02-يناير-2021

جماهير سيلتيك ترفع العلم الفلسطيني خلال لقاء فريقها مع نادٍ "إسرائيلي" صيف 2016 (Getty)

انتهت مساء اليوم السبت مباراة "سيلتك " و"رينجرز" أو ما يعرف بديربي Old Firm بفوز "رينجرز" بهدفٍ دون رد، في المواجهة التي تعتبر من أشرس المواجهات الكروية عالمياً، حيث أنها لا تجمع بين فريقي كرة قدم فحسب، بل إنها تضع إرثاً تاريخياً لعقيدتين مختلفتين وجهاً لوجه ضمن المستطيل الأخضر.

جائحة كورونا منعت الجمهور من حضور مباراة اليوم التي بدأها سيلتك مهاجماً، حيث تمكن من صناعة عدة فرصٍ محققة للتسجيل لكن تألق الحارس "آلان ماك غريغور" منع الكرة من معانقة الشباك لينتهي الشوط الأول كما بدأ بعد أداءٍ باهتٍ من رينجرز. استمر الحال كذلك في الشوط الثاني حتى تلقى سيلتك ضربةً موجعةً بطرد لاعبه "بيتون"، ليكثف رينجرز من هجماته مستغلاً النقص العددي ويسجل هدف المباراة الوحيد في الدقيقة 69 بعد خطأ دفاعي من قائد الفريق "كالوم ماك غريغور"، لتنتهي المباراة بفوز المتصدر رينجرز وإكمال مسيرته بخطىً ثابتةٍ نحو اللقب.

 كتيبة المدرّب ستيفن جيرارد ضربت الكثير من العصافير بحجر واحد، ابتعدت في الصدارة بفارق 19 نقطةً عن أقرب منافسيها، كذلك أكملت مواسمها الاستثنائي دون أي هزيمة، زد على ذلك طموح الفريق في كسر هيمنة خصمهم اللدود على البطولة المحلّية التي نالها في تسعة مواسم متتالية، والأهم من كلّ ذلك هو الفوز في ديربي "الأولد فيرم"، والذي يحمل في طيّاته صراعًا شديد التعقيد، ويبتعد في كثير من الأحيان عن منطق حسابات كرة القدم.

حيث تمثل هذه المباراة صراعاً دينياً وسياسياً معقداً، بين النادي الأعرق في اسكتلندا "رينجرز" والذي يفتخر مشجعوه بانتمائهم لاسكتلندا، ويؤمنون بوحدة المملكة المتحدة ويعتنقون مذهب "البروتستانت"، وبين "سيلتك" النادي الذي تأسس على أيدي مهاجرين آيرلنديين يؤيدون انفصال آيرلندا عن المملكة المتحدة ويتخذون "الكاثوليكية" كمذهب، وكان تأسيس "سيلتك" الكاثوليكي يمثّل جرأةً كبيرةً وتحدٍّ لأحد أبرز معاقل البروتستانت "غلاسكو" عاصمة اسكتلندا، كما كان النادي يعتبر  متنفساً للمهاجرين الذين تعرضوا للتهميش والعنصرية آنذاك، وبحسب مؤسسة "نيل باي ماوث" الاسكتلندية، فإن حوادث العنف الطائفي ترتفع بشكل كبير في أيام مباريات سيلتك ورينجرز حتى يومنا هذا.

وصلت العداوة الطائفية بين الفريقين إلى ذروتها بعد أن أصدرت إدارة رينجرز قراراً يمنع التعاقد مع أي لاعب كاثوليكي مهما بلغ من الموهبة والقدرة، وكان أحد أبرز ضحايا العداء السير أليكس فيرغيسون المدرب الأسطوري لمانشستر يونايتد، إذ كان لاعباً في رينجرز وتعرض للتمييز والمضايقة بعد زواجه من امرأةٍ كاثوليكية، الأمر الذي حتم عليه مغادرة النادي لاحقاً.

 إلا أن القرار بمنع التعاقد مع اللاعبين الكاثوليك تم كسره عام 1989، بالتعاقد مع اللاعب "موريس جونستون" الكاثوليكي الذي كان يلعب لسيلتك سابقاً، لكن الجدير بالذكر أن سيلتك لم يحذُ حذوَ جاره بل بقي يرحب باللاعبين البروستانت ضمن صفوفه على الدوام.

 

عبّرت جماهير سيلتك في مناسباتٍ عدة عن وقوفها إلى جانب الشعب الفلسطيني، وذلك من خلال رفع الأعلام الفلسطينية في العديد من المباريات، ويعود هذا التأييد إلى إيمان جمهور سيلتك بتشابه الظروف التي تعرض لها الشعبان الفلسطيني والآيرلندي، حيث اضطر كلاهما إلى الهجرة ومغادرة أرضه وحمل السلاح في وجه المحتلين.

 آخر أوجه الدعم كان إبداء الاعتراض الشديد على قرار الإدارة الأمريكية باعتبار القدس عاصمةً لإسرائيل، حيث رفع الجمهور لافتةً كتب عليها "القدس هي فلسطين" ولافتاتٍ أخرى عبرت عن سخط الجماهير وغضبها من هذا القرار، ورغم تعرضه للعقوبات المتعددة جراء المواقف السياسية إلا أن جمهور سيلتك رفض التخلي عن دعم القضية الفلسطينية، وفي حادثةٍ شهيرة عام 2014 وبعد تعرضه للعقوبات مجدداً جراء رفع الأعلام الفلسطينية، غنى جمهور سيلتك "نحن نغني لفلسطين ولن نمنع من هذا الحق" مستخدمين لحن الأغنية الإيطالية الشهيرة Ciao Bella "تشاو بيلّا".

     “We are singing for Palestine and we will not be denied”

وإلى جانب دعمه الشعب الفلسطيني، يُعرف جمهور سيلتك بمساندة القضايا الإنسانية الأخرى، كالوقوف ضد التفرقة العنصرية أو ما يعرف بنظام "أبارتهايد" في جنوب أفريقيا، كما كان مؤيداً لنضال الجيش الجمهوري الآيرلندي "IRA" خلال حربه لنيل استقلال آيرلندا الشمالية عن بريطانيا.

 ليصبح النادي أيقونةً للشعوب المضطهدة والطبقات الكادحة من المهاجرين، خصوصاً بعد فوزه بأقوى البطولات الأوروبية وهي "دوري الأبطال" عام 1967 مانحاً الأمل لجماهيره المخلصة والمناضلة لتحصل على حقوقها.

إذاً انتهت مواجهة اليوم، ولم ينتهِ الصراع بين الغريمين، ليمضي "رينجرز" إلى صدارته تحت قيادة أسطورة ليفربول المدرب ستيفن جيرارد، ولتمضي جماهير سيلتك بأهازيجها الشهيرة وعلى رأسها أغنية: "دع الشعب يغني قصصهُ بموسيقى أرضه الأصلية..هذه الأرض أرضك..هذه الأرض أرضي..هذه الأرض خُلقت لي ولك" .

 

 

اقرأ/ي أيضًا:

هل انتهت فرص كوتينيو مع برشلونة؟

بالفيديو.. خمسة أخطاء كارثيّة ارتكبها ستيفن جيرارد في مسيرته