29-يناير-2018

مقطع من لوحة لـ محمد الوهيبي/ فلسطين- سوريا

سيكون الوقت قد تأخر كثيرًا

عندما يكبر الأطفال

ويعرفون من أحدٍ ما

أن أمهم كانت تكتب الشعر يومًا

سيكون من الصعب عليها تذكّر ذلك

الأم الكبيرة

بالألم

والعناد

وذنب الأحبة المعلق بِشِعرها.

كنت أقف قرب النافذة ليلة كاملة

شاخصة بالعتم البعيد

أستمع لأحدهم

ينادي زوجته

التي لا تسمع

بالحقيقة لا أعلم إن كانت زوجته

ولكنني لطالما فكّرت هكذا.

ذات يوم شاهدت فيلمًا

عن رجل يسقط في جزيرة نائية

كل ما حدث حينها كان إجابة لسؤالٍ واحد

كيف تصبح مفترسًا في بضعة أيام!

فكرت كثيرًا حينها

بالكهرباء

وبفكرتي البالية عن البدائية

وبأنه عليّ ذات يوم

أن أتدرب على ذلك جيدًا.

لاحقًا

بقصصٍ كهذه

ستحاول الأم شرح الذي مضى لأطفالها

سيكون الوقت قد تأخر

عندما يعرف الأطفال من أحدٍ ما

أن أمهم كانت تكتب الشعر يومًا

ولكنها ستفرح كثيرًا

وهي تظن

أن شيئًا مميزًا

شيئًا مميزًا وحيدًا

قد حدث لها في حياتها.

*

 

الكثير من الغرقى

في رأسي

حيث كل شيء يدور

في دوامة لا تنتهي

الأفكار التي يطحنها القلق

والمشكلات التي لم أفتعلها؛ وأنا أتظاهر بالحكمة

النهار المليء بالمهمات والأغاني...

إنها تصدح قربي

ولا أسمعها.

*

 

لا أحد يرغب بالنهوض

إنه يوم الجمعة

والعاصفة في الخارج

تفاقم من كونه كذلك

ولا شيء يثير القلق

زهوري قصيرة على الشرفات

لا تقتلعها الريح

ولا تطرحها

أعرف العاصفة معرفة ضئيلة

كان صفيرها يخرج من قلبي

غير أن نوافذي الآن

محكمة الإغلاق

أشق طرف إحداها قليلًا

أقف قربها

وأتذكره.

*

 

الغربان تحلق فوق بيتي

أستطيع سماعها من أسفل الغطاء

ومن داخل الحلم.

ولا شيء يجزعني

سوى ألا تكون لي

نهاية هادئة

تصحبها موسيقى حزينة.

الكلمات تغادرني

كالعافية

التي تغادر أجساد المسنين

إنها حواسي كلها

بها عرفت الحب، والحرية

والشمس

بسحرها الفاتن

واشتعالها الأزلي

وأن الحياة التي نشأت بهذا

ستُدَمر به

طالبة بذلك

أن نبقى بعيديين عنها.

*

 

لقد كان الله

أول من لَفَت أنظارنا 

للخطيئة

ثم تركنا وشأننا

لنمتنع

ونجرَب.

*

 

كنت تطحن الحصى بأسنان متعبة

وتقول هذا الصرير أغاني

وإن لم تُنضِج النار حبات العدس

سينضجها ترابي

عرفت نهاية وحيدة للحب

غير أنني لم أردها

لم أعرف من الأغاني

إلا ما أسمعتني إياها

وبكل نهاية موشكة

كنت أحدس

حيلة ما

لأبدأ من جديد.

*

 

بالأماكن الخاوية

التي مررنا بها

حيث تستردّ الأشياء

بقسوةٍ

قيمتها الأولى

الأُنس من الصوت

الوحشة من السكون

الألفة من النار

وهكذا...

حيث الخواء

يُجهز على الذكريات

أبقى

ثمّ لا أكفّ عن السؤال،

والتمنّي

مَنْ يُرجع الصوت،

أيّ صوتٍ

حتّى لو كان صوت الندم اللحوح

إلى رأس امرأة

موحشة!

*

 

كانت الآلام تلمع

عندما قيل "ليس كل ما يلمع ذهبًا"

ومع هذا لم ننصفها

الدموع التي غسلت الألم

منذ البدء

عندما عجزت الأغنيات عن فعل ذلك

ويوم كانت شروحات الله البليغة

عن الحزن

بسيطة ومتوقعة.

 

اقرأ/ي أيضًا:

لم يقتلني شيء كما فعلت الحياة

عن أدب العناكب