05-فبراير-2016

سوريون على درب اللجوء نحو الإسكندرون (الأناضول)

في الوقت الذي كان مؤتمر لندن لـ"دعم سوريا والمنطقة"، يختم جدول أعماله بجمع 11 مليار دولار أمريكي، لمساعدة اللاجئين السوريين في دول الجوار، شهد ريف حلب الشمالي نزوح أكثر من 15 ألف سوري باتجاه معبر باب السلامة الحدودي مع تركيا، وبقائهم على بوابة المعبر داخل الأراضي السورية، دون تمكنهم من العبور إلى داخل تركيا، بعد سيطرة النظام السوري والميليشيات المرافقة له بدعم جوي روسي على قرى من ريف حلب الشمالي على حافة الشريط الحدودي.

على دول الجوار السوري أن تتوقف عن مضايقة اللاجئين السوريين في المخيمات، وأن تلتزم بتقديم الحماية المكفولة لهم وفق القانون الدولي

قبل انعقاد المؤتمر بيوم واحد، قال وزير التعليم اللبناني إلياس بو صعب، إن بلاده ستطلب من الدول المانحة 12 مليار دولار أمريكي، يتم منحها على مدى خمس سنوات، لمواجهة "الزلزال المستمر"، في إشارة إلى استمرار تدفق اللاجئين السوريين إلى لبنان على حد قوله، بينما انتهز الملك الأردني عبد الله الثاني فرصة مقابلته مع هيئة الإذاعة البريطانية BBC، ليعبر عن شعور الأردن الذي وصل إلى "درجة الغليان"، بسبب أزمة اللاجئين السوريين، بينما دخلت الحكومة التركية المؤتمر من باب القوة، بعد منحها للسوريين المقيمين في تركيا صفة "لاجئ" وفق ما عرف اللاجئ في القانون الدولي الإنساني وشرعة حقوق الإنسان بمجملها، منذ ما يقارب شهرين.

تبدو الاقتباسات السابقة التي سبقت وصول وفود الدول المشاركة إلى لندن، أقرب إلى حالة التسول الدولي على حساب معاناة السوريين المستمرة منذ 5 أعوام، فالأسباب التي أرغمت السوريين على اللجوء إلى دول الجوار، ولاحقًا إلى القارة الأوروبية، واضحة لدى جميع الدول المانحة للمساعدات المالية، وهي استمرار النظام السوري والطيران الروسي والميليشيات الداعمة له في استهداف المدنيين في مناطق سيطرة المعارضة السورية، بشكل أساسي.

ومن نافل القول التذكير بأن معظم الدول التي كانت موجودة في مؤتمر لندن، حضر ممثلون عنها قبل أيام محادثات السلام، المُجمدة، في جنيف بين المعارضة والنظام السوريان، ما يعني أنهم كانوا على دراية تامة بما يحصل على الأرض السورية.

في محاولات بائسة يجتهد المجتمع الدولي في عدم النظر إلى المسببات الرئيسية للأزمة السورية، بينما وجدت دول الجوار فرصة لإنعاش اقتصادها عن طريق طلب المعونات المالية على حساب اللاجئين السوريين، كما أن دول الخليج العربي، وجدت الفرصة المناسبة في منح السوريين المساعدات المالية، مقابل التزامها في عدم منح من يملك الجنسية السورية تأشيرة دخول إلى معظم أراضيها، الكويت وحدها تعهدت بتقديم 300 مليون دولار أمريكي، أما السعودية فقالت إنها ستتبرع بـ 100 مليون دولار أمريكي إضافية، هذا بالتزامن مع تصريحات العسيري، التي كثرت ترجماتها لدى واشنطن، عن آفاق لتدخل بري سعودي في سوريا.

وإذا كانت دول الجوار تطلب هذه المبالغ الهائلة لتفادي "الزلزال المستمر" و"الغليان"، فعليها أن تتوقف عن مضايقة اللاجئين السوريين في المخيمات، وأن تلتزم بتقديم الحماية لهم، وفق اتفاقية عام 1951 المتعلقة بوضع اللاجئين ووفق نظام روما الأساسي، لا أن تقوم بممارسة الضغط عليهم، ومداهمة أماكن إقامتهم وتهديدهم بالترحيل إلى سوريا، ومن ثم يذهبوا ليتوسلوا العالم منحًا مالية.

كان يكفي على المجتمعين الاستماع لصوت اللاجئين، غير الراضين عن اقتلاعهم القسري من بلدهم، والراغبين في سوادهم الأعظم بالعودة إلى بيوتهم وأرزاقهم آمنين على أرواحهم وعائلاتهم.

وفي النظر إلى الدول التي طالبت بتقديم المساعدات المالية للاجئين السوريين في أراضيها، نجد أنها أغلقت معابرها الحدودية في وجههم منذ فترة طويلة، فالأردن أغلقت معبر نصيب الحدودي في وجه السوريين منذ عام 2012، وتركيا أغلقت جميع المعابر الحدودية مع سوريا، ولبنان وضعت شروطًا تعجيزية للسوريين القادمين إليها برًا وجوًا، وطبعًا الدول المجتمعة في لندن تعرف ذلك جيدًا، مثلما تعرف بأن هذه الدول ساهمت بشكل كبير في مقتلة الشعب السوري، الذي كان طموحه الوحيد الوصول إلى صيغة حكم ديمقراطي شعبي، لا أن يتسول العالم المنح المالية بحجة مساعدته.

لا يمكن تشبيه المؤتمر الذي عقد برعاية الأمم المتحدة وبريطانيا والنرويج وألمانيا والكويت، إلا بمحاولات الإنقاذ الفاشلة، إذ أن جل ما فعله أنه نجح في تحويل سوريا إلى سباق ماراثون للبازارات السياسية، يكفي أن نقرأ حجم الأرقام التي تتحدث عن إعادة إعمار سوريا، حتى نعرف كيف تتم عملية المبازرة السياسية على الشعوب المضطهدة، ومن ثم يكون دور الوكيل المحلي بكامل عدته من الـ"Ngo’s"الإنساني جدًا جدًا، ليتلقف رشقات التمويل على اسم من قُتل وهُجِر ودُمِرَ.

اقرأ/ي أيضًا: 

مضايا والزبداني.. تجويع المدنيين وترويعهم

جنيف 3.. لا حل في الأفق السوري