01-نوفمبر-2020

غلاف الرواية

ألترا صوت - فريق التحرير

صدرت رواية "جريمة في مسرح القباني.. الحدّ والشبهة" للروائي السوري باسم سليمان عن "دار ميم" في الجزائر.

تسرد الرواية أحداث جريمة قتلٍ على خشبة مسرح القباني في أول أيام عطلة عيد الأضحى. حيثُ يكلّف المحقّق هشام بالكشف عن ملابساتها، ليتّضح أنّ القتيل لقيطٌ تربّى في ميتم زيد بن حارثة، كان قد وجد قرب باص محترق في التفجيرات التي حدثت في أوائل الثمانينيات في سوريا، وأصبح فيما بعد عامل زبالة يهوى تحريك الدمى.

لا تذهب رواية "جريمة في مسرح القباني" في تتبع الحرب الحالية مذهب المؤرخ بل تريد الكشف عن أسباب العنف الكامن في النفس البشرية

تدور الشبهات حول بائع كتب مستعملة عند جسر الرئيس/ فيكتوريا في وسط دمشق، يعمل حارسًا ليليًا لمسرح القباني إضافة لعمله السابق الذكر، وهو صديق عامل الزبالة، وهذا الأمر سمح للقتيل محرّك الدمى بالدخول إلى المسرح، وتقديم عرضه التجريبي للحارس.

اقرأ/ي أيضًا: رواية "لم يصل عليهم أحد".. العشق بحد ذاته صلاة

حارس المسرح صديق للمحقّق هشام الذي يشتري منه الكتب القديمة المستعملة كي يقرأها. المحقّق هشام والمساعد جميل هما صورة واقعية لبرنامج إذاعي يبث عبر أثير راديو دمشق بعنوان "حكم العدالة" الذي يكتب حلقاته المحامي هائل اليوسفي استنادًا إلى قضايا جريمة حقيقية وللبرنامج شهرته الكبيرة في سوريا.

تتقاطع خيوط الشخصيات الروائية مع أشباهها الواقعين، فتنتج عالمًا برزخيًّا من الواقع والخيال، نرقب من خلاله واقع الحرب السورية الحادثة الآن.

تقود مسرحية وقصص وأشعار محرّك الدمى وقائع التحقيق، فنقرأ وقائع الحرب السورية من خلالها. لا تذهب الرواية في تتبع الحرب الحالية مذهب المؤرخ بل تريد الكشف عن أسباب العنف الكامن في النفس البشرية، منذ قتل قابيل هابيل، وما هي الخطيئة الأساسية التي أرتكبها أبو البشر، آدم، ولماذا أراد النبي إبراهيم أن يقدّم ابنه أضحية للإله.

ينطلق المحقّق هشام باحثًا عن خيوط الجريمة التي تشبه خيوط الدمى، رويدًا رويدًا، ليجد أنّه شبيه محرّك الدمى عبد الله، حيث ولدا في نفس اللحظة؛ محرّك الدمى في تفجيرات الأزبكية في دمشق، والمحقّق هشام في قرية من قرى الساحل السوري وفي هذه العقدة من الخيوط يطلّ المحامي هائل اليوسفي في سيرورة الجريمة، راغبًا بالتعرف أكثر على شبيه المحقّق هشام الذي ابتدعه في مسلسل "حكم العدالة".

بائع الكتب، أو أحدب جسر الرئيس، يكاد أن يكون المحرّك الخفي لأحداث الرواية، فهو الكلمة المكتوبة في الكتب، والشاهد على العنف الذي انفجر في الثمانينيات من القرن العشرين في سوريا، وفي الوقت نفسه هارب من ثأر يطارده في مدينة حلب.

يخبر بائع الكتب المحقق هشام بأن أوراق محرّك الدمى عبد الله تقع تحت خشبة مسرح القباني حيث كان يجلس الملقّن الذي يذكّر الممثلين في حال نسوا كلمات المسرحية. هذا البئر في مقدمة خشبة المسرح مغطى بحدبة تشبه حدبة بائع الكتب. يجد المحقّق هشام أوراق عبد الله الأخرى التي تتكلّم عن الحرب الدائرة رحاها في سوريا.

تهدف رواية "جريمة في مسرح القباني" إلى الكشف عن أهمية المسرح، كونه المكان الذي تعاد فيه أحداث العنف البدائي والأضحية التطهيرية

تهدف الرواية للكشف عن أهمية المسرح، كونه المكان الذي تعاد فيه أحداث العنف البدائي والأضحية التطهيرية، وفق الكاتب رينيه جيرار في كتابه "العنف المقدس"، وأهمية الفنون الأخرى من حيثُ أنّها تأريخ للماضي والحاضر الآني للمجتمع.

اقرأ/ي أيضًا: رواية "تفسير اللا شيء" لفواز حداد.. استنطاق نصف قرن من الشمولية

تنقسم الرواية إلى عالمين: عالم البشر، وعالم الدمى، وبعد الخراب الكبير الذي حصل في سوريا، لم يبق غير الدمى بريئة من العنف الإنساني، لتكمِل مستقبل هذا البلد، بعد أن بثّ فيها محرّك الدمى الحياة، بأن ضحى بنفسه فداء لهذا البلد كي يتوقّف العنف فيه.

تنتهي الرواية بمونولوج آخر إنسان نجا من الدمار على خشبة مسرح أعدّ وسط ركام مدينة تمتد من المشرق إلى المغرب بالقول بأنّه لم تحدث جريمة وليس من قتيل، ولا قاتل، أمام جمهور من الدمى.

نعم، حدثت الجريمة. الجريمة التي سنتبرأ من خلالها من شرور العنف البشري.

 

اقرأ/ي أيضًا:

خليل صويلح.. حراسة حقول الوهم

6 روايات تصدّرت المشهد الروائي السوري