21-أكتوبر-2021

من الفيلم (MEE)

بلبلة وانتقادات عديدة ضمن ما وصفه متابعون بالحملة الشرسة التي وجهت إلى فيلم "ريش" المصري للمخرج الشاب عمر الزهيري، بدعوى أنه "يسيء إلى الجمهورية المصرية والمجتمع المصري"، لمجرد عرضه لصورة مقرّبة عن واقع الفقر المدقع في البلاد.

كانت حملة الانتقادات ضد فيلم ريش محاولة مكشوفة لتسجيل موقف أمام السلطات، والتعبير الواضح عن مواقف مضادة لمثل هذه الأعمال 

فقد اعتبر العديد من النقاد والفنانين والبرلمانيين بأن اسقاطات الفيلم مبالغ بها وبأن مصر في الجمهورية الحالية لا يوجد فيها كل هذا الفقر الذي عرضه الفيلم على حد قولهم. وقام بعض الفنانين بالفعل بالانسحاب من الصالة اعتراضًا على الحالة التي يعرضها فيلم "ريش"، في محاولة مكشوفة لتسجيل موقف أمام السلطات، والتعبير الواضح عن مواقفهم المضادة للفيلم، موجهين له أقذع الانتقادات وبلغة تتجاوز بحسب العديد من المعلّقين حدّ المعقول موضوعيًا، وتدلّ على حالة غير صحيّة في المشهد الفني في مصر.

قصّة فيلم "ريش"

فيلم ريش (Feathers) هو فيلم روائي طويل من تمثيل دميانا نصار بدور الأم (أول تجربة تمثيلية لها، والطاقم بأكمله من غير الممثلين المحترفين وليست لديهم أي خبرة في التمثيل تقريبًا). الفيلم من إنتاج شاهيناز العقاد ومحمد حفظي، وكتابة مشتركة بين المخرج عمر الزهيري والسيناريست أحمد عامر، ومن إنتاج مصري فرنسي مشترك.

يروي فيلم ريش قصة زوجة هادئة رتيبة لا تتكلم كثيرًا تسكن في إحدى المناطق العشوائية المصرية، تضطر للذهاب إلى العمل وإيجاد الوسائل اللازمة من أجل إعالة أطفالها، وذلك بعد أن قام أحد السحرة بتحويل زوجها إلى فرخة أثناء احتفال العائلة بعيد ميلاد طفلها الصغير. أحداث الفيلم تدور حول هذه الأسرة البسيطة المكونة من أب وأم وأطفالهم الثلاثة، وتتوالى الأحداث بعدها حينما لا يتمكن الساحر من إعادة الزوج إلى حالته الأدمية، لتجد الأم نفسها أمام معاناة كبيرة وتحديات عدة مختلفة في ظل غياب زوجها.

انسحابات وانتقادات بالجملة

في تصريح تلفزيوني قال الممثل منير شريف تعليقًا على انسحابه من الفيلم "يصور الفيلم أسرة تعيش في قذارة رهيبة ويظهر إن شكلنا مش كويس أوي"، وأضاف "حتى العشوائيات في مصر لم تكن تعيش بالشكل ده". وتابع بالقول "بلدنا فيها حياة حلوة وأشكال حلوة ومناظر حلوة". وأشار شريف إلى أن مصر "تعمل للتخلص من هذه المناظر"، كما رأى أن مصر تعيش حاليًا في "جمهورية جديدة". أما حول الفيلم نفسه فقال شريف، الذي اعترف بأنه لم يكمل العرض، بأنه "لا يوجد أي إبداع حقيقي في الفيلم".

كما انسحب العديد من الفنانين الآخرين، منهم أحمد رزق، وأشرف عبد الباقي، لتبدأ على إثر ذلك حملة على وسائل التواصل الاجتماعي والمواقع المؤيدة للنظام المصري، تستهدف فيلم "ريش" وتتهمه بتعمّد تشويه صورة مصر، وتطالب بإيقاف المهرجان بأسره، وذلك تحت وسم #أوقفوا_مهرجان_الجونة، الذي تصدّر في مصر لساعات وبشكل مفاجئ، ما أثار شكوكًا بوجود حملة إلكترونية منظّمة لتفعيل الوسم والحشد ضدّ الفيلم.

وكان من بين من انتقدوا الفيلم المخرج عمر عبد العزيزالذي أوضح في تصريحات صحفية أنه انسحب من فيلم "ريش" لأنه "يسيء لسمعة مصر"، إضافة إلى المخرجة إيناس الدغيدي التي انتقدت فيلم "ريش"، ووصفته بأنه "ضعيف فنيًا"، وليس فيه "قضية يطرحها" على حد تعبيرها. وممّن انتقدوا فيلم "ريش" أيضًا الممثلة السورية نسرين طافش التي رأت أنه "سوداوي وغرائبي". 

أما سياسيًا فقد صرح عضو مجلس النواب، النائب أحمد مهني، بأنه سيتقدم بطلب "إحاطة لرئيس البرلمان ووزيرة الثقافة بشأن عرض فيلم ريش المسيء لمصر، حيث إنه لا يقدم الصورة الحقيقة لمصر، ويساعد على تشويه الصورة الداخلية لمصر عالميًا" على حد زعمه.

المخرج الشاب عمر الزهيري 

وأمام هذه الموجة من الانتقادات، اضطرت إدارة مهرجان الجونة السينمائي بعد انتهاء عرض الفيلم إلى إصدار بيان توضيحي، أكدت فيه أن اختيار عرض فيلم ريش ضمن فعاليات المهرجان، جاء وفقًا لمعايير اختيار الأفلام في المهرجان وبعد النجاح الذي حققه في بعض المحافل الدولية، ومنها فوزه كأول فيلم مصري بالجائزة الكبرى لأسبوع النقاد الدولي في مهرجان "كان" السينمائي في فرنسا، وهو أول فيلم مصري طويل يحصل على هذه الجائزة في تاريخ المهرجان العالمي". وأضافت إدارة المهرجان أنه تم تكريم الفيلم من قبل وزارة الثقافة المصرية قبل بدء مهرجان الجونة السينمائي، كما أوضحت بأنه فاز في وقت سابق بالجائزة الكبرى لمهرجان بينجياو الصيني.

كما أوضحت إدارة المهرجان بأن حصول فيلم "ريش" على جائزة في مهرجان كان السينمائي قد نال استحسان الجهات الرسمية في مصر، حيث قامت وزيرة الثقافة المصرية، إيناس عبد الدايم، بتكريم صنّاعه، معتبرة ما حققه فيلم ريش بأنه "إنجاز تاريخي"، باعتباره أول فيلم مصري يفوز بهذه الجائزة في المشاركة الأولى بهذه المسابقة، كما أشادت عبد الدايم حينها بالمستوى الفني المميز للفيلم، واعتبرت الجائزة بأنها خطوة جديدة في طريق استعادة الريادة المصرية في مجال السينما.

وتابعت إدارة المهرجان في بيانها التوضيحي الإشارة إلى أن "العديد من النقاد المصريين والعالميين يرون أن فيلم ريش تدور أحداثه في زمان ومكان غير محددين، وبالتالي لا يمكن تحميل الفيلم أكثر مما جاء به". وذكرت الإدارة أنه "لم يعرض أي فيلم سينمائي دون أن يحصل على التصاريح الرسمية، مؤكدة أنه لا يحمل أية إساءة أو ضغينة في عروضه المختلفة، سواء داخل المسابقة الرسمية أو خارجها".

مغردون مصريون: "الواقع أسوأ"

في مقابل سيل الانتقادات التي وجهت لفيلم "ريش" في مصر، غرد الممثل نبيل الحلفاوي على تويتر بالقول "العمل الفني يخضع للقبول أو الرفض. للإشادة أو الإدانة فكريًا أو فنيًا. لكن لا تأثير له إطلاقا على سمعة الدول (مصر أو غيرها) كما يتردد أحيانًا عبر مناسبات سابقة وحتى الأن. سمعة الدول ترتبط بعوامل أهم كثيرًا من وجهة نظر فنان".

وفي تغريدة ثانية قال الحلفاوي "أما التعرض في عمل فني للفقر أو البطش أو الفساد أو غيرها من السلبيات فنحن نراه في أعمال تنتج في أكثر الدول تقدمًا. بل إنهم أحيانًا يصلون في أعمالهم بالفساد إلى أعلى المستويات السياسية بدون أن يخطر ببال أحد أن عملًا فنيًا سواء كان محقًا أو غير محق، سيسيء لسمعة الدولة".

أما الحقوقية ماهينور المصري فقد شككت بمواقف المعترضين على الفيلم ورأت أنها "انتهازية"، مشيرة إلى التناقض بين الانسحاب من الفيلم لأنه يتحدث عن الفقر في مصر، والمشاركة في حملات الدعم لنظام السيسي بحجّة أن مصر "فقيرة". 

الممثل المصري عمرو واحد قال معترضًا على الهجمة على الفيلم قائلًا بأن الدولة التي تخشى على سمعتها من فيلم، فإنها دولة "تعبانة" على حد تعبيره، وأن ملاحقة الفيلم وصناعه قضائيًا هو ما يمثّل إهانة للدولة: 

كما تداول الناشطون مقطعًا قديمًا ساخرًا من أداء "أنديل" في برنامجه "أخ كبير"، يتحدث فيه بتهكّم عن جدلية الفنّ والواقع بنظر السلطة: 

 

مقاطعة فلسطينية لمهرجان الجونة 

من جهة أخرى، أعلن المخرج والممثل الفلسطيني الشهير محمد بكري، إلغاء زيارته التي كانت مقررة أمس الأربعاء إلى مهرجان الجونة السينمائي، حيث كان من المقرر أن يتم تكريمه، وذلك رفضًا لما تعرّض له المخرج الفلسطيني سعيد زاغة، الذي تم توقيفه في مطار القاهرة الدولي، ورفض دخوله إلى مصر، ليعود على إثر ذلك إلى المملكة المتحدة مكان إقامته. 

ألغى بكري زيارته لمهرجان الجونة احتجاجاً على ما تعرض له المخرج سعيد زاغة، وعلى ما يتعرض له غيره من السينمائيين الفلسطينيين في مطار القاهرة الدولي

وأصدر محمد بكري بياناً،نشره موقع مجلة "فارايتي" وتناولته العديد من وسائل الإعلام، جاء فيه أنه ألغى زيارته لمهرجان الجونة احتجاجاً على ما تعرض له المخرج الفلسطيني سعيد زاغة، وعلى ما يتعرض له غيره من السينمائيين الفلسطينيين في مطار القاهرة الدولي.

 

اقرأ/ي أيضًا: 

100 ألف دولار تعويض لصحفية بريطانية تعرضت للتضليل لخدمة أجندات إماراتية ومصرية

كتاب "كل رجال الباشا".. "أمجاد" محمد علي كما رآها الفلاحون