30-يناير-2024
مركز توزيع دير البلح

(صفحة الأونروا في مواقع التواصل) مركز توزيع دير البلح

على خلفية تعليق الولايات المتحدة، وما لا يقل عن 12 من حلفائها، تمويلها لوكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا)، في أعقاب مزاعم إسرائيل بأن بعض موظفيها متورطون في عملية طوفان الأقصى، في 7 أكتوبر/تشرين الأول الماضي.

رغم أن التفاصيل ضئيلة، أكّد مسؤول إسرائيلي، لشبكة CNN الأمريكية، أن إسرائيل قدمت معلومات حول تورط 12 موظفًا من الأونروا في العملية. وكان رد الأونروا هو طرد عدد من موظفيها وفتح تحقيق.

ومع ذلك، تظل إسرائيل مصممة على التشكيك في دور الأونروا الكلي، وتسعى إلى إلقاء اللوم عليها.

من هنا قالت شبكة CNN في تقريرها: "لدى إسرائيل مشاكل طويلة الأمد مع الأونروا، حيث تتهمها بمساعدة حماس وتدعو إلى تفكيكها بالكامل".

اقترح وزير الخارجية الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، أن إسرائيل ستسعى إلى منع وكالة الأونروا من العمل في غزة ما بعد الحرب، قائلا إنها "لن تكون جزءًا من اليوم التالي"

وقالت الشبكة الأمريكية: "شنّ القادة الإسرائيليون حملة ضد الأونروا قبل وقت طويل من 7 تشرين الأول/أكتوبر، وانتقدوا دور المنظمة في غزة وأماكن أخرى، بالإضافة إلى تعريفها للفلسطينيين المؤهلين للحصول على وضع اللاجئ. وفي الآونة الأخيرة، سعى المسؤولون إلى نزع شرعية الوكالة واقترحوا تفكيكها بالكامل".

حملة ترامب

في عام 2018، أنهت الولايات المتحدة، تحت إدارة الرئيس دونالد ترامب، كل تمويلها للوكالة بناء على طلب إسرائيل، ووصفت وزارة الخارجية في ذلك الوقت المنظمة الأممية بأنها "معيبة بشكل لا يمكن إصلاحه".

وكان تقدير موقف صدر عن المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات قد رأى في ذلك القرار قلبًا للسياسة الأمريكية الملتزمة بتقديم نحو ثلث ميزانية الوكالة من أجل مساعدة الشعب الفلسطيني، إذ "حوّلها إلى أداة ضغط للمساعدة في تصفية هذه القضية ضمن سياق مبرمج ومدروس".

ورأى تقدير الموقف أن "حسابات الرئيس ترامب وبعض مساعديه هنا لا تقوم على استشراف حقيقي للتداعيات الخطيرة المحتملة لقرارتهم، بقدر ما تقوم على تماه كليٍّ مع حسابات الائتلاف اليميني الحاكم في إسرائيل. من هنا جاء اعتراض المؤسسات الأمنية والعسكرية في الولايات المتحدة على هذه القرارات؛ من منطلق أن قطع المساعدات التعليمية والصحية والإغاثية التي تقدمها الأونروا لملايين الفلسطينيين سوف تؤدي إلى انفجار بينهم، وإطلاق جولة جديدة من العنف في الأراضي الفلسطينية المحتلة، فضلًا عن زعزعة استقرار الدول المضيفة للاجئين، والتي تتلقى مساعدات من الأونروا".

وعندما أصبح جو بايدن رئيسًا في عام 2021، تراجع عن قرار سلفه وأعاد تمويل الأونروا.

وسبق ذلك، في عام 2017، سعي نتنياهو إلى حل الأونروا ودمجها مع المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين.

مساعداتها تذهب إلى حماس وتعلم الكراهية في مدارسها

وفي الآونة الأخيرة، اقترح وزير الخارجية الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، أن إسرائيل ستسعى إلى منع وكالة الأمم المتحدة من العمل في غزة ما بعد الحرب، قائلا إنها "لن تكون جزءًا من اليوم التالي".

قال كاتس: "لقد كنا نحذر منذ سنوات". وأضاف: "الأونروا تعمل على إدامة قضية اللاجئين، وعرقلة السلام، وتعمل كذراع مدني لحركة حماس في غزة".

وقد نفت الأونروا مرارًا المزاعم الإسرائيلية بأن مساعداتها يتم تحويلها إلى حماس، وأنها تعلم الكراهية في مدارسها، وشككت في "دوافع أولئك الذين يطلقون مثل هذه الادعاءات، من خلال حملات المناصرة الكبيرة" وإدانتها لهجوم 7 أكتوبر.

يشير رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق بنيامين نتنياهو إلى أن الأونروا تساهم في تعزيز فكرة حق العودة للفلسطينيين، وهو ما يعتبره إسرائيل تحريضًا على المزيد من المقاومة.

ونقل تقرير شبكة CNN رأيًا للأستاذ في كلية الحقوق بالجامعة العبرية في القدس، يوفال شاني: "السبب وراء عدم قيام إسرائيل طوال السنوات، على الرغم من انتقاداتها العديدة (للأونروا)، بالضغط بقوة من أجل تفكيك الأونروا، بل وفي الواقع تعاونها مع الأونروا في العديد من المناسبات، هو أن الأونروا تقدم الخدمات الإنسانية الأساسية".

ورأى أنه بدلًا من ذلك، تنظر إسرائيل إلى الوكالة على أنها "آلية تعمل على إدامة الصراع الإسرائيلي الفلسطيني، وعلى وجه التحديد تديم الصراع فيما يتعلق بحق العودة، من خلال تصنيف اللاجئين وأحفادهم من عام 1948 كلاجئين".

يشير حق العودة إلى حق اللاجئين الفلسطينيين وأحفادهم في العودة إلى ديار أجدادهم في ما يعرف الآن بإسرائيل، والذي تم الاعتراف به بموجب قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 194 لعام 1948. ويعد مصير اللاجئين أحد أكثر القضايا إثارة للجدل في الصراع الإسرائيلي الفلسطيني.

وتعرف الوكالة اللاجئين الفلسطينيين بأنهم أولئك الذين طردوا من منازلهم خلال قيام إسرائيل عام 1948، وكذلك أحفادهم. وهذا الرقم قد يصل إلى 5.9 مليون شخص اليوم. وتعارض إسرائيل عودتهم، بحجة أن مثل هذا التدفق الكبير للفلسطينيين من شأنه أن يلغي طابعها اليهودي.

وقال نتنياهو في 2018: "تعمل الأونروا على إدامة سردية ما يسمى بحق العودة، الذي هدفه القضاء على إسرائيل. لهذه الأسباب، يجب إغلاق الأونروا".

ومن بين سكان غزة البالغ عددهم أكثر من مليوني نسمة، هناك 1.6 مليون لاجئ، وفقًا لسجلات الأونروا.

وقال شاني: "بحسب إسرائيل، فإن هذه (الأونروا) تديم رواية مفادها أن الأشخاص الذين يعيشون في غزة سيعودون يوما ما إلى إسرائيل، وهذا يحفزهم على المقاومة".

مراقبة الأمم المتحدة

 

وفي مرة، قالت السياسية الإسرائيلية عينات ويلف، المؤلفة المشاركة لكتاب عن الأونروا: "أصبحت الأونروا آلية مركزية في الحفاظ على علامة استفهام دائمة حول وجود دولة يهودية".

وأضافت أن المنظمة تساعد في تعزيز "القومية التي تركز بشكل فريد على فكرة العودة والانتقام"، وفق زعمها. وفي مقال عن كتابها، على موقع "تايمز أوف إسرائيل"، كتب بعنوان "من أعلن نفسه يساريًا يشن حربًا على حق العودة للفلسطينيين"، وذلك في إشارة إلى خلفية عينات، عندما كانت عضوة في الكنيست الإسرائيلي عن حزب العمل، ضمن اليساري الصهيوني.

وجاء الكتاب بعنوان "حرب العودة"، وكتب بالشراكة مع الصحفي آدي شوارتز، ونشر بهدف "مواجهة قضية اللاجئين"، وخصص جزءًا للأونروا، التي يرى أنها "تعمل على إدامة فكرة أن الأشخاص الذين تركوا منازلهم في عام 1948 وأحفادهم هم لاجئون، مما يعني أنهم سيعودون ذات يوم".

مركز ايواء

ورغم أن الكتاب نشر بالعبرية إلّا أنّه كان يستهدف الطواقم الدبلوماسية الأجنبية في إسرائيل، وترافق نشره مع حملة ترامب، على الأونروا.

وفي سياق متصل، أسس مجموعة من الصهيونية والإسرائيليين منظمة "يو آن ووتش"، أو مراقبة الأمم المتحدة، وذلك تحت عنوان عريض هو "مكافحة التحيز ضد إسرائيل في الأمم المتحدة".

وفي مراجعتنا لموقع المنظمة، فقد نشرت منذ عام 2021، 10 تقارير عن منظمات الأمم المتحدة، كان من بينها 6 تستهدف الأونروا، وبالأخص المعلمين فيها.

استراتيجية تفكيك الأونروا

وكانت الاتفاقيات التطبيعية قد أوضحت، بشكل لا لُبس فيه، الخطةَ الإسرائيلي الرامية إلى إنهاء الأونروا بشكل تدريجيّ، من خلال نزع الشرعية عنها وإيقاف مختلف مصادر التمويل.

ففي سياق سعي إسرائيل لإزالة كل ما يدل على الجرائم ضد نشأتها، من احتلال للأرض وطرد للسكان، باتت هذه الوكالة الأممية التي تمثّل اللاجئين هي التحدي الأخير على هذا الصعيد.

لهذا حرصت على استخدام وممارسة نفوذها السياسي على الدول المانحة للأونروا لإيقاف تمويلها، ونجحت في ذلك عدة مرات، وأشدها قوة ما حملته الأزمة الأخيرة.

ومسّت التقليصات السابقة التي طالت ميزانية الأونروا بالخدمات الأساسية التي تقدمها، فقد توقفت أعمال الصيانة والترميم في البنية التحتية، وزاد ازدحام التلاميذ في الغرف الصفية في المدارس أمام نقص المعلمين، بالإضافة الى تقليص المساعدات الانسانية التي تقدمها للاجئين.

ترمي استراتيجية وقف تمويل إلى الالتفاف على الإطار القانوني الدولي المتاح لحماية اللاجئين الفلسطينيين، والى الدفع باتجاه نسيان وتجاهل وضعهم كأشخاص محميين بموجب القانون.