17-أغسطس-2019

يجد بشار الأسد مؤازرة من اليمين المتطرف في فرنسا (تعبيرية/أ.ف.ب)

تجاوز واقع اللجوء السوري منطق الصدفة، هذا ما تشير إليه الإجراءات التركية الأخيرة، وما رافقها من ممارسات وتصريحات تستهدف اللاجئين السوريين في لبنان، ثم تلتها صفعة بحق من يقطنون مخيم الزعتري الصحراوي على الحدود السورية الأردنية، يُضاف إلى ذلك زيارة جملة من النشطاء العرب لدمشق، والتقاطهم الصور في شوارعها رفقة شخصيات نافذة في النظام السوري.

أعلنت شركة فرنسية مرتبطة باليمين المتطرف عن تنظيم رحلة "سياحية" إلى سوريا، مؤكدة على علاقاتها بالنظام السوري!

وصولًا إلى هذا الخبر: قام النظام السوري بتزويد الاتحاد الأوروبي بأسماء 200 ألف سوري حاصلين على حق اللجوء، لكنهم أقدموا على زيارة الأراضي السورية من خلال المعابر الحدودية.

اقرأ/ي أيضًا: حين أصبح بشار الأسد أيقونة لليمين المتطرف في الولايات المتحدة

فضلًا عن البعد الأخلاقي في المسألة، من جهة أن النظام السوري يؤدي دور المخبر، أو حتى من جهة من أقدموا على زيارة سوريا؛ يبقى السؤال: ألا يعني هذا أن هناك 200 ألف سوري يفضلون صفة اللاجئ على صفة المواطن السوري؟ وما يحيل إليه ذلك!

رحلات اليمين الفرنسي لسوريا الأسد

في خضم هذا المشهد المربك، وبتصفح فيسبوك، يُفاجئك إعلان لإحدى الشركات السياحية الفرنسية التي تروج لزيارة ترفيهية إلى سوريا. يذكر الإعلان أن الشركة السياحة الفرنسية "Odeia" تنظم رحلة إلى سوريا تتضمن دمشق والجامع الأموي وقلعة حلب، وما تبقى من أنقاض مدينة تدمر الأثرية، كل ذلك بصحبة الصحفية شارلوت دورنيلاس، الوجه الجديد لليمين المتطرف.

عند التدقيق في المعلومات المتعلقة بالصحفية المذكورة كعنصر جذب في الإعلان، يُكتشف أنها سبق لها دخول سوريا من خلال التزامها مع منظمة يمينية فرنسية تهدف -كما تزعم- إلى رعاية ونجدة مسيحي المشرق العربي عمومًا وسوريا خصوصًا. وفي هذا السياق قامت هذه الصحفية بمقابلة بشار الأسد شخصيًا، وأجرت معه مقابلة صحفية لصالح شبكة "Breizh-info" اليمينية أوائل عام 2017.

سياحة بمرافقة أصدقاء النظام

يشرح الإعلان عن الرحلة التفاصيل التالية: "سوف تسافر باستعدادات أمنية قصوى، فشارلوت دورنيلاس على دراية بسوريا وعلاقة بالسلطات المحلية".

وعند البحث عن نشاط هذه الشركة "السياحية"، يُكتشف أنها قد نظمت بالفعل في وقت سابق رحلات إلى سوريا، خاصة مع جمعية "SOS Chrétiens d'Orient" التي ينتمي إليها أفراد من أقصى اليمين الفرنسي، مثل داميان ريو، الذي يعتبر من أشد المناصرين لليمين الفرنسي متجسدًا في التجمع الوطني بقيادة مارين لوبان. ثمة شبه بين هذه الجمعيات وبين منظمات طلائع البعث وشبيبة الثورة في سوريا، لكن بنكهة اليمين الفرنسي.

 "نحن نلفت انتباهكم إلى حقيقة أن سوريا لا تزال دولة هشّة. المناطق التي تم اعتمادها في برنامج الرحلة مفتوحة للزيارة، لكن هناك قواعد معينة يجب احترامها"، بهذا الشرح الوارد في إعلان الرحلة، يمكن استنتاج أن الرحلة تخرج عن أهدافها "السياحية"، خاصة وأنها تتناقض مع رؤية وزارة الخارجية الفرنسية، التي تصف الوضع في سوريا بالنسبة لرعاياها على النحو التالي: "في سياق نزاع مسلح يؤثر على جميع أراضيها، فإن سوريا هي دولة لا يضمن فيها أي شيء من الأمن أو الاحترام للحقوق الأساسية للأشخاص".

كما أن الدخول إلى سوريا يخضع لشروط صارمة ولا يمكن للمواطنين الفرنسيين الحصول على تأشيرات عند نقاط الدخول الحدودية، إلا أن المشغل السياحي يوفر ذلك كما هو موضح في شروط الرحلة. لكن كيف؟ جملة واحدة تجيب: علاقاة الصحفية بالسلطات المحلية، أي سلطات النظام السوري.

في الوقت الذي يروج فيه اليمين الفرنسي للنظام السوري، لا تزال القنابل تمطر إدلب، على أهداف مدنية مثل: المستشفيات والأسواق وأماكن معيشة، بحسب منظمة العفو الدولية. هذ رحلات "سياحية" لكن، بالاعتبار، على الخطوط الجوية للمخابرات السورية، فاليمين المتطرف يؤازر بعضه.

في الوقت الذي يروج فيه اليمين الفرنسي للنظام السوري، لا تزال القنابل تمطر إدلب، على أهداف مدنية

في سوريا البلد الذي دمرته ثماني سنوات من الحرب التي تميزت بالاستخدام المنتظم لسياسة الأرض المحروقة متجلية في شعارات مثل: "الأسد أو نحرق البلد"، يجد النظام من يؤازره من اليمين المتطرف حول العالم، في التزام بين صعود فاشيات المركز وفاشيات الكومبرادور.

 

 

اقرأ/ي أيضًا:

صعود اليمين المتطرف عبر أوروبا.. سبل للمواجهة المؤجلة!

ما حقيقة التقارير التي تدعي ارتكاب اللاجئين في ألمانيا لجرائم اغتصاب؟ (2-2)