09-يناير-2024
فلسطينيون ينتظرون السماح لهم بالخروج من معبر رفح (GETTY)

(Getty) فلسطينيون ينتظرون السماح لهم بالخروج من معبر رفح

تتزايد المعلومات عن الظروف المأساوية التي يعانيها الفلسطينيون المضطرون إلى مغادرة قطاع غزة عبر معبر رفح، جراء مطالبتهم بدفع مبالغ طائلة عن كل فرد من قبل من يُطلق عليهم سماسرة المعبر.

وبحسب تحقيق لصحيفة "الغارديان" البريطانية، يدفع الفلسطينيون اليائسون من مغادرة القطاع رُشى للسماسرة تصل إلى حدود 10 آلاف دولار، من أجل مساعدتهم في الخروج.

ووفقًا للصحيفة البريطانية، لم يتمكن سوى عدد قليل جدًا من الفلسطينيين من مغادرة قطاع غزة عبر معبر رفح الحدودي، لكن أولئك الذين يحاولون إدراج أسمائهم على قائمة الأشخاص المسموح لهم بالخروج يوميًا يقولون إنه يُطلب منهم دفع مبالغ كبيرة من قبل شبكة من السماسرة الذين يقولون إنهم مرتبطون بأجهزة المخابرات المصرية.

وأخبر رجل فلسطيني مقيم في الولايات المتحدة صحيفة "الغارديان" أنه دفع 9 آلاف دولار قبل ثلاثة أسابيع لإدراج زوجته وأطفاله في قائمة الأشخاص المسموح لهم بالخروج. وكانت عائلته لاجئة في إحدى المدارس مع بداية العدوان على غزة. وفي يوم السفر، قيل له إن أسماء أطفاله غير مدرجة، وسيتعين عليه دفع 3 آلاف دولار إضافية. وقال الرجل إن السماسرة يتاجرون بدماء سكان غزة.

وأضاف إنه "أمر محبط ومحزن للغاية. إنهم يحاولون استغلال الأشخاص الذين يعانون، والذين يحاولون الخروج من الجحيم في غزة". وأشارت الصحيفة البريطانية أن عائلته لم تغادر قطاع غزة بعد.

يعاني الفلسطينيون المضطرون إلى مغادرة قطاع غزة عبر معبر رفح، وذلك جراء مطالبتهم بدفع مبالغ طائلة عن كل فرد من قبل من يُطلق عليهم "سماسرة المعبر"

بدوره، كشف بلال بارود، وهو مواطن أمريكي من غزة، أن السماسرة أخبروه أنه سيحتاج إلى جمع 85000 دولار لإخراج 11 من أفراد الأسرة من القطاع، بما في ذلك خمسة أطفال دون سن الثالثة. وقال للصحيفة: "أنا أفكر فقط في هذا الخيار لأن حكومة الولايات المتحدة لا تستجيب لي"، وأضاف: "أنا الذي أمضى الأشهر الثلاثة الماضية في مناشدة فرقة العمل التابعة لوزارة الخارجية الأمريكية لوضع والده المصاب بالسكري على قائمة الخروج"، وتابع: "لو كان لدي أي أمل في قضية والدي، فلن أكون في هكذا موقف"، واوضح: "أنا في هذا الموقف لأن الولايات المتحدة لا تريد مساعدة مواطنيها".

واعتقلت قوات الاحتلال والد بارود البالغ من العمر 70 عامًا لفترة وجيزة في كانون الأول/ديسمبر، حيث اقتيد مع مجموعة من المواطنين إلى مكان سري.

حتى قبل احتجاز والده، أمضى بارود أسابيع في طلب المساعدة، وقضاء ساعات على الهاتف إلى وزارة الخارجية في واشنطن، أو السفارة الأمريكية في القدس، وإرسال رزم من المعلومات عبر البريد الإلكتروني إلى وزارة الخارجية.

قسم ختم الجوازات في معبر رفح

وقال: "منذ منتصف كانون الأول/ديسمبر، لم أتلق أي بريد إلكتروني منهم، وتابعت ست مرات"، وأضاف: "لا يمكنهم التواصل إلا عن طريق البريد الإلكتروني. وعلى النقيض من ذلك، أرى أشخاصًا آخرين يدفعون المال للمغادرة، ويمكنهم الخروج في غضون يوم أو يومين."

كما قال أحد الفلسطينيين الذين يعيشون في المملكة المتحدة، والذي فقد أفرادًا من أسرته خلال الغارات الجوية الإسرائيلية: "يكسب الناس المال من بؤس الآخرين اليائسين الذين يحاولون الخروج لإنقاذ حياتهم، وبدلًا من مساعدتهم يحاولون كسب المال. إذا كانت هناك طريقة لإخراج الناس، فلماذا لا تساعد فقط؟".

وكشف المواطن الفلسطيني إنه قيل له إن الأمر سيكلفه 4 آلاف دولار لمساعدة كل فرد من أفراد الأسرة، وهم تسعة ذكور، على المغادرة في أوائل كانون الأول/ديسمبر. والآن يتم تحديد ما بين 6 آلاف دولار و10 آلاف دولار للفرد.

وتحولت العائلة إلى الوسطاء بعد فشلها في الحصول على مساعدة من الحكومة البريطانية أو المنظمات الإنسانية. وعلق المواطن الفلسطيني على ذلك قائلًا: "لست متأكدًا من سبب عدم تقديم أي مخططات، ولا شيء لإجلاء الناس. لم أعد أسمع حتى الإنسانيين يتحدثون عن هذا بعد الآن".

وأضاف: "يبدو الأمر كما لو أنهم يقولون: لن نحميك أو نمنحك السلامة، سنقدم لك فقط بعض الطعام والماء أثناء قصفك".

وأشار تحقيق "الغارديان" إلى أن شبكة السماسرة بدأت في العمل منذ سنوات، ومقرها العاصمة المصرية القاهرة، وتقوم بتنسيق مغادرة الفلسطينيين من قطاع غزة. وبعد بداية العدوان، ارتفعت الأسعار بشكل كبير، بعد أن كانت بحدود 500 دولار للشخص الواحد.

وتحدثت الصحيفة البريطانية إلى عدد من الأشخاص الذين قيل لهم إنهم سيضطرون إلى دفع ما بين 5 آلاف دولار و10 آلاف دولار لكل شخص لمغادرة القطاع. ما دفع بالبعض إلى إطلاق حملات تمويل جماعي لجمع الأموال. وقيل للآخرين إنه يمكنهم المغادرة في وقت أقرب إذا دفعوا أكثر.

وقال جميع الذين تمت مقابلتهم إنه تم التواصل مع السماسرة من خلال الاتصالات في غزة، حيث يتم الدفع نقدًا، وأحيانًا من خلال الوسطاء المقيمين في أوروبا والولايات المتحدة.