13-مارس-2020

نسب زواج القاصرات في المغرب صادمة (فيسبوك)

لا زال زواج الفاتحة بين القاصرات يخلق جدلًا حقوقيًا في المغرب، فقد كشف تقرير جديد أن 10 في المائة من المغربيات القاصرات يتزوجن بالفاتحة في حين أن 73 في المائة منهن غير راضيات على حياتهن بعد تزويجهن. ويُعتبر زواج الفاتحة من بين الزيجات المنتشرة في المغرب خصوصًا في المناطق الجبلية، إذ تكتفي الأسرتان بقراءة سورة الفاتحة لإعلان وإشهار الزواج بين ابنيهما، الأمر الذي يحرم عدد من النساء من حقوقهن خصوصًا إذا كن قاصرات وحصل حمل وإنجاب.

لا زال زواج الفاتحة بين القاصرات يخلق جدلًا حقوقيًا في المغرب، فقد كشف تقرير جديد أن 10 في المائة من المغربيات القاصرات يتزوجن بالفاتحة 

الأرقام التي تُعلن عنها مؤسسات رسمية تبقى مخيفة، فالنيابة العامة المغربية كشفت في تقريرها السنوي حول الوضع الجنائي بالمغرب، استمرار ارتفاع نسب زواج القاصرات، على الرغم من التعديلات التي أدخلت على مدونة الأسرة. فيما دفع تقرير النيابة العامة بعض الجمعيات إلى المطالبة بإلغاء الفصل 20 من المدونة الذي يتيح للقاضي قبول طلب تزويج الفتاة القاصر، بالتالي منع الزواج بشكل قاطع على القاصرين ذكورًا وإناثًا لتفادي بعض التحايلات التي يستخدمها بعض الأهالي لتزويج بناتهم القاصرات.

اقرأ/ي أيضًا: نساء "المغرب العميق"

أرقام مخيفة

"زواج الفاتحة يحرم القاصرات في مختلف قرى ومدن المغرب من مجموعة من الحقوق، مثلًا، لا يُعترف بأطفالهن قانونيًا، وإذا لم يكن لدى الطفل دفتر الحالة المدينة، فإنه يحرم، أيضًا، من مجموعة من الحقوق، من بينها: الحق في الصحة والتمدرس، ما يعني أن زواج الفاتحة يدمر القاصرات وأطفالهن، على حد سواء". هذا ما صرحت به أمال الأمين، منسقة مشروع "محاربة تزويج القاصرات بالمغرب" في "جمعية حقوق وعدالة" في حديثها لـ"الترا صوت"، على هامش تقديم نتائج الدراسة الوطنية حول تزويج القاصرات بالمغرب.

ودقت الدراسة التي أنجزتها جمعية "حقوق وعدالة" الخطر بخصوص ارتفاع عدد زواج القاصرات بالفاتحة، رغم الجهود التي بذلتها الدولة في السنوات الأخيرة، إذ كشفت أن 10.79 في المائة من الفتيات على الأقل، على المستوى الوطني، يتزوجن بـ"الفاتحة". وبينت الدراسة التي جرى تقديمها بمناسبة اليوم العالمي لمكافحة الاستغلال الجنسي، أن "زواج الفاتحة مستمر بنسبة كبيرة تبلغ 13 في المائة في المناطق القروية، مقابل 6.56 في المائة في المناطق الحضرية"، مبرزة أن هذا "النوع من الزواج يمثل في بعض المناطق نسبة مرتفعة جدًا، وأحيانًا يعادل نسب الزواج الموثق أمام المحاكم، كما هو الحال بالنسبة إلى جهة درعة- تافيلالت" في الجنوب الشرقي للمغرب.

وشملت هذه الدراسة نحو 627 حالة زواج قاصرات، حيث يمثل العالم القروي ضعف العالم الحضري بـ408 حالة، مقابل 207 في المجال الحضري. هكذا يظهر أن 51.47 في المائة من المبحوث معهن تزوجن في سن 17 عامًا؛ ونسبة 29.15 في سن 16 عامًا؛ و11.24 في سن 15 عامًا؛ و8.14 في المائة تزوجن في سن 14 عامًا. وتتركز هذه العينة الأخيرة في كل من جهة الدار البيضاء- سطات والرباط- سلا- القنيطرة، لكن تعتبر جهة الدار البيضاء الأكثر تضررًا بتزويج القاصرات بنسبة 19.86 في المائة.

وحول طبيعة الزواج، أوردت الدراسة أن الزيجات المصادق عليها حاضرة بنسبة 72.76 في المائة، يليها الزواج العرفي بالفاتحة بنسبة 10.79 في المائة، وهذه الظاهرة الأخيرة تتمركز في جهتي درعة ــ تافيلالت وبني ملال- خنيفرة. واقع مؤلم آخر تكشفه الدراسة، هو أن نسبة 44.37 في المائة من العينات، التي شملها البحث، لم تتجاوز مستوى التعليم الابتدائي. وإذا عدنا إلى أبناء هؤلاء القاصرات، فإن نسبة 89.35 في المائة منهم لا يتجاوز المدرسة الابتدائية، و92.83 في المائة منهم لم يتجاوز المستوى الإعدادي، أي إن عدم تمدرس الآباء وجهلهم بأهمية الدراسة ينعكس سلبًا، أيضًا، على حياة الأبناء.

زوجات غير راضيات

معطى آخر مقلق، هو أن 73.04 في المائة من القاصرات المتزوجات غير راضيات عن حيواتهن اليومية، مقابل تأكيد 26.96 في المائة فقط، أنهن راضيات عن وضعيتهن. علمًا أن الحالات المبحوث عنها في العالم القروي، نادرًا ما يشتكين. كما أن 76.05 يؤكدن أنهن ربات بيت وليست لديهن أي أعمال أخرى يقمن بها، بينما 23.95 في المائة فقط، لديهن أعمال أخرى.

وسجلت الدراسة أن 63 في المائة من القاصرات المتزوجات حملن لأول مرة قبل سن 18 عامًا، و44.02 في المائة في سن 17 عامًا، و14 في المائة في سن 16 عامًا، و3.5 في المائة في سن 15 عامًا، و1.83 في المائة في سن 14 عامًا. فيما أكدت 12.98 في المائة من المبحوث معهن على المستوى الوطني على وفاة رضيع لهن داخل منازلهن (14.37 في العالم القروي و10.23 في العالم الحضري).

وتشير الدراسة إلى أنه تعددت الأسباب، بينما الضحية هي القاصر، بحيث أن مقارنة لهذه الظاهرة تفرض استحضار "الأسباب والعوامل المتعددة التي تربط بين الهشاشة، الفقر، الجهل، الهدر المدرسي، الضغط الاجتماعي..."، كما انتقدت الدراسة الثغرة القانونية التي تستغل لانتهاك حقوق القاصرات من قبل أطراف عدة، وفي هذا تؤكد على عدم إغفال "الإطار التشريعي الذي يسمح بزواج القاصرات من خلال المادة 20 من قانون الأسرة". وأكدت أمال الأمين الرفض الحقوقي لهذا "الاستثناء (في القانون) الذي تحول للأسف إلى قاعدة".

أمال الأمين، في حديثها مع "الترا صوت" قالت إن "تزويج القاصرات هو اغتصاب لطفولتهن، لأنه يكبح استفادتهن من حقوقهن، بحيث أن حياة القصر تُدمر بسبب قرارات تؤخذ نيابة عنهن". وبخصوص الحديث عن أن هذا الاستثناء فرضه الطابع المحافظ للمجتمع المغربي، وأن هناك قاصرات يرغبن أصلًا في الزواج المبكر في القرى، في ظل الهدر المدرسي وغياب البدائل التربوية والتكوينية، أوضحت الأمين أن "هؤلاء الفتيات في حاجة ماسة إلى من يرعاهن ومن يعطف عليهن ومن يُؤخذ بأيديهن، فكيف يمكن لهن حماية أطفالهن، ومنحهم الحنان، في الوقت الذي يحتجن فيه إلى الحنان".

اقرأ/ي أيضًا: المرأة في ريف المغرب.. طبقات القهر المركب

تحايل على القانون

أمام استمرار زواج القاصرات بالمغرب، يطالب العديد من المدافعين عن حقوق الإنسان بإلغاء الفصل 20 الذي يعتبرونه أصل المشكلة، إضافة إلى اقتراحهم إطلاق حملات للتوعية للحد من تلك الظاهرة. ويُعطي الفصل 20 من مدونة الأسرة المغربية الحق للقاضي بقبول طلب تزويج الفتاة القاصر حسب الحالة، هذه الفصل الذي يعتبره عدد من الحقوقيين تحايلًا على القانون.

أمام استمرار زواج القاصرات بالمغرب، يطالب العديد من المدافعين عن حقوق الإنسان بإلغاء الفصل 20 الذي يعتبرونه أصل المشكلة، إضافة إلى اقتراحهم إطلاق حملات للتوعية للحد من تلك الظاهرة

وتعتبر أمل الأمين أنه بعد تعديل مدونة الأسرة للسن القانونية للزواج بالنسبة للفتاة من 15 إلى 18 سنة، مع إعطاء استثناء لتزويج القاصر، أصبح الاستثناء قاعدة. وتعتبر عدم التوعية أحد أسباب ظاهرة تزويج القاصرات باعتبار أن المكان الطبيعي للفتيات والفتيان هو المدرسة، وليس الزواج في سن مبكرة، لأن الدراسة التي خلصت لها الجمعية تُبين أن 99 في المئة من هذه الزيجات لا تنجح لأسباب مثل التعرض للعنف وعدم تحمل المسؤولية، ومشاكل أسرية، وعدم دراية بالعلاقة الجنسية.

 

اقرأ/ي أيضًا:

مسيحيو المغرب.. حياة الخفاء

هل اللغة العربية بالمغرب في مهب الريح؟