10-سبتمبر-2015

يحب السياح اكتشاف عالم صحراء المغرب(فاضل سنا/أ.ف.ب)

"لوحة ذهبية، خيوطها أشعة الشمس وأعمدتها كثبان الرمال ونقطها خيام وإبل"، هذه هي الصورة التي تختزنها الذاكرة لغروب شمس صحراء المغرب. وقد تحولت هذه الصحراء منذ فترة إلى قبلة للسياح الأجانب وعشاق أشعة الشمس الدافئة، كما شهدت في الآونة الأخيرة اهتمامًا كبيرًا من المتخصصين في مجال السياحة عبر توفير أنشطة ترفيهية وعروض مميزة ومؤسسات فندقية تمنح السائح فرصة اكتشاف الثقافة المحلية المختلفة تمامًا عن باقي المناطق المغربية.

يقول المرشد السياحي الصحراوي محمد عبد الله هبان لـ"الترا صوت": إن "المناطق الصحراوية المغربية أضحت من أكثر المناطق التي تشهد حركة ونشاطًا سياحيًا ملحوظًا، خصوصًا في الخيام التي يتم تثبيتها وسط الكثبان الرملية لقضاء لحظات جميلة ورومانسية، مع الاستمتاع بالشمس الدافئة في النهار وبضوء النجوم والقمر ليلًا بعيدًا عن جو الفنادق والإقامات المعتادة وهو ما يمكن من عيش تجربة مغايرة وفريدة من نوعها".

يقبل السياح على صحراء المغرب للتداوي بالرمال واكتشاف نمط عيش قبائل الرحل

يطلق على السياحة الصحراوية أيضًا مسمى "السياحة البيئية" نظرًا إلى ممارسة السياح أنشطة تبعدهم تمامًا عن كل ما له علاقة بالتلوث وإيذاء الطبيعة والمناخ. وتتميز السياحة في صحراء المغرب بالتفاوت الكبير بين درجات الحرارة في الليل والنهار وأمطار نادرة متقطعة إلا أنَّها قد تأتي أحيانًا على شكل سيول جارفة.

ويجد السائح في المناطق الصحراوية أيضًا ما صار يعرف بـ"السياحة الاستشفائية" بالاعتماد على شمس الصحراء الدافئة التي تساهم في علاج عديد الأمراض. ويستفيد السائح خلال الرحلات الصحراوية من برنامج ثري يشمل زيارات لحقول بعض الزراعات الخاصة كالحناء والزعفران والورد البلدي. وتعتبر مدينتي "مرزوكة" و"أرفود"، الموجودتان بإقليم "الراشيدية"، من أهم مناطق السياحة  الصحراوية إلى جانب "محاميد الغزلان"، في إقليم "زاكورة"، التي تخفي بين كثبانها سحرًا لا يدركه إلا من جرّب اكتشافها.

تُشبه مدينة "مرزوكة" بـ"ماربيا" الإسبانية وإن كانت لا تطل على واجهة بحرية، إلا أن كثبان الرمال الذهبية وفضاءات مراقبة شروق وغروب الشمس تجذب السياح الأجانب. و"مرزوكة"، قرية تقع جنوب شرق المغرب، وتبعد عن الحدود المغربية الجزائرية نحو 20 كيلومترًا وقد كانت مهملة لوقت طويل قبل أن تتحول إلى مصدر قوة للمنتج السياحي المغربي.

وتعتبر "مرزوكة" قبلة للعلاج من مرض المفاصل والوزن الزائد وآلام الظهر من خلال التداوي بالرمال. يعد أبناء المنطقة، وهم من قبائل الرحل القديمة، المئات من الحفر عند مشرق كل يوم وتترك هذه الحفر ساعات تحت حرارة الشمس قبل أن توارى أجساد الراغبين في العلاج داخلها.

وعن هذه العملية يتحدث أحمد أبو زيد، وهو أحد أبناء المنطقة، إلى "الترا صوت": "نحرص كمرافقين للسياح على إمساك المريض أو السائح عن الطعام وعن المياه والمشروبات الباردة أو المثلجة قبل وضعه في الحفرة المناسبة، ثم نوفر له غطاءًا بعد الخروج من الرمال في اتجاه خيمة قريبة تجنبًا لأي تيار هوائي بارد وغالبًا ما تدوم العملية من خمس إلى عشر دقائق، ونحرص على الشرب المنتظم للمياه الدافئة في الخيمة من أجل الراحة والتعرق، ويلي ذلك الاستحمام". ولعلاج سليم تتكرر العملية ثلاثة أيام على الأقل. ويروي أهالي "مرزوكة" قصصًا عن سياح جاؤوا مقعدين على كراس متحركة وعادوا إلى بلدانهم مشيًا على الأقدام لكن لا شيء يثبت ذلك.

يروي أهالي "مرزوكة" قصصًا عن سياح جاؤوا مقعدين على كراس متحركة وعادوا إلى بلدانهم مشيًا على الأقدام لكن لا شيء يثبت ذلك

يتوافد آلاف السياح على المناطق الصحراوية رغبة في التعرف على نمط عيش ما تبقى من قبائل الرحل في المنطقة بعد أن تمدّن الرحل المنتمون إلى قبائل "آيت عطا" الأمازيغية في الشرق المغربي منذ عقود، وعمروا منطقتي "تافيلالت" "ودرعة" المعروفتين كأكبر واحات المغرب. ويوفر العرض السياحي ذلك للزوار الأجانب عن طريق رحلات على الجمال والمبيت في الخيام ولا تخلو السياحة في الصحراء من بعض المغامرات من خلال المشاركة في سباقات يتم تنظيمها في الصحراء.

كما يكتشف السياح المراحل التي مر بها نمط عيش الرحل في المغرب وتقاليدهم المميزة. وتعتبر الخيمة أفضل فضاء للتعبير عن الضيافة وحسن الاستقبال لدى بدو الصحراء الرحل فهي ملاذ الغريب والسائح أيضًا، يكتشف من خلالها حياتهم البسيطة والتي بالرغم من قساوتها فإنهم يعيشونها بطلاقة بعيدًا عن جبروت المدينة.