19-سبتمبر-2015

يقضي طلبة السودان عطلتهم في التسكع ومقاهي الأنترنات(ماركو دي لورو/Getty)

لم تفلح الحكومة السودانية في توفير برامج تستوعب الطلبة خلال إجازاتهم الصيفية، التي قد تتجاوز 4 أشهر. ولا يتضح أنها تعد برامج مستقبلية قصد صقل مهاراتهم وتطويرها. في السودان، ينتابك إحساس وكأن وزارات التعليم "تتخلص"، خلال الإجازات، من الطلبة وتسلمهم إلى عائلاتهم، الذين عادة ما تكون خياراتهم أكثر سوءًا.

وعن الإجازة، تتحدث فاطمة لـ"ألترا صوت": "قضيتها في المنزل وشعرت بفراغ وملل، كل ما أقوم به يمكن تلخيصه في مساعدة والدتي في الواجبات المنزلية والاهتمام بتنظيف الغرف والطبخ وغسيل الأواني أو الجلوس أمام التلفزيون". وأمام حالة الضياع والكسل التي تميز حياة معظم الطلبة خلال العطل، تتعالى بعض الدعوات أحيانًا للمطالبة بتقليص فترة الإجازة الصيفية.  

ويختلف الوضع من عائلة إلى أخرى في السودان وحسب الجنس أيضًا. تجبر بعض العائلات بناتها على القيام بأعمال شاقة في المنازل نظير أجر زهيد. وتشجع عائلات أخرى البنات على تعلم التطريز والخياطة أو تعلم الكتابة على الحاسوب قصد الاستفادة من أوقات الفراغ.

لم تفلح الحكومة السودانية في توفير برامج تستوعب الطلبة خلال إجازاتهم الصيفية، التي قد تتجاوز 4 أشهر

ويختلف الأمر عادة بالنسبة للطلاب، إذ يرافق البعض منهم آباءهم إلى المزارع والأسواق أو في المهن الحرفية، من النجارة والحدادة والبناء، ويتعلمون الحرفة خلال إجازاتهم ويساهمون في توفير دخل مادي إضافي أيضًا. كما يعمل الكثير من الطلبة بشكل مستقل ويدخرون أجورهم لمصاريفهم الجامعية أو لمساعدة الأسرة في مصاريف أخرى.

ترى الخبيرة التربوية جميلة الجميعابي أن "وقت الإجازة يجب أن يستثمر بشكل مفيد للطلبة وإلا فسيعود بالسلب على الشباب وعائلاتهم والمجتمع بصفة عامة". وتضيف لـ"ألترا صوت": "الإجازة ليست للنوم والراحة بل للاستفادة والعمل أيضًا، وأقترح أن تنشئ الدولة معسكرات صيفية ولو اقتصرت على المتفوقين، لتنمية مهاراتهم". يساند الكثيرون ما ذهبت إليه الخبيرة التربوية ويؤكدون أهمية أن تقوم الدولة بدورها في رعاية المواهب الطلابية.

لكن الجميعابي لا تساند أن يتلقى الطلبة، خلال إجازتهم، دروسًا امتدادًا للعام الدراسي وتوضح: "من المهم أن يستفيد الطالب في الإجازة بتنمية معارفه وتدريبها وتطويعها في إبداعات مختلفة، لا أن يخصص وقت الإجازة للحفظ والدرس والمراجعة وهذا أيضًا يؤثر سلبًا".

تتعالى بعض الدعوات في السودان للمطالبة بتقليص فترة الإجازة الصيفية

تجد عائلات بعض الطلبة في السودان إشكاليات مختلفة خلال الصائفة ومن أهمها كيفية إقناع أبنائها بتجنب المخاطر والاهتمام بصحتهم. لذلك تتكرر حوادث الإصابات خلال لعب الكرة مثلًا في ساحات غير مجهزة إضافة إلى مخاطر عديدة أخرى.

كما لا تحبذ الكثير من الأسر السودانية اصطحاب أبنائها في رحلات سياحية داخل السودان خشية الغرق أو التعرض لخطر أو الاختلاط بغرباء أو لأسباب مادية. ولكن مؤخراً بدأت تتفشى ظاهرة سفر الأسر خارج السودان واصطحابهم لأبنائهم معهم، أين يقضون إجازاتهم الطويلة ويعودون قبل بداية العام الدراسي بفترة قصيرة، ويتعلق الأمر أساسًا بالعائلات المترفة.

أما في الأرياف السودانية، فلا تزال عادة تحفيظ القرآن وعلومه متواصلة ويقبل عليها بعض الطلبة خلال إجازاتهم. ويشترك الجميع، من شباب المدن والأرياف، في ساعات التسكع الطويلة ومقاهي الأنترنت ومحلات الألعاب الالكترونية، في ظل تواصل إهمال مؤسسات الدولة وعجز العائلات.