20-يوليو-2016

شواطئ لبنان لم تعد متاحة للجميع بسبب استغلال رجال الأعمال(إيفان ديميتري/Getty)

مائةُ دولارٍ هي ميزانية الفرد المحتملة عند زيارة أي منتجعٍ سياحي صيفي، تبدأ من تكلفة موقفٍ للسيارة، ثم بدل دخول، فموقف السّيارة مقسّمٌ لشقّين، الشّق الأول بعيدًا عن الشّمس، البدل قيمته 20 ألف ليرة، أي قرابة 13$ أمريكي، أمّا تحت الشّمس، فالبدل عشرة آلاف ليرة، أي 6 دولارات.

وضع أحد رجال الأعمال يده على شاطئ الرملة البيضاء، وهو المتنفّس الوحيد المتبقي للـ"بيارتة" وأبناء الأحياء الفقيرة كي يزوروا البحر

منذ شهرٍ ونيّف، أوقف محافظ بيروت العمل بقرار السّيطرة على شاطئ الرّملة البيضاء، الشّاطئ هو المتنفّس الوحيد المتبقي للـ"بيارتة" وأبناء الأحياء الفقيرة كي يزوروا البحر، وضع يده عليه رجل الأعمال س. غدّار، بعد أن اشترى العقار من رجل الأعمال المحسوب على تيّار المستقبل و. عاشور، والذي سيطر على ملكية العقار بعد شرائه بطريقة مشبوهةٍ من بلدية بيروت السّابقة، ممثلة في شخص رئيسها بلال حمد، حيث باع حمد العقار قبل انتهاء ولاية البلدية، وبذلك، أصبح الشّاطئ اللبناني بنسبة 70% خاضعًا لسلطة أصحاب الاستراحات والمنتجعات.

اقرأ/ي أيضًا: صيف المغاربة.. سياحة داخلية ومهن موسمية

محمّد، شابٌ عشريني، يقطن بيروت، بعد سؤاله عن عطلته الصّيفية، أجاب أن: "العطلة الصّيفية تعني، بالنسبة إليه، الاستراحة من مقاعد الدّراسة الجامعية، والاستعداد لعامٍ دراسي جديد، أي العمل لادخار ما يكفي لسداد الأقساط الجامعية"، وأكمل: "أما أوقات الفراغ فأقضيها إجمالاً على شاطئ البحر، أذهب لأحد المنتجعات في منطقة "شكا"، تكلفة الدّخول لا تتعدّى 15$، أستطيع تحمّل التّكاليف، فبين الطّعام والدّخول وموقف السيارة تبلغ الفاتورة 50 ألفًا، أو 50 دولارًا في أسوأ الأحوال، أذهب مرّة في الشّهر إلى المنتجع، وأقضي بقية أيام العطلة على شاطئ صور العام، المسمّى بالصّليب، أو على مسابح عدلون والنّاقورة الجنوبية، فهي مسابح وشواطئ نظيفة لم يصبها التّلوث بعد".

أمّا غنى، فعند سؤالها عن عطلتها الصّيفية، تبادر بالحديث عن العمل طيلة السّنة، وحاجتها كمعظم اللبنانيين للسفر ولو لأسبوع بهدف التّرفيه، تقول: "السّنة الماضية قصدت اليونان، ميكونوس، أمّا هذه السّنة، فسأزور شرم الشّيخ".

يعمد معظم اللبنانيين للسفر صيفًا، من يقدر منهم على تحمّل التّكلفة المادّية طبعاً، وتكون الوجهة في معظم الأحيان تركيا أو مصر، فبحسب مدير وكالة أسفار كان لـ"الترا صوت" فرصة إجراء حديثٍ معه، قال: "الرّحلات تنشط صيفًا، فاللبنانيون اعتادوا قضاء عطلتهم خارجًا، كانت تركيا هي الوجهة، الآن توسّعت الرّحلات لتشمل اليونان وقبرص وتايلاند، أما المرتاح مادّيًا، فيذهب نحو إيطاليا، ماليزيا وإسبانيا"، وفي سؤالٍ عن التّكاليف، أجاب "إذا أردت زيارة منتجعٍ سياحي في لبنان لخمس مرّاتٍ في الشّهر، ستدفع ما يقارب 250 دولارًا، بينما الرّحلة لمنتجع مرمريس في تركيا ولمدة خمسة أيام، لا تتعدّى تكلفتها 385 دولارًا وتشمل تكلفة الفندق، السّفر أوفر هكذا!".

يعمد معظم اللبنانيين للسفر صيفًا، من يقدر منهم على تحمّل التّكلفة المادّية طبعًا، وتكون الوجهة في معظم الأحيان تركيا أو مصر

محمود، ربّ عائلةٍ يقطن في ضاحية بيروت الجنوبية-حي السّلم، والتي تعتبر منطقةً فقيرة، يضحك عند سؤاله عن العطلة الصّيفية، فالصّيف بحسب محمود لا يفرق عن الشّتاء، فهي أيام عملٍ متواصل، الفارق الوحيد، هو زيارة الجنوب، أي مسقط رأسه وعائلته في عطلة نهاية الأسبوع، "كان النّهر مقصدنا، لكنه أصبح ملوّثًا، الجميع يحذّر من زيارة الليطاني، ولون النّهر أصبح أصفرًا، لسنا مضطرّين للمخاطرة".

اقرأ/ي أيضًا: الليطاني يعاني: من يذبح النّهر؟

تعتبر الأنهار، كالليطاني والوزّاني والحاصباني، مقصدًا للعائلات الجنوبية، التي لا تستطيع تحمّل تكلفة المنتجعات، إضافةً إلى العاصي والبردوني، لكن هذه الأنهار، خاصة الليطاني، أصيبت هذا العام بالتّلوث النّاجم عن الإهمال من جهة، وجرائم الكسّارات والمرامل من جهةٍ أخرى، أي أن العائلات حرمت من هذا المتنفّس، إضافةً إلى ألفي عامل وصاحب استراحةٍ نهرية، وجدوا أنفسهم هذا العام، بلا عمل.

عطلة اللبناني الصّيفية تختلف باختلاف مستواه الاجتماعي والمادي، العائلات تجد في المنتزهات والأنهار والشّواطئ العامة مقصدًا لها، أما الميسورون، فيفضّلون السّفر خارجًا إلى الدّول القريبة، بينما العاجز عن السّفر بسبب ضيق الوقت، يجد في المسابح والمنتجعات ضالّته، في حين أن القطاع السّياحي، وعلى الرّغم من حركته النّشطة، تغيب عنه المراقبة من قبل السّلطات المعنية، وهذا ما يفتح الباب لأصحاب المنتجعات لتحديد التّسعيرة التي تناسبهم.

اقرأ/ي أيضًا:

إجازة الجزائريين الصيفية.. بين تونس والجزائر

ترغب في زيارة المغرب.. إليك أهم الأماكن الساحرة!