة.

ولفتت الجمعية إلى أن ثلاث متطوعات من أصل 37 متطوع ومتطوعة في المغرب، يريدون العودة إلى ديارهم، بعدما انهالت عليهم التعليقات المسيئة، مطمئنة أهالي المتطوعين على سلامتهم الذاتية.

في وقت لاحق، أطلق فاعلون جمعويون مغاربة حملات تضامن مع المتطوعات البلجيكيات، منها تحت وسم "‪#‎tousenshort‬" كرد فعل مستهجن للانتقادات التي طالت الفتيات، لم يخل بعضه من السخرية.

 

 

وفي تدوينة نشرها الناشط الجمعوي المغربي، أحمد غياط، على حسابه بفيسبوك، دعى إلى التحرك ضد "خطاب الظلامية والحقد، في وقت يكون ارتداء سروال قصير رمز للتعبير على أن المغرب أرض التعدد الثقافي".

كما استقبل أفراد جمعية "Marock’jeunes" الوفد البلجيكي المتطوع في مدينة مراكش، في مبادرة لرد الاعتبار لهم وشكرهم على أعمالهم الخيرية في البلاد، منظمين جولة ترفيهية سياحية في المدينة الحمراء على شرفهم.

نطاق ضيّق للكراهية

التعليقات الأخيرة وإن كانت تعبر عن بقاء بعض ممن يعتنقون خطاب الكراهية بين المغاربة، إلا أنها انتشارها ضيق النطاق، مع حصارها بحملات مضادة، فضلًا عن عمل الأجهزة الأمنية على ملاحقة المحرضين.

حادثة شمهروش
قتلت سائحتين دنماركية ونرويجية العام الماضي في المغرب، وهي الحادثة الإرهابية الوحيدة خلال آخر 5 سنوات

وتعددت في السنوات الأخيرة حالات المتابعة القانونية لمن يروجون مثل هذا الخطاب على وسائل التواصل، منها اعتقال من احتفى بحادثة مقتل السائحتين النرويجية والدنماركية في منطقة إمليل بإقليم حوز جنوب البلاد، السنة الماضية، وكذلك المراهق الذي احتفى بمجزرة نيوزيلندا الأخيرة.

يعد المغرب من أقل دول المنطقة تأثرًا بالنشاط الإرهابي، ففي آخر 5 سنوات لم يشهد سوى عملية إرهابية واحدة من تنفيذ ذئاب منفردة

يُذكر أن المغرب واحدًا من أقل دول المنطقة تأثرًا بنشاط التنظيمات الإرهابية، ففي آخر خمس سنوات لم يشهد المغرب سوى عملية إرهابية واحدة، نفذها عناصر ممن يطلق عليهم "الذئاب المنفردة" العام الماضي، فيما عرفت بحادثة "شمهروش".

 

اقرأ/ي أيضًا:

الزواج بالإكراه في المغرب.. اتجار بالبشر مع وقف التنفيذ

نساء الفراولة.. ثورة مغربيات عاملات في الحقول الإسبانية