15-فبراير-2018

زين الدين زيدان (Getty)

احتفل نادي ريال مدريد بلحظات أسطورية في ذهاب دور الستة عشر من دوري أبطال أوروبا عندما قلب تأخره في اللقاء المنتظر أمام باريس سان جيرمان إلى فوز كبير، لم يخلُ لقاء أمس من التناقضات واللحظات المفصلية التي أثرت بمجرى تاريخ كرة القدم الذي يكتب فصوله عادة الفريق المنتصر، وما زال الأمل حاضراً لدى عشّاق الفريق الفرنسي، فإما أن يضعوا لمستهم الفنية في لوحة البطولة، أو يكتفوا بمشاهدة ريال مدريد وهو يرسمها في الأدوار المقبلة، خياران لا ثالث لهما، إذ يتوجّب عليهم خلال أسبوعين فقط أن يحضّروا لشرف كتابة تاريخهم بأنفسهم، أو منح ذلك لفريق اعتاد أن يفعل ذلك أكثر من كل الأندية الأخرى عبر التاريخ.

كانت ذئاب باريس تشاهد السقوط المدوّي لكتيبة زيدان وتلعق شفاهها منتظرة افتراس أحلام البطل السابق الوحيدة

في وقت تدهورت به نتائج ريال مدريد على الصعيد المحلّي وخرج الفريق الملكي من كأس إسبانيا وابتعد كثيراً عن المنافسة على لقب الليغا، كانت ذئاب باريس تشاهد السقوط المدوّي لكتيبة زيدان وتلعق شفاهها منتظرة افتراس أحلام البطل السابق الوحيدة، والتي شكّلت هاجسه المتبقي الوحيد، عندها حضّر الفريق الفرنسي نفسه جيّداً لمواجهة 14 فبراير/ شباط، وتكمن المفارقة العجيبة أنه استضاف بالتاريخ ذاته العام الماضي فريق برشلونة بالدور ذاته من البطولة، وسحقه برباعية نظيفة قبل أن يعود البارسا بالريمونتادا الشهيرة 6-1، بينما وضع زيدان أمام لاعبيه شعار أكون أو لا أكون، ومنحت جماهيره الفريق الثقة التامة، بعكس تنبؤات الأعداء والمحايدين ربما.

اقرأ/ي أيضًا: السيتي في نزهة بسويسرا، وتوتنهام ينجو من فخ السيدة العجوز

بدأت مواجهة البرنابيو المنتظرة دون مقدّمات، فدخل لاعبو ريال مدريد اللقاء بتركيز عالٍ مكنهم من الحصول على عدة فرص سانحة للتسجيل، أبرزها انفراد النجم البرتغالي كريستيانو رونالدو عندما صوّب الكرة بوجه الحارس، قبل أن ينشط ثلاثي الرعب الباريسي "نيمار، مبابي، كافاني" ويسفر تعاونهم عن ثمرة الهدف الأول بقدم أدريان رابيو في الدقيقة 33، بينما ختم كريستيانو رونالدو الشوط الأول بتعادل ذهبي عبر ركلة جزاء اعترض عليها كثيراً مدرب الفريق الضيف أوناي إيمري.

فجأة.. استدرك إيمري الأمور واسترجع ذكرياته السوداء في برشلونة، وقرر سحب أبرز أسلحته الهجومية من الملعب "كافاني" لصالح مدافعه "توماس مينوير"

مع انطلاق صافرة شوط المدربين أوشك الكثير على الإيمان بانتصار أوناي إيمري على زيدان، إذ فرض الضيوف أسلوبهم على مجريات المباراة، وتحكموا بالتفاصيل الهامة للمواجهة، وفجأة.. استدرك إيمري الأمور واسترجع ذكرياته السوداء في برشلونة، وقرر سحب أبرز أسلحته الهجومية من الملعب "كافاني" لصالح مدافعه "توماس مينوير"، أراد هذا المدرب أن يكون واقعيّاً ويحافظ على مكتسباته التي أرضت غروره، وهنا اكتشف زيدان ذلك ووجده فرصة ذهبية للمقامرة، فأجرى تبديلين في وقت واحد بالدقائق العشر الأخيرة، وفي هذه الدقائق بالذات سيتحدد مصيره ومصير ناديه بهذه البطولة التي يعشقها، ولأن المعشوقة لا تحب الجبناء، وتهوى البطل الذي يغامر بمصيره من أجلها، استطاع ريال مدريد بثلاث دقائق أن يقلب الأمور رأسًا على عقب عبر نجمه الأزلي كريستيانو رونالدو، وجناحه البرازيلي مارسيللو في الدقيقتين 83 و86 وسط ذهول تام من لاعبي باريس سان جيرمان.

اقرأ/ي أيضًا: ثمار زيدان لم تنضج بعد.. لكن موسم الحصاد ليس ببعيد

من حسن حظ أوناي إيمري أن الفرصة ما زالت قائمة، فلديه أسبوعان لقراءة المزيد من العبر التي تجعله يظفر ببطولة جلبه من أجلها رئيس النادي ناصر الخليفي، فمن المستحيل أن يظفر بدوري أبطال أوروبا فريق لا يدربه مدرب شجاع، إذ لا يشكو الفريق الفرنسي من قلة النجوم، ومن المعيب أن يبرر خروجه من هذا الدور بنقص الخبرة الأوروبية وسط حشد هائل من الدعم على كافة الأصعدة، بالمقابل يملك ريال مدريد مدرّباً عظيماً أجبر نفسه بتبديلاته على أن يكون رائعاً أو فاشلاً، مدرّبٌ شجاعٌ ختم مسيرته الكروية كلاعب ببطاقة حمراء في نهائي كأس العالم، رجل كهذا لا يقبل أن يوصف إلا بالرجل.

 

 

اقرأ/ي أيضًا:
5 أدلة على أن ريال مدريد لا يزال حيًا.. رغم هزيمة الكلاسيكو

4 أمور لم يقم بها أحد غير كريستيانو رونالدو في تاريخ كرة القدم