18-نوفمبر-2017

أحرار الشام تطلق عملية عسكرية لكسر الحصار عن الغوطة (عمر حاج قدور/ أ.ف.ب)

أطلقت حركة أحرار الشام الإسلامية، منتصف الأسبوع المنصرم، عملية عسكرية جديدة في مدينة حرستا بمنطقة الغوطة الشرقية، تهدف من خلالها السيطرة على أحد أبرز مواقع النظام السوري الاستراتيجية التي تساعده في تشديد حصاره على المنطقة، رغم حملات حقوقية أطلقها نشطاء سوريون تحذر من كارثة إنسانية في المنطقة.

أطلقت أحرار الشام عملية عسكرية باسم "بأنهم ظُلموا" لكسر حصار النظام السوري على الغوطة الشرقية

أحرار الشام تسيطر على 50% من "إدارة المركبات"

وبعد تعتيم رافق الساعات الثلاثين الأولى لبدء العملية العسكرية التي أطلقت عليها الحركة مسمى "بأنهم ظُلموا"، جرى عبر وسائل التواصل الاجتماعي تداول لمقطع مصور (حُذف لاحقًا من على يوتيوب) يُظهر وصول مقاتلي أحرار الشام إلى داخل "إدارة المركبات" في مدينة حرستا، حيثُ تسعى الحركة لإنهاء العملية بإعلانها السيطرة على الإدارة بشكل كامل.

اقرأ/ي أيضًا: حصار مطبق على الغوطة الشرقية.. وأطفالها يموتون جوعًا

وقالت الحركة في بيانها أول أمس الأربعاء، إن المعركة التي أطلقتها يوم الثلاثاء الماضي حققت الهدف المطلوب منها في مرحلتها الأولى، مؤكدًة التزامها بمذكرة اتفاقية "تخفيف التوتر" في اجتماع أستانا بين الدول الضامنة للاتفاق.

بيان أحرار الشام

وإدارة المركبات هي أكبر الثكنات العسكرية التابعة للنظام السوري في الغوطة الشرقية، حيثُ تمتد مساحتها من مدينة حرستا مرورًا بمدينة عربين حتى بلدة مديرا. وتضم داخلها العديد من المباني أهمها مبنى الرحبة 446، والمعهد الفني، وفي حال تمكنت الحركة من السيطرة عليها فإن النظام السوري يكون خسر موقعًا استراتيجيًا يُمكّن فصائل المعارضة من رصد مساحات واسعة من الأراضي الزراعية المحيطة بالمنطقة.

ومنطقة الغوطة الشرقية واحدة من المناطق الخمس التي أدرجتها الدول الضامنة ضمن مذكرة "تخفيف التوتر" الموقعة بين الدول الضامنة في أيار/مايو من العام الجاري. وفي تموز/يوليو الماضي وقع فصيل جيش الإسلام، أكبر الفصائل المتواجدة في الغوطة الشرقية، اتفاقًا فرديًا برعاية مصرية مع وزارة الدفاع الروسية، لوقف الأعمال القتالية في مناطق محددة، حيثُ استمرت قوات الأسد مصحوبًة بالميليشيات الإيرانية في محاولة اقتحام حي جوبر الدمشقي الملاصق لمنطقة عين ترما الذي يخضع لسيطرة فيلق الرحمن دون أن يتمكن من ذلك.

وبدأت أحرار الشام عمليتها العسكرية اتجاه "إدارة المركبات"، دون أن تتلقى إسنادًا من كبرى الفصائل في الغوطة الشرقية، لكن الناطق الرسمي باسم فيلق الرحمن وائل علوان، قال إنهم قدموا دعمًا مدفعيًا في العملية استهدفوا من خلاله مؤازرات كان أرسلها النظام السوري لدعم مقاتليه، فيما قالت أحرار الشام إنها استجابة لمطلب أهالي الغوطة الشرقية ستوقف ذكر اسم الفصيل المشارك في عملية "بأنهم ظلموا"، مكتفيًة بذكر مصطلح ثوار الغوطة الشرقية.

 

 

الغوطة الشرقية.. حصار خانق منذ 5 أعوام

ويأتي إطلاق المعركة الجارية في إطار محاولة أحرار الشام تخفيف التصعيد العسكري الذي تشهده منطقة الغوطة الشرقية، برفقة الحصار الخانق المفروض عليها منذ عام 2013. وبدأ النظام بفرض حصار جزئي على المنطقة منتصف عام 2012، وفي العام التالي تحوّل لحصار كامل بعد أن نفذ هجومًا بالسلاح الكيميائي أودى بحياة ما لا يقل عن 1400 شخص، معظمهم من الأطفال والنساء.

بدأ النظام السوري منذ 5 سنوات حصارًا على ما لا يقل عن 350 ألف شخص في الغوطة، قتل منهم 379 شخصًا معظمهم من الأطفال

ومنذ قرابة الشهر تقريبًا بدأ النظام السوري بفرض حصار خانق على منطقة الغوطة الشرقية منع خلاله دخول المساعدات الأممية إليها، وهو ما يمثل خرقًا واضحًا لاتفاقية مناطق "تخفيف التوتر". وتقول الشبكة السورية لحقوق الإنسان إن ما لا يقل عن 350 ألف شخص معظمهم من المدنيين يعيشون في ظل حصار خانق فرضه عليهم النظام السوري.

اقرأ/ي أيضًا: مناطق المعارضة السورية.. من أزمة الكهرباء إلى الأعباء الاقتصادية الجديدة

وفي أحدث تقاريرها المخصصة لمنطقة الغوطة الشرقية، وثقت الشبكة مقتل 379 شخصًا على الأقل منذ قرابة خمسة أعوام حتى 22 تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، بينهم 206 طفل، نتيجة "الجوع ونقص الدواء تحديدًا"، بالإضافة للجرحى الذين توفوا بسبب عدم وجود الأدوية اللازمة لعلاجهم، كما أن النساء الحوامل عانينّ من "فقر الدم". وسجلت الشبكة عددًا من حالات التشوه الخلقي بسبب سياسة الحصار التي يفرضها النظام على المنطقة.

والشهر الماضي أطلق مجموعة من النشطاء حملة "اكسروا حصار الغوطة" في محاولة لإثارة الرأي العام الدولي لما تتعرض له المنطقة من حصار خانق، لكنها لم تستطع أن تردع النظام السوري عن الاستمرار في سياسة الحصار على المنطقة، أو إيقاف حملة القصف الممنهح التي تتعرض لها المنطقة من قبل مقاتلات النظام السوري الحربية.

وكانت مقاتلة حربية تابعة للنظام السوري قد قصفت بصاروخين موجهين، المستودع المركزي للمجلس المحلي لمدينة دوما، بعد 48 ساعة من دخول قافلة المساعدات الأممية للمدينة، بالإضافة لاستهدافه مراكز التوزيع المباشرة للأهالي، وقال المجلس إن ثلث المساعدات الأممية أتلفت نتيجة تعرضها للقصف.

وأمس الجمعة، قال الائتلاف السوري المعارض، إنه بحسب إحصائية أولية، فقد تعرضت المنطقة للقصف بأكثر من ألف قذيفة هاون، و35 صاروخًا عنقوديًا، وما يزيد على 130 غارة جوية، فضلًا عن سقوط 200 جريح على الأقل. كما أشار الائتلاف إلى أن النظام السوري قصف بغاز الكلور السام في اليوم نفسه، مناطق في مدينة حرستا، وهو ما يعد خرقًا لقراري مجلس الأمن اللذان يحملان الرقم 2209 و2235.

وعلى ما يبدو فإن محاولة إطلاق عملية "بأنهم ظُلموا"، لن تستطيع أن توقف الهجوم العنيف الذي يستهدف الغوطة الشرقية ما لم تتحد فصائل المعارضة في المنطقة بشكل كامل، حيثُ يستغل النظام السوري مدعومًا بالميليشيات الأجنبية حالة الخلاف التي تسود بين كافة الفصائل المتواجدة في المنطقة نتيجة عمليات الاقتتال فيما بينهم بين فترة وأخرى.

لا يُرجح أن عملية أحرار الشام ستكون قادرة وحدها على كسر الحصار عن الغوطة بدون أن تتحد فصائل المعارضة في المنطقة بشكل كامل

لذا فإن المعركة الأخير قد تزيد الوضع الحالي تعقيدًا ما لم تستطع الفصائل أن توحد مقاتليها في غرفة عمليات مشتركة تتمكن من فرض شروطها على النظام السوري في حال تمكنت من السيطرة على إدارة المركبات ذات الأهمية الاستراتيجية.

 

اقرأ/ي أيضًا:

تحقيق دولي يدين إجرام الأسد.. 33 هجومًا كيميائيًا ضد المدنيين منذ 2011

مضايا والزبداني.. تجويع المدنيين وترويعهم