29-ديسمبر-2023
أم فلسطينية تقبِّل يدي أطفالها الشهداء

مقطع من قصيدة نداء الفداء لـ علي محمود طه (الترا صوت)

علي محمود طه (1901 – 1949) شاعر مصري من مواليد مدينة المنصورة شمال مصر. يُعد من كبار الشعراء العرب في عصره، وأحد أبرز أعضاء ومؤسسي مدرسة أبولّو الشعرية التي تُعتبر واحدة من أبرز التيارات الشعرية العربية، التي حملت على عاتقها مهمة تجديد الشعر العربي عبر وسائل وأدوات مختلفة، منها التنظير للشعر الحديث، والدعوة إليه، وتوفير مساحة لنشر النصوص الشعرية الحديثة ومناقشتها.

كتب عنه أحمد حسن الزيات يقول: "كان شابًا منضور الطلعة، مسجور العاطفة، مسحور المخيلة، لا يبصر غير الجمال، ولا ينشد غير الحب، ولا يحسب الوجود إلا قصيدة من الغزل السماوي ينشدها الدهر ويرقص عليها الفلك".

القصيدة المختارة هنا "نداء الفداء" نُشرت لأول مرة في العدد 783 من مجلة "الرسالة" (5 حزيران/ يونيو 1948)، أي بعد عدة أيام على وقوع النكبة. وفيها، يحث الشاعر الراحل العرب على نجدة فلسطين ومحاربة العصابات الصهيونية. وقد اشتُهرت القصيدة بعد أن قام الموسيقار المصري محمد عبد الوهاب بتلحينها وغنائها.


نداء الفداء

أخي جاوز الظالمون المدى

فحقّ الجهاد وحّق الفدا

 

أنتركهم يغصبون العروبة

مجد الأبوة والسؤددا

 

وليسوا بغير صليل السيوف

يجيبون صوتًا لنا أو صدى

 

فجرّد حسامك من غمده

فليس بعدُ أن يُغمدا

 

أخي! أيها العربي الأبي

أرى اليوم موعدنا لا الغدا

 

أخي! أقبل الشرق في أمة

ترد الضلال وتحيي الهدى

 

أخي! إن في القدس أختًا لنا

أعدَّ لها الذابحون المدى

 

صَبَرنا على غدرهم قادرين

وكنا لهم قدرًا مرصدا

 

طلعنا عليهم طلوع المنون

فطاروا هباء وصاروا سدى

 

أخي! قم إلى قبلة المشرقين

لنحمي الكنيسة والمسجدا

 

"يسوع" الشهيد على أرضها

يعانق في جيشه "أحمدا"

 

أخي! قم إليها نشق الغمار

دمًا قانيًا ولظى مرعدا

 

أخي! ظمئت للقتال السيوف

فأورد شَباها الدم المصعدا

 

أخي! إن جرى في ثراها دمي

وأطبقت فوق حصادها اليدا

 

ونادى الحمام وجن الحسام

وشب الضرام بهل موقدا

 

ففتش على مهجة حرة

أبت أن يمر عليها العدا

 

وخذ راية الحق من قبضة

جلاها الوغى ونماها الندى

 

وقبّل شهيدًا على أرضها

دعا باسمها الله واستشهدا

 

فلسطين يفدي حماك الشباب

وجل الفدائي والمفتدى

 

فلسطين تحميك منا الصدور

فأما الحياة وإما الردى.