30-يناير-2018

يتصاعد الخلاف في لبنان بين حركة أمل والتيار الوطني الحر (مواقع التواصل الاجتماعي)

رغم انتمائهما للتحالف السياسي العريض، المعروف باسم "فريق الثامن من آذار"، والمنضوي تحت جناح المحور "الممانع"، فإن الاختلاف والتباينات في وجهات النظر، لم تغب يومًا عن العلاقة بين التيار الوطني الحر ومؤسسه ميشال عون، رئيس الجمهورية اللبنانية من جهة، وبين حركة أمل ورئيسها نبيه بري، رئيس المجلس النيابي اللبناني من جهة أخرى.

رغم أنهما ظاهريًا حلفاء ضمن "فريق الثامن من آذار"، إلا أنّ الصراعات بين التيار الوطني الحر وحركة أمل في لبنان لم تهدأ يومًا

وتزداد حدة هذه الخلافات وتنخفض بحسب التطورات السياسية، وبحسب مصلحة كل طرف منهما، حيث يُستخدم هذا الخلاف في شحذ همم المناصرين والمحازبين، وإزكاء الانقسام المذهبي الفئوي كلما دعت الحاجة، ما يؤمن لهم مكاسب سياسية وانتخابية.

اقرأ/ي أيضًا: خطورة ميشال عون

كل محاولات التقريب بين الرجلين من الحلفاء المشتركين في السنوات الأخيرة باءت بالفشل. لا توجد كيمياء بينهما كما يقال. وبلغ الخلاف ذروته حين امتنع نواب حركة أمل عن انتخاب ميشال عون في انتخابات رئاسة الجمهورية الأخيرة، وقتها "انكسرت الجرّة".

وفي الأيام الماضية ظهرت أزمة أخرى عصية على الحل، عرفت باسم "أزمة توقيع مرسوم ترقية ضباط 1994"، ظاهرها قانوني دستوري مرتبط بكيفية تفسير مواد قانونية، وباطنها سياسي يكرّس النزاع الحاد حول الصلاحيات والحصص والنفوذ وكيفية إدارة البلد. ولم تنجح أية وساطة في حل مشكلة المرسوم.

تسريب فيديو باسيل

المد والجزر بين "الحلفاء الأعداء"، اتخذ منحى مختلفًا تمامًا هذه المرة، والمناوشات التي كانت تبقى تحت سقف معين، تفلتت اليوم من كل عقال. فقد تفاجأ اللبنانيون قبل نحو يومين، بانتشار مقطع فيديو لوزير الخارجية جبران باسيل، رئيس التيار الوطني الحر، وصهر مؤسس التيار ميشال عون، يصف فيه رئيس حركة أمل نبيه بري بـ"البلطجي".

والبلطجي هي كلمة أخذت زخمًا منذ الثورة المصرية في 25 كانون الثاني/يناير 2011، لوصف الأشخاص الذين تستأجرهم أجهزة الأمن للاعتداء على المتظاهرين وقمع احتجاجاتهم. إنّها إذًا رسالة شديدة اللهجة من التيار الوطني.

ورغم الانقسام السياسي الحاد، وتموضع رئيس مجلس النواب نبيه بري في صلب فريق "الثامن من آذار"، فإن أحدًا لم يصفه في السنوات السابقة بوصف مشابه. وكان خصومه في فريق "14 آذار"، حتى أولئك الأكثر تشدّدًا بينهم، يحرصون على إبقاء شعرة معاوية بينهم وبين بري.

مقطع الفيديو المسرب هو سابقة في الشكل وفي المضمون إذًا، والصوت والصورة يلعبان دورًا كبيرًا في شحن النفوس.

من جانبهم سارع نواب حركة أمل إلى الرد على باسيل من خلال صفحاتهم على مواقع التواصل الاجتماعي، مستخدمين عبارات حادة، توحي بأن الأمر ليس ككل مرة.

الترقّب كان سيد الموقف مذ حينها، بانتظار ردة فعل مناصري ومحازبي حركة أمل في اليوم التالي. وبالفعل لم يتأخر الرد كثيرًا، فقد شهد نهار الإثنين، 29 كانون الثاني/يناير 2018، تظاهرات لمناصري حركة أمل، أغلقوا فيها بعض الطرقات وأشعلوا إطارات مطاطية، مطالبين باسيل بالاعتذار السريع عن ما ورد على لسانه.

وما أجّج الوضع، هو انتشار مقطع فيديو آخر لباسيل يقول فيه إنه هو من "سيكسر رأس بري" وليس العكس. ذروة هذه التحركات كانت في المساء عندما وصل محتجون من الحركة إلى المركز الرئيسي للتيار الوطني الحر المعروف بـ"ميرنا الشالوحي" في منطقة سن الفيل بالعاصمة بيروت. إلا أن تدخل القوى الأمنية منع الأمور أن التفاقم. وفي تطور له دلالة رمزية، نزع أنصار حركة أمل، صور ميشال عون المعلقة في "مار إلياس"، وقام العونيون بنزع صور بري في منطقة الحدث.

كيف تعامل اللبنانيون مع الأحداث المتسارعة؟

انتشر مقطع فيديو جبران باسيل كالنار في الهشيم على مواقع التواصل الاجتماعي، وامتدت سهرة الناشطين والمتابعين إلى ساعة متأخرة من ليل الأحد. 

ودشّن مناصرو حركة أمل هاشتاغ "#جبران_البلطجي" الذي شهد تفاعلًا كبيرًا واعتلى قائمة الأكثر تفاعلًا في لبنان خلال ساعات قليلة.

في المقابل، أظهر مستقلون ونشطاء وعدد من أنصار فريق "14 آذار"، الشماتة، فنتشر أيضًا وسم "#أشوفها_بتولع". وسم آخر انتشر بشكل واسع، تفاعل معه المستخدمون للسخرية بتحريض الطرفين بطريقة كوميدية، وهو "#احنا_جايين_نهدي_النفوس".

 

 

ولبنان على أبواب الانتخابات النيابية، رأى عدد من المتابعين، أن حادثة التسريب وردات الفعل اللاحقة عليها، هي أمور مفتعلة، الهدف منها شد العصب المذهبي والطائفي، واستثمار ذلك في صناديق الاقتراع، خاصة في ظل تمترس واضح من أنصار كل حزب خلفه زعيمه، وإظهار استعداده للمضي معه إلى النهاية.

يرى العديد من المتابعين أن التصعيد الحاصل بين حركة أمل والتيار الوطني الحر بلبنان، مقصود بهدف الحشد للانتخابات النيابية المرتقبة

وفي الوقت الذي يشاع فيه أن حركة أمل وضعت اعتذار باسيل عما بدر عنه، كشرط أساسي لاستمرارهم في الحكومة، وفي ظل التوجه العوني إلى اعتبار البيان التوضيحي الذي صدر عن باسيل صباح الإثنين كافيًا، وخلو بيان اجتماع تكتلهم عصر الثلاثاء من أي اعتذار؛ فإن الأيام المقبلة ستكون حبلى بالمفاجآت.

 

اقرأ/ي أيضًا: 

الحالة "الباسلية".. باقية وتتمدد

الإقطاع السياسي اللبناني.. ع السكين يا جمهور!