23-ديسمبر-2017

أطفال بين الأنقاض في الغوطة الشرقية بعد براميل متفجرة من النظام السوري (أ.ف.ب)

قبل عام، عانى سكان حلب في المناطق التي تسيطر عليها المعارضة من الحصار الذي دام لشهور، ومن القصف الشديد وتفاعل العالم بشكل إيجابي مدنيًا من خلال عديد الحملات. أما في غوطة دمشق والتي تعرف حصارًا صعبًا منذ فترة، فهناك تجاهل عالمي لما يحصل هناك، رغم تواصل بعض حملات الإغاثة التي تحتاج تسليط الضوء عليها وتطويرها. في هذا المقال، المترجم من الرابط التالي، تفاصيل أكثر عن قصص أمل وكفاح تأتينا من الغوطة الشرقية.


قبل عام واحد بالضبط، عانى سكان حلب في المناطق التي تسيطر عليها المعارضة من الحصار الذي دام لشهور، ومن القصف الشديد من جانب قوات النظام السوري، المدعومة من روسيا. كان قصف وتدمير مستشفى الأطفال، جمعية الأطباء المستقلين (IDA)، من بين العديد من جرائم الحرب التي ارتُكبت في ذلك الوقت.

رغم الحصار المفروض على الغوطة الشرقية والوضع الصعب هناك، استطاعت منظمات مدنية سورية بمساعدة متطوعين أجانب، تمويل مشاريع للرعاية الصحية

في الممكلة المتحدة، وفي محاولة لتحويل الغضب إلى فعل إيجابي، أطلقنا نحن، الأطباء والناشطون والعاملون في المجال الإنساني من سوريا وأماكن أخرى، حملة القوافل الشعبية، وهي حملة تمويل جماعي من أجل إعادة بناء ذلك المستشفى للمرة السابعة.

بعد أسبوعين، بمساعدة 38 منظمة وما يقرب من 5 آلاف شخص من جميع أنحاء العالم، جمعنا ما يقرب من 250 ألف جنيه استرليني، وهو ما يكفي لإعادة بناء المستشفى. وفي 17 ديسمبر/كانون الأول 2016، نُقلت معدات المستشفى في قافلة من لندن إلى الحدود السورية التركية، إلى جانب المئات من رسائل التضامن، وأُرسلت إلى شريكتنا؛ جمعية الأطباء المستقلين.

اقرأ/ي أيضًا:  أحرار الشام نحو كسر حصار الغوطة الشرقية.. الإسناد غائب!

بعد مرور ثلاثة أشهر فقط، فتحت مستشفى الأمل أبوابها، في منطقة ريفية خارج حلب، ومنذ ذلك الحين عالجت 18,144 طفلًا. يقول حاتم (الذي يُنادى باسمه الأول فقط)، مدير جمعية الأطباء المستقلين في حلب "من المفجع أن ما حدث لشعب حلب لا يزال يحدث لسكان الغوطة الشرقية إلى الآن".

لا مزيد من قصص التفجيرات

بعد عام بالضبط في الغوطة، التي تبعد 15 كيلو متر شرقي دمشق، يلقى 40 ألف شخص مصيراً مروعاً مماثلاً لأهل حلب. حُوصرت المنطقة منذ عام 2013، وتدهورت الأوضاع الإنسانية فيها بشكل حاد وسط العنف الذي اشتد في منتصف نوفمبر/تشرين الثاني. وفي ذلك الوقت قُصفت الغوطة بأكثر من مائتي غارة جوية.

انهار نظام الرعاية الصحية هناك إلى حد كبير، وقد وصفها العاملون في المجال الطبي بأنها واحدة من أسوأ الأوضاع الصحية والاجتماعية منذ بدء النزاع.

تفيد آخر تقارير الأمم المتحدة بضرورة إجلاء 500 شخص لتلقي الرعاية الطبية العاجلة. إلا أن وسائل الإعلام العالمية -على عكس ما كان في حلب- تكاد تكون صامتة، والمجتمع الدولي لا يتحرك تقريباً.

تفيد آخر تقارير الأمم المتحدة بضرورة إجلاء 500 شخص من الغوطة الشرقية لتلقي الرعاية الطبية العاجلة إلا أن وسائل الإعلام العالمية تكاد تكون صامتة

عندما أسأل أصدقائي الصحفيين عن ذلك، يلقون اللوم على المجتمع الغربي، إذ أننا –في الغرب- لا نريد أن نسمع بالأمر -على ما يبدو- فقد أصابنا الإعياء من كثرة إظهار الشفقة.

أنا لا أوافق، لقد سئم الناس قصص التفجيرات وصور القصف والدمار التي تخلو من الإنسانية، ولكن هناك حكايات لا تحصى عن الأمل والحب والتضحية تعيش وسط الأنقاض.

اقرأ/ي أيضًا: حصار مطبق على الغوطة الشرقية.. وأطفالها يموتون جوعاً

هذا العام، عملنا مع ثلاث منظمات غير حكومية سورية صغيرة، لكنها فعالة للغاية، نجحت في تمويل مشاريع الرعاية الصحية الضرورية في حملة التمويل الجماعي التي نقوم بها، والتي يمولها المواطنون في أنحاء العالم.

وبفضل هؤلاء المواطنين، صارت مؤسسة إنسان غير الحكومية، على سبيل المثال، قادرة على تقديم الدعم النفسي والاجتماعي للأشخاص المعرضين للقصف والتجويع والرعاية الصحية المحدودة.

منظمة غراس النهضة تقوم بتدريب المجتمع  على زراعة الفطر كمصدر طازج للغذاء، حيث لا يوجد مصدر آخر. وتقوم شبكة حراس بإصدار مجلة تعليمية لمساعدة الأطفال السوريين على تطوير صمودهم العاطفي بينما تعلمهم قيم التسامح والتضامن.

[[{"fid":"97535","view_mode":"default","fields":{"format":"default","field_file_image_alt_text[und][0][value]":"قافلات الإغاثة في الغوطة الشرقية (عبد المنعم عيسى/أ.ف.ب)","field_file_image_title_text[und][0][value]":"قافلات الإغاثة في الغوطة الشرقية (عبد المنعم عيسى/أ.ف.ب)"},"type":"media","field_deltas":{"1":{"format":"default","field_file_image_alt_text[und][0][value]":"قافلات الإغاثة في الغوطة الشرقية (عبد المنعم عيسى/أ.ف.ب)","field_file_image_title_text[und][0][value]":"قافلات الإغاثة في الغوطة الشرقية (عبد المنعم عيسى/أ.ف.ب)"}},"link_text":null,"attributes":{"alt":"قافلات الإغاثة في الغوطة الشرقية (عبد المنعم عيسى/أ.ف.ب)","title":"قافلات الإغاثة في الغوطة الشرقية (عبد المنعم عيسى/أ.ف.ب)","height":320,"width":500,"class":"media-element file-default","data-delta":"1"}}]]

المرور للفعل

هذه هي حملات حيوية تحدث تغييرًا في الحياة - وهناك حاجة لها الآن أكثر من أي وقت مضى. ومع استمرار تدهور الوضع في الغوطة، فإننا ندعم شريكتنا مؤسسة إنسان في تسيير حملة طوارئ.

تسعى إنسان للحصول على تمويل عاجل لتوفير تكوين نفسي معمق لفريقها النفسي الميداني المكوّن من 14 امرأة عبر تطبيق واتساب. وهن على اتصال مستمر تقريبًا، ويستمعن ويعززن تدريباتهن الأخيرة. كما يقوم الفريق أيضًا بتقديم النصح والتوجيه للنساء لدعم شبكاتهن الشخصية وأصدقائهن وأسرهن، ممن اتخذوا ملجأً معهن خلال أوقات القصف.

ونظرًا للأوضاع التي تزداد خطورة ولمحدودية الاتصال، يعمل الفريق أيضًا على تطوير نموذج للمساعدة الذاتية كتطبيق على الهاتف المحمول، سيوفر التقنيات الأساسية وخطوات الدعم النفسي والاجتماعي، وسيصل إلى المزيد من النساء اللاتي يحتجن إلى الدعم النفسي. وبما أن الغوطة مُحاصرة ولا نستطيع إدخال المساعدات إليها، فنحن نريد اتخاذ أي إجراءات مناسبة عن بعد.

هناك العديد من حملات الإغاثة في الغوطة المحاصرة بين شركاء أجانب وسوريين وهي تحتاج تسليط الضوء عليها إعلاميًا ومشاركتها بشكل واسع

كسر الصمت

نحن نريد أن نكسر الصمت ونكسر الحصار، ولدينا إيمان راسخ بالخير الفطري في الإنسانية. حياتنا منسوجة معًا بطرق وأساليب مختلفة ومتعددة. يمكننا أن نعيش حياتنا بأنانية، لا نهتم إلا للأشخاص القليلين داخل دوائرنا المقربة، أو يمكننا أن نختار توسيع تلك الدوائر لتشمل أكبر عدد ممكن من الكائنات الأخرى. أنا شخصيًا أحب الفلسفة التبتية في تكريس حياتنا لصالح جميع الكائنات، وهذا النهج لا يتعلق بتجاهل حياتنا الشخصية والسعادة، بل العكس تمامًا.

الأمر متعلق بالإدراك الأساسي أن سعادتنا مرتبطة بمن حولنا في عائلتنا وأصدقائنا ومجتمعنا وعملنا وحول العالم. والطريقة الأفضل لتحقيق الرفاهية والسعادة هي أن نكرس ازدهارنا الشخصي وأعمالنا لتفيد أكبر عدد ممكن من الناس، أي نهجًا غير متمركز على الذات كدافع رئيسي. 

قد لا نتمكن من تهدئة العواصف المتعددة التي تضرب عالمنا وأقراننا من البشر، ولكننا نستطيع أن نقف جنبًا إلى جنب مع هؤلاء الذين يقفون في قلب العاصفة. الأطباء المحليون والعاملون في مجال الإغاثة في الغوطة الشرقية، هم بعض الذين يواجهون الأزمات، وهم هناك يجرؤون  على القيام بما لا يستطيعه الآخرون أو لا يقومون به.

حكاياتهم عن المرونة  والشجاعة والتصميم على إنقاذ الأرواح المعرضة للخطر بمفردهم، كما هو مبين بإيجاز في هذه المقالة، تساعدني في الحفاظ على ذلك الإيمان الذي لا يتزعزع في الإنسانية. والأكثر من ذلك، فهي يدل على أن الأمر ليس عديم الجدوى أو مستحيل أو ميؤوس منه.

هناك أمل وفرصة واحتمالية، حتى في قلب العاصفة. آمل أن نتمكن من إثبات خطأ وسائل الإعلام. ليس فقط أن الناس يهتمون، ولكننا سوف نوجه هذا الإهتمام لإحداث فرق إيجابي لأكبر عدد ممكن من الناس.

 

اقرأ/ي أيضًا:  

مرة أخرى.. جيش الإسلام يفتح نيرانه على فصائل المعارضة في الغوطة الشرقية

جيش الإسلام يختطف الممرضة غصون مرشد.. تهديد وترهيب وتصاعد الإدانة