ألترا صوت – فريق التحرير

غيَّب الموت صباح يوم أمس، الـ 25 من نيسان/ أبريل، الناقد والفنّان التشكيلي الفلسطينيّ السوريّ عبد الله أبو راشد (1951 - 2019).

اختار عبد الله أبو راشد أن يظلّ حضوره بدون صخب وضوضاء بما يتيح له تأملًا في المشهد التشكيلي

ابن مدينة طيرة حيفا المحتلّة، ومخيم اليرموك في العاصمة دمشق، فارق الحياة في مدينة درسدن الألمانية، بعد أن استفحل به مرض السرطان، بعيدًا عن أرضه الأولى، وعن المخيم الذي نشأ فيه. أبو راشد غادر عالمنا بعد أسبوع فقط من إتمامه الـ 68 من عمره. وقبل أسابيع قليلة من وفاته، كتب على حسابه الشخصيّ في الفيس بوك يقول: "بعد أن استوطن سرطان الكبد كبدي، يبدو أنّني لستُ جديرًا بالموت، أو جديرًا بالحياة. ماذا أفعل يا خالق الخلق؟".

اقرأ/ي أيضًا: ريم العيّاري.. انتصار الفنّ لأجل الفنّ

انتهت حيرة الفنّان الراحل هذه إذًا بانتهاء الهدنة التي كانت قائمةً بينه وبين الموت. أمّا حيرته الكبيرة إزاء غربته الأولى عن فلسطين، ومن ثمّ عن المخيم، الوطن البديل الذي ظنّ الجميع أنّهم لن يغادرونه إلّا نحو فلسطين؛ فظلّت قائمةً لا تنتهي. ومن الممكن القول إنّ آخر ما كان يتوقعه الراحل هو الموت مغتربًا أو منفيًا إن صحّ القول.

اختار أبو راشد أن يظلّ حضوره بدون صخب وضوضاء، نظرًا لطبيعة عمله التي تحتاج إلى مساحة من الهدوء والتأمل، وكل ما كان يعينه هو أن يُتابع ويواكب الحركة الفنية التشكيلية محليًا وعربيًا، والفلسطينية منها تحديدًا.

من الممكن القول إنّ هذا الشغف يُعدّ جزءًا من دينٍ قديمٍ لبلده المُحتل. أو ربّما، بشكلٍ أو بآخر، صلة وصلٍ به. ومن الممكن اعتباره وسيلةً لبقاء هذا الوطن مُتداولًا بصورةٍ يومية عند صاحب "جماليات المسجد الأقصى"، بما يضمن من خلال ألّا يغيب عن الذاكرة. هكذا نُفسّر سبب تكريسه لمعظم سنوات حياته للفنّ التشكيلي الفلسطينيّ، قراءةً وكتابةً ورسمًا. مُعتمدًا في نقده، بحسب المُحيطين له من أصدقاء ومُتابعين لما يكتب في الصحف والدوريات، على الثقافة الأكاديمية التي بدأ من خلالها بالاطّلاع على تاريخ الفنّ.

شغف عبد الله أبو راشد بالفن الفلسطيني يُعدّ جزءًا من دينٍ قديمٍ لبلده المُحتل. أو ربّما، بشكلٍ أو بآخر، صلة وصلٍ معه

اقرأ/ي أيضًا: لماذا نكره الفن؟

قدم عبد الله أبو راشد في سياق اشتغالاته واهتماماته مجموعة من الكتب والمؤلّفات النقدية، وكذلك العديد من الأوراق البحثية في عددٍ من المؤتمرات والندوات المتعلّقة بالفن التشكيلي الفلسطينيّ. من بين هذه الكتب نذكر "الوجيز في تاريخ الخطّ العربيّ" (منشورات وزارة الثقافة السورية، 2002). وقد قدّمه الراحل بوصفه مدخلًا مفتاحًا لثقافة عربية وحضارة إسلامية غنية ألبست المعمورة بثوبها الأنيق الحلة الجمالية والمسكونة في الأفئدة والقلوب والأماكن وزخم التاريخ. بالإضافة إلى كتاب آخر حمل عنوان "فنّ التصوير الفلسطينيّ: حواريات الأرض، التراث، القدس، المقاومة، الانتفاضة" (دار مؤسّسة فلسطين للثقافة، 2007).

 

اقرأ/ي أيضًا:

غويا في اللوحات السوداء

كاريكاتير من زمن الاستعمار