16-يوليو-2016

سيناريوهات مختلفة لمعركة كسر العظام بين السبسي والصيد(فتحي بلعيد/أ.ف.ب)

حينما أعلن الرئيس التونسي الباجي قائد السبسي مبادرته لتشكيل حكومة وحدة وطنية في حوار تلفزيوني في 2 حزيران/يونيو الماضي، سأله محاوره حول إمكانية بقاء رئيس الحكومة الحالية الحبيب الصّيد من عدمه، فأجاب السّبسي أن كل الخيارات ممكنة، فيما بدت إشارة أولية على نيّته التخلّي عنه. وصرّح الصّيد لاحقًا أنه على استعداد لمغادرة رئاسة الحكومة إذا اقتضت مصلحة تونس ذلك.

كان يُنتظر أن يقدّم الصيد استقالته لفسح المجال لاختيار رئيس الحكومة الجديدة، غير أنه تراجع عن ذلك رفضًا لاستقالة يعتبرها "مهينة"

بعد التفاعل مع مبادرة السبسي بين الفاعلين السياسيين والمدنيين التي انتهت بصياغة "ميثاق قرطاج" قبل يومين، وهي وثيقة حدّدت أولويات حكومة الوحدة الوطنية وبرنامج عملها، كان يُنتظر أن يقدّم الصّيد استقالته لفسح المجال حول اختيار رئيس الحكومة الجديدة، غير أنه تراجع عن ذلك رفضًا لاستقالة يعتبرها "مهينة"، وهو ما فتح الباب لمواجهة لم تكن متوقعة بينه وبين رئيس الجمهورية والأغلبية البرلمانية كذلك. وفيما يلي رصد للسيناريوهات الأربعة الممكنة لمغادرة الحبيب الصيد للقصبة، مبنى رئاسة الحكومة التونسية.

اقرأ/ي أيضًا: تونس.. تعددية بدائل التغيير وتكثيفها

السيناريو الأول/ استقالة الحبيب الصّيد

يفترض هذا السيناريو خضوع رئيس الحكومة الحالية الحبيب الصّيد للضغوطات السياسية من قائد السبسي وأحزاب الائتلاف الحاكم لتقديم استقالته التي تُعتبر استقالة للحكومة بكاملها. ويقتضي هذا السيناريو إجرائيًا تقديم الصّيد طلب استقالته كتابيًا لرئيس الجمهورية، الذي يعين الشخصـية الأقدر لتكوين حكومة جديدة.

هذا السيناريو هو المفضّل للسّبسي بما أنه يضمن تخليًا عن الصّيد دون مواجهة معه، وكذلك لأنه يمنح للسّبسي الحقّ في اختيار رئيس الحكومة القادمة. في المقابل ورغم إعلان استعداده للاستقالة قبل شهر، فقد تراجع الصّيد عن تصريحه تفاديًا لخروج مهين يظهره في صورة الفاشل في أداء مهامه وككبش فداء للسلطة السياسية التي صعدّته للقصبة وقررت لاحقًا التخلّي عنه.

السيناريو الثاني/ لائحة برلمانية لإسقاط الصيد

يتمثّل هذا السيناريو في تقديم ثلث أعضاء البرلمان التونسي(73 عضوًا) بمقتضى لائحة لوم معلّلة لطلب سحب ثقة من الحكومة، ويتم سحب الثقة بعد موافقة الأغلبية المطلقة (109 عضوًا). ولا يقع التصويت على لائحة اللوم إلا بعد مُضي 15 يومًا على إيداعها لدى رئاسة المجلس.

ويقتضي هذا السيناريو وجود الأغلبية البرلمانية المطلقة لسحب الثقة من حكومة الصّيد وهي أغلبية متوفّرة بارتياح، بيد أنه يجب تقديم رئيس الحكومة البديل في نفس جلسة سحب الثقة ويُصادق على ترشيحه في نفس جلسة التصويت. وبالتالي، يفترض تحقيق هذا السيناريو اتفاق الأطراف المؤيدة لمبادرة السّبسي على اسم رئيس الحكومة قبل المرور لهذا السيناريو الذي قد يتفاداه الصّيد بدوره لأنه سيخرجه بمظهر مهين بوجود لائحة لوم خاصة مع فقدانه لدعم الأحزاب داخل البرلمان، إضافة إلى أن النظام الداخلي للبرلمان لا ينصّ على حضور رئيس الحكومة للدفاع عن حكومته. والأهمّ أن هذا السيناريو غير قابل للتطبيق إلا بعد رفع حالة الطوارئ.

تتطلب اللائحة البرلمانية لإسقاط الصيد أن يقدمها ثلث أعضاء البرلمان التونسي(73 عضوًا) وتكون معلّلة لطلب سحب الثقة من الحكومة

اقرأ/ي أيضًا: في تونس..أي مصير لحكومة الصيد؟

السيناريو الثالث/ السّبسي يطلب من البرلمان سحب الثقة

يفترض هذا السيناريو أن يطلب السبسي من البرلمان التصويت على الثقة في مواصلة الحكومة لنشاطها، ويتم التصويت بالأغلبية المطلقة فإن لم يجدد المجلس الثقة في الحكومة اعتبرت مستقيلة.

النقطة السلبية لهذا السيناريو أن السبسي يستعمل إحدى ورقتين لحقه في طلب التصويت على الثقة بما أن الدستور يمنحه ممارسة هذا الحق مرّتين فقط طيلة مدة عهدته الرئاسية. وبالتّالي، إن مارس السبسي هذا الخيار، فلن يمكن له ممارسته إلا مرّة واحدة أخرى فقط طيلة الثلاث سنوات ونصف المتبقية من مدة عهدته. وعمومًا تظلّ هذه النقطة السلبية محدودة الآثار لأن هذا السيناريو يفترض غياب تناغم بين الرئيس والأغلبية البرلمانية وهي غير صورة الحال.

في المقابل، تمنح ممارسة السبسي لهذا الخيار الحق في تكليف الشخصية الأقدر لتكوين حكومة. وفي الواقع، لا يحتاج السبسي لممارسة هذا الخيار لدفع شخصية مقرّبة منه لرئاسة الحكومة بما أنه يحظى بدعم غالبية الأحزاب الممثلة في البرلمان ويملك حزبه نداء تونس، الذي يترأسه شرفيًا، حق تكليف رئيس الحكومة.

كما يستلزم هذا السيناريو ذهاب السّبسي للبرلمان وتوضيح أسباب طلبه بطريقة تفصيلية ومعلّلة وفق النظام الداخلي للبرلمان. كما يجب عليه مواجهة رئيس الحكومة الذي سيكون حاضرًا للدفاع عن حكومته، وذلك بالإضافة إلى واجب الردّ على تساؤلات أعضاء المجلس. وكلّ ذلك يجعل السّبسي لا يفضّل المرور لهذا السيناريو التصادمي.

السيناريو الرابع/ الصّيد يطلب من البرلمان التصويت على الثقة

يمكن للحبيب الصّيد أن يطرح على البرلمان التصويت على الثقة في مواصلة الحكومة لنشاطها، ويتم التصويت بالأغلبية المطلقة لأعضاء مجلس نواب الشعب، فإن لم يجدد المجلس الثقة في الحكومة اعتبرت مستقيلة.

على غرار السيناريو السابق، يفترض هذا السيناريو أن يقدم رئيس الحكومة طلبًا تفصيليًا ومعلّلاً للبرلمان حول أسباب طلبه التصويت على الثقة. ويجب عليه التفاعل مع مداخلات أعضاء البرلمان للإجابة على أسئلتهم.

وقد يمثّل هذا السيناريو خيارًا مناسبًا للصّيد بأن يطلب بنفسه التصويت على الثقة لحكومته لقطع الطريق على البرلمان ورئيس الجمهورية لطلب ذلك. كما يمثل بالنسبة له مناسبة سانحة لكشف حساب حكومته وكشف الأسباب الحقيقية للتخلّي عنه وهو ما يعني مواجهة مباشرة بينه وبين رئيس الجمهورية وغالبية أحزاب البرلمان، خاصة وأنه سيكون عالمًا أنه سيتمّ التصويت لسحب الثقة منه.

اقرأ/ي أيضًا: 

دعوة لحكومة وحدة وطنية.. الأزمة تتصاعد في تونس

عائلة الديمقراطية الاجتماعية.. مفككة تونسيًا