24-فبراير-2023
بورتريه لـ ريلكه

بورتريه لـ ريلكه

كان شعر راينر ماريا ريلكه (1875 - 1926) يتمحور حول صعوبة التواصل والقلق العميق والعزلة. نظر ريلكه إلى هشاشة الوجود الإنساني الذي يحوم حوله شبح الموت، ورأى أنه لا خلاص سوى بإنسانية الإنسان. وهو فوق ذلك كله شاعر الترحال الدائم، إذ ظل يتنقل بين البلدان ولم يعرف الاستقرار في مكان.


قبل أن تعدّ على أصابعك للعشرة

 

قبل أن تعدّ على أصابعك للعشرة

يتغيّر كلّ شيء في هذا الكون

حتّى الهواء يُنتزع  بالقوّة

هذا النّقاء الّذي تمتازُ به عرانيس الذّرة

من أجل رميها في مكان غير محدّد.

...

هذا اللّون النقيّ يتطايرُ، وينزلقُ

على حافّة مهوار ويتّجه نحوَ نقاءٍ شبيه

كان مأخوذًا بهذه اللّعبة الوحشيّة

يسافرُ إلى مرتفعاتٍ أخرى.

...

كالحبيبةِ المحتاجة إلى لمسةٍ ناعمة

تبقى المساحةُ مندهشةٌ تحتَ تأثيرِ هذه المُداعبة

الّتي قامت هيَ على الأرجح بصنعها.

 

أنا أراكِ أيتها الوردة الجوريّة

 

أنا أراكِ أيّتها الوردةُ الجوريّة،

أيّها الكتابُ الّذي تعبَ من عناء القراءة

الذي يحتوي على الكثير من الصّفحات

على السّعادة المفصّلة بين ثناياه

الّتي لن نستطيع أبدًا قراءتها.

...

أيّها الكتابُ الرّسولُ

الّذي ينفتحُ على الهواء

الّذي يفتحُ ذراعيه أمام الفراشات

عيناه مغلقتان

منهُ تخرج الأفكارُ غامضةً

تحت تأثير كلّ هذه الأشياء.

 

إنّه الما وراء يلمعُ في الأفق

 

إنّه الما وراء الّذي يلمعُ

فوقَ المنزلق ذي الأجنحة

يبقى القليلُ من ليلةٍ ناصعة الصّفاء

تلمعُ في الأفق إلى اليوم كالفضّة المتمايلة.

...

أنظُر هنا

إنّ الضّوءَ لم يعُد قويًا

على هذه الرّسوم المُطيعة

هناك

حيثُ توجد هذه المزارع

تلكَ التي لا تجدُ أحدًا ليُواسيها

لبُعدِها عن الضّوء.

 

كيف؟

 

كيفَ يمكننا التعرّف

على ما كانت عليه الحياةُ الجميلة؟

هذا ممكنٌ

إذا نظرنا إلى الذّكريات المحفورة على كفِّنا

هذا ممكنٌ:

إذا نظرنا إلى الخطوطِ والتجاعيد

الّتي نتعاملُ معها

عندما نُغلِقُ السّتارَ على الفراغ

على هذه اليدِ التي هي

لا شيء

لا شيء.