20-سبتمبر-2023
وزير الدفاع الصيني

كان اختفاء لي ملحوظًا بشكل خاص لأنه تم تعيينه في شهر آذار/مارس فقط (Getty)

مرّت 3 أسابيع على آخر ظهور علني لوزير الدفاع الصيني لي شانغ فو، دون ظهور أي تصريح صيني رسمي حول ما حدث للجنرال لي شانغ فو، وإن كانت مصادر مختلفة أكّدت اعتقاله على ذمة تحقيق في قضية فساد تتعلّق بشراء معدات عسكرية بالإضافة لثمانية ضباط آخرين. 

وتتحدث ذات المصادر عن إقالة لي شانغ فو من منصبه ليكون ثاني مسؤول كبير في نظام الرئيس الصيني شي تتم إقالته على خلفية قضايا فساد بعد إقالة وزير الخارجية الصيني السابق تشين غانغ.

يشير اختفاء وزير الدفاع الصيني لي شانغ فو المفاجئ، حسب الغارديان، إلى عملية التدقيق الغامضة التي تخضع لها التعيينات العليا في ظل حكم الرئيس الصيني شي جين بينغ

وفي ذات السياق تذهب تقارير إعلامية غربية إلى ربط "تغييب شانغ فو بعمليات التطهير السياسي في الصين التي يقوم بها الرئيس شي الذي عزّز قبضته القوية على السلطة"، وفق صحيفة "الغارديان".

وكانت وكالة رويترز قد ذكرت أن لي شانغ فو إلى جانب ثمانية مسؤولين كبار آخرين، يخضعون للتحقيق بتهمة الشراء الفاسد لمعدات عسكرية تتعلق بالفترة التي قضاها على رأس قسم المعدات في اللجنة العسكرية المركزية، الهيئة الحاكمة للجيش، بين أيلول/سبتمبر 2017 وتشرين الأول/أكتوبر 2022. كما توصلت المخابرات الأمريكية إلى استنتاجات مماثلة.

لكن بكين رفضت التعليق على مكان وجود وزير دفاعها، وفي مؤتمر صحفي عقدته وزارة الخارجية الصينية الإثنين الماضي، رفض المتحدث باسم وزارة الخارجية ماو نينغ الإجابة على سؤال حول لي شانغ فو، قائلًا إنه "ليس سؤالًا دبلوماسيًا". لكن العديد من الاجتماعات المقررة بين لي ومسؤولي الدفاع الأجانب ألغيت بالفعل، مع عدم اليقين بشأن وضع الاجتماعات المستقبلية.

وكان اختفاء لي ملحوظًا بشكل خاص لأنه تم تعيينه في شهر آذار/مارس فقط. ومثله كمثل تشين غانج، وزير الخارجية السابق الذي تم استبداله في تموز/الماضي، حيث واجه مشاكل عدّة بعد أقل من عام من ترقيته إلى أعلى المناصب على يد الزعيم الصيني شي جين بينغ.

getty

وجعل شي، الذي تولى السلطة في عام 2012، من مكافحة الفساد سياسته المميزة. وفي هذا الصدد ينقل تقرير لصحيفة الغارديان عن المدير الحالي لمعهد الصين بجامعة SOAS في لندن ستيف تسانغ، قوله إنّ "شي ظل في السلطة الآن لفترة كافية بحيث استبدل جميع الأشخاص على أعلى مستوى في الحزب بحلفاء وموالين، لذا فإن أي شخص سيطيح به الآن سيكون من أتباعه".

وقد تساءل بعض المحللين عن: كيف يمكن للفساد أن يصبح ممكنًا في أعلى المستويات في جيش التحرير الشعبي الصيني بعد أكثر من عقد من تولي شي منصب الرئيس؟

وقالت أوليفيا تشيونغ، وهي زميلة باحثة في معهد SOAS "إنّ حالات الاختفاء على مستوى عالٍ سيئة بالنسبة للحزب، لكنها ليست غير متوقعة، فالحزب يبحث باستمرار عن العناصر غير النقية داخل نفسه ويتخلص منها، حتى لو كان القيام بذلك مؤلمًا... والتفكير الأساسي هو أن الضرر قصير المدى الذي يلحق بصورة الحزب وتماسك النخبة هو تكلفة يجب دفعها في بناء حزب سياسي منضبط وفعال على المدى الطويل"، وفق توصيفها.

وفي يوليو/تموز، أصدرت إدارة المعدات العسكرية إشعارًا عامًا نادرًا بأنها تحقق في الفساد المتعلق بعملية تقديم عطاءات، وتشكيل مجموعات خاصة، يعود تاريخها إلى عام 2017. 

وفي آب/أغسطس الماضي، استبدل اثنان من كبار جنرالات القوة الصاروخية الصينية المسؤولين عن الترسانة النووية، فيما تم تفسيره على أنه محاولة لكسر شبكات المحسوبية في القسم المهم لجيش التحرير الشعبي.

وفي الفترة التي قضاها وزير الدفاع الصيني لي كرئيس لقسم المعدات العسكرية خضع لعقوبات من واشنطن، التي اتهمته بالتورط في شراء أسلحة من أكبر مصدر للأسلحة في روسيا.

getty

وتعارض بكين بشدة استخدام العقوبات، وقد تم الاستشهاد بتلك العقوبات المفروضة على لي كسبب لتجاهل نظيره الأمريكي لويد أوستن في سنغافورة في حزيران/يونيو الماضي.

وتجمد الحوار العسكري بين الولايات المتحدة والصين إلى حد كبير منذ أن قامت نانسي بيلوسي، رئيسة مجلس النواب آنذاك، بزيارة تايوان في آب/أغسطس من العام الماضي 2022.

ويعتقد بعض المحللين أن تعرض لي للعقوبات الأمريكية ربما يكون قد عزز مسيرته المهنية، حيث يمكن لبكين استخدام منصبه كوزير للدفاع للدعوة إلى رفع العقوبات إذا أرادت واشنطن استئناف الحوارات على مستوى وزراء الدفاع.

وربما يفسر هذا سبب تعيين لي، الذي تتركز خلفيته في مجال الخدمات اللوجستية وليس القتالية، في هذا المنصب العسكري الرفيع.

وأخيرًا يشير اختفاء لي المفاجئ، حسب الغارديان، إلى عملية التدقيق الغامضة التي تخضع لها التعيينات العليا في ظل حكم شي.

كان اختفاء لي ملحوظًا بشكل خاص لأنه تم تعيينه في شهر آذار/مارس فقط

ومع ابتعاد الحزب الشيوعي الصيني عن القيادة الجماعية التي كانت سائدة قبل عقد من الزمن نحو الحكم المركزي لشي جين بينغ، أصبح التشكيك في حكم شي جين بينغ أمرًا بالغ الخطورة على نحو متزايد. 

وستتجه كل الأنظار الآن نحو منتدى شيانغشان، وهو اجتماع دفاعي من المقرر عقده الشهر المقبل، وعادة ما يتحدث وزير الدفاع الصيني في المؤتمر، الذي انعقد حضوريًا آخر مرة في عام 2019. وإذا فشل لي في التحقيق الذي يخضع له، فقد تضطر بكين إلى الإعلان عن وزير دفاع جديد بعد أقل من شهرين من تولي وزير الخارجية الجديد منصبه.