22-سبتمبر-2023
gettyimages

البرنامج الأمريكي يأتي مع تصاعد القلق من هجوم صيني على تايوان (Getty)

أكّد تقرير مطوّل نشرته وكالة رويترز أنّ البحرية الأمريكية تُجري أكبر عملية إصلاح شاملة لشبكة المراقبة البحرية السرية للغاية تحت سطح البحر، والتي يعود استخدامها إلى حقبة الحرب الباردة منذ خمسينيات القرن الماضي. 

ولجأت واشنطن إلى إحياء برنامجها السري للتجسس تحت سطح البحر مع تزايد القوة البحرية الصينية والتقنيات الجديدة التي تغير الحرب البحرية بسرعة. كما أكّد تقرير رويترز أنّ لدى بكين خططًا مماثلة خاصة بها.

نظام المراقبة المتكامل تحت سطح البحر

أعادت واشنطن العمل بمحطة التجسس التابعة للبحرية الأمريكية على جزيرة ويدبي الواقعة على بعد 50 ميلًا شمال سياتل، وظلت هذه المحطة لسنوات مشغولة بتتبع تحركات الحيتان وقياس ارتفاع درجات حرارة البحر، مع العلم أنها استخدمت خلال الحرب الباردة كمحطة مراقبة تتبع للبحرية الأمريكية. لكن مؤخرًا وبالتحديد في تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، أعطت البحرية لوحدة المراقبة تلك اسمًا جديدًا هو نظام المراقبة المتكامل تحت سطح البحر IUSS ويعكس هذا الاسم محطة المراقبة الحالية بشكل أفضل.

يأتي إحياء برنامج التجسس الذي تبلغ قيمته مليارات الدولارات، والمعروف باسم نظام المراقبة المتكامل تحت سطح البحر (IUSS)، في الوقت الذي تكثف فيه الصين مناوراتها العسكرية حول تايوان

ووفقًا لمصادر رويترز فإن "IUSS"، هي "شبكة من كابلات التجسس الثابتة الموضوعة في مواقع سرية في قاع المحيط، وتم تطويرها في الأصل للتجسس على الغواصات السوفيتية قبل 70 عامًا.

إن إعادة تسمية محطة التجسس في منشأة جزيرة ويدبي هي إشارة إلى مشروع عسكري أمريكي أكبر بكثير، يتمثل في إجراء أكبر عملية إعادة بناء لبرنامج التجسس الأمريكي المضاد للغواصات منذ نهاية الحرب الباردة وفقًا لثلاثة أشخاص لديهم معرفة مباشرة بالخطط.

ويأتي إحياء برنامج التجسس الذي تبلغ قيمته مليارات الدولارات، والمعروف باسم نظام المراقبة المتكامل تحت سطح البحر (IUSS)، في الوقت الذي تكثف فيه الصين مناوراتها العسكرية حول تايوان، مما يزيد المخاوف بشأن صراع محتمل على المنطقة الخاضعة للحكم الديمقراطي، والتي تريد بكين وضعها تحت سيطرتها.

وأصبح وجود هذا البرنامج التجسسي معروفًا لأول مرة فقط في عام 1991، وتشمل خطة إحيائه، تحديث الشبكة الأمريكية الحالية لكابلات التجسس الصوتي تحت الماء وتجهيز أسطول سفن المراقبة بأحدث أجهزة الاستشعار والميكروفونات تحت سطح البحر، وهي خطوات تهدف إلى تعزيز قدرة الجيش على التجسس على أعدائه. ووافقت الولايات المتحدة على بيع تكنولوجيا مماثلة لأستراليا للمساعدة في تعزيز دفاعات الحلفاء في منطقة المحيط الهادئ.

إن التغيير الأكثر ابتكارًا في نظام استطلاع المحيطات التابع للبحرية هو الاستثمار في التقنيات الجديدة لتصغير وتعميم أدوات المراقبة البحرية التقليدية. وقال الأشخاص الثلاثة إن الشبكة الأصلية لكابلات التجسس الثابتة.

getty

وتتضمن خطة البحرية نشر أسطول من الطائرات المُسيّرة ووضع أجهزة استشعار محمولة في قاع البحر للبحث عن الغواصات؛ واستخدام الأقمار الصناعية لتحديد مواقع السفن من خلال تتبع تردداتها اللاسلكية؛ بالإضافة لاستخدام برامج الذكاء الاصطناعي لتحليل بيانات التجسس البحري في جزء صغير من الوقت الذي يستغرقه المحللون البشريون عادةً.

وتمكنت رويترز من تجميع تفاصيل خطط الوحدة من خلال مقابلات مع أكثر من عشرة أشخاص مشاركين في هذا الجهد، بما في ذلك اثنان من موظفي البحرية الحاليين الذين يعملون في المراقبة البحرية، ومستشارون للبحرية ومقاولو الدفاع المشاركون في المشاريع.

كما قامت وكالة رويترز بمراجعة مئات العقود البحرية. 

وقد حدد هذا الفحص ما لا يقل عن 30 صفقة مرتبطة ببرنامج المراقبة الموقع على مدى السنوات الثلاث الماضية مع عمالقة الدفاع بالإضافة إلى سلسلة من الشركات الناشئة التي تعمل على طائرات مُسيّرة بحرية ومعالجة الذكاء الاصطناعي.

كما كشفت مراجعة أجرتها رويترز لبيانات تتبع السفن وصور الأقمار الصناعية أيضًا عن تفاصيل جديدة حول مد الكابلات السرية تحت الماء التابعة للبحرية.

ويقود IUSS الكابتن ستيفاني مور، ضابط مخابرات البحرية المخضرم. ويعمل البرنامج تحت قيادة قوة الغواصات التابعة للأسطول الأمريكي في المحيط الهادئ، برئاسة الأدميرال ريتشارد سيف.

وقد رفض القائدان مور وسيف طلبات رويترز للتحدث عن برنامج التجسس الجديد، لكن متحدثًا باسم قوة الغواصات الأمريكية في الأسطول الأمريكي في المحيط الهادئ، قال "إن البحرية لا يمكنها مناقشة التفاصيل المتعلقة بنظام المراقبة تحت سطح البحر لأسباب أمنية تشغيلية".

وقال المتحدث في بيان: "لقد شهدت الأنظمة نموًا وإعادة رسملة وستشهد نموًا مع تطوير التقنيات تحت سطح البحر وتحديث أولويات الدفاع".

كما قال تيم هوكينز، المتحدث باسم الأسطول الأمريكي الخامس، المتمركز في الشرق الأوسط والذي قاد تجارب الطائرات المُسيّرة البحرية الأمريكية، لرويترز إن البحرية تعمل على تحسين المراقبة من "الفضاء إلى قاع البحر" بهدف رسم أوضح صورة على الإطلاق للبحرية الأمريكية. النشاط العالمي في البحر.

getty

وتحدثت مصادر رويترز عن 3 أسباب رئيسية دفعت واشنطن لإحياء البرنامج، الأول هو صعود الصين كقوة بحرية واحتمالية مهاجمة سفنها لتايوان أو تخريب البنية التحتية تحت سطح البحر.

أما السبب الثاني، هو نجاح أوكرانيا في توظيف تكتيكات الحرب البحرية بشكل جديد خلال هجومها المضاد ضد روسيا، عبر استخدام مركبات بحرية غير مأهولة.

ويرتبط ثالث الأسباب بالتغير التكنولوجي السريع، بما في ذلك أجهزة الاستشعار والذكاء الاصطناعي، وهي عوامل تغذي الصراع مع الصين.

برنامج تجسس صيني بحري

في المقابل، أكّد مصدران بالبحرية الأمريكية لرويترز أن الصين تعمل في الوقت نفسه على برنامج تجسس بحري خاص بها يعرف باسم السور العظيم تحت الماء.

ويتكون هذا النظام، الذي هو قيد الإنشاء بالفعل، من كابلات مزودة بأجهزة استشعار للاستماع بالسونار تم وضعها على طول قاع البحر في بحر الصين الجنوبي، وهي ساحة متوترة بسبب النزاعات الإقليمية بين بكين وجيرانها. وقال المصدران إن الصين تبني أسطولًا من الطائرات المُسيّرة يمكنها الغوص تحت الماء للبحث عن الغواصات. ويمتد المشروع الصيني إلى منطقة المحيط الهادئ. 

أسباب إحياء برنامج التجسس الأمريكي، تدور حول صعود الصين كقوة بحرية، ونجاح أوكرانيا في توظيف تكتيكات الحرب البحرية بشكل جديد، والتغير التكنولوجي السريع، بما في ذلك أجهزة الاستشعار والذكاء الاصطناعي

وسبق للأكاديمية الصينية للعلوم التي تديرها الدولة في عام 2018 أن قالت إنها تقوم بتشغيل جهازي استشعار تحت الماء: أحدهما في منطقة تشالنجر ديب في خندق ماريانا، أعمق نقطة معروفة على وجه الأرض؛ والآخر بالقرب من ياب، وهي جزيرة في ولايات ميكرونيزيا الموحدة.

وقالت مصادر البحرية إنه على الرغم من أن الصين تقول إن أجهزة الاستشعار هذه تستخدم لأغراض علمية، إلا أنها يمكنها اكتشاف تحركات الغواصات بالقرب من القاعدة البحرية الأمريكية في غوام، وهي منطقة جزيرة في المحيط الهادئ.

ولم تستجب وزارة الدفاع الصينية لطلبات رويترز، كما امتنعت وزارة الخارجية الصينية عن التعليق.