06-سبتمبر-2015

تخرج الدفعة الأولى من مدرسة دراما النزاهة (فيسبوك)

تعتبر موريتانيا، رغم تنوع وغنى مواردها الطبيعية، من ضمن الدول الأكثر فقرًا في العالم. يتميز البلد بارتفاع نسب البطالة ومعاناة الآلاف من خطر المجاعة وضعف وهشاشة البنية التحتية. وهو ما أرجعه العديد من الفاعلين السياسيين والاقتصاديين إلى عدم وجود استقرار سياسي فعلي، إضافة إلى استمرار ظاهرة الفساد المالي التي تعم البلاد منذ ثمانينيات القرن العشرين بعد قدوم العسكر إلى الحكم.

تظاهر العديد من الفاعلين الشباب في موريتانيا رافضين لواقع بلادهم ومحاولة لفضح الفساد المستشري داخل الدوائر الحكومية ومطالبين العسكر بالرحيل، وكان أوج تلك النضالات في سنوات 2012 – 2013 ولا يزال العديد من الشباب طامحًا إلى التأثير من خلال إسماع صوته للحكام. لكن قلة أخرى من الشباب رأت أن الحل يكمن في تغيير العقليات بالتربية والتكوين والعمل بشكل أكثر تنظمًا.

تعاني موريتانيا من ظاهرة الفساد المالي التي تعم البلاد منذ قدوم العسكر إلى الحكم

في هذا السياق، قامت "رابطة الحوار للثقافة والإبداع"، وهي جمعية غير حكومية ناشطة في موريتانيا، بإطلاق أول مشروع في البلاد يهدف إلى "بث وترويج النزاهة لدى الشباب والأطفال"، حسب القائمين على هذه التجربة، وذلك من خلال تطويع الثقافة والفن. يتمثل المشروع في "مدرسة دراما النزاهة" النموذجية، والتي تهدف، حسب المنظمين، إلى نشر وتجذير قيم النزاهة والشفافية في الأجيال الجديدة عبر توظيف فن الدراما وأملًا في القضاء على تركة ثقافة الفساد والرشوة.

يقول الراجل عمر ابيليل، مدير مشروع "مدرسة دراما النزاهة"، لـ"ألترا صوت"، "ركزت التجربة الأولى من المشروع على تمكين صفوة من تلاميذ الإعداديات من معارف ومهارات متصلة بالنزاهة والشفافية، عبر إخضاعهم لدروس توجيهية مع توظيف الدراما وبعض تقنيات المسرح وآليات التواصل، الأمر الذي نتمنى أن يشكل إلهامًا لهم".

ويضيف الراجل عمر "أن مستوى انخراط المستفيدين من ورشات العمل بمعدل 9 ساعات في الأسبوع على مدى 6 أشهر كان مميزًا". ويؤكد أمله المساهمة من خلال هذه التجربة في تكوين جيل مناهض للفساد ومؤمن بضرورة العمل النزيه قائلًأ "يتعلق الأمر برفع منسوب الوعي بأهمية القوانين في حياة الناس ودورها في إرساء العدالة الاجتماعية بموريتانيا".

تهدف مدرسة دراما النزاهة إلى توظيف فن الدراما وتقنيات المسرح لنشر قيم تساهم في القضاء على الفساد

ويرى كثيرون في غياب تطبيق القوانين وعدم سيادتها سببًا مباشرًا لانتشار واستشراء الفساد والرشوة وغيرها من الاشكالات الخطيرة التي يتخبط فيها بلد حديث العهد بالدولة المدنية كموريتانيا.

يتحدث حمين معيبس وهو مستشار بصندوق الأمم المتحدة للتنمية والسكان في موريتانيا لـ"ألترا صوت": "هناك جانب إبداعي مميز في هذه التجربة من ناحية أنها جمعت بين الأسلوب التعليمي التربوي الممل عادة مع التقديم الفني المسرحي الفرجوي".

ونشأت رابطة الحوار للثقافة والإبداع عام 2005 وفي ظل وضع سياسي لم يكن مستقرًا حينها، كانت الرابطة في المرحلة التي يكون فيها الوضع المحلي متوترًا، تركز على النشاط الإقليمي والدولي وتنتظر بالتالي هدوء الأوضاع الداخلية لتنفيذ مشاريعها وبرامجها المحلية. ويرى فريق مشروع "مدرسة دراما النزاهة" أن الوسطين المدرسي والمجتمعي هما آخر معقلين يمكن المراهنة عليهما لتوطين فكر مشبع بالشفافية والنزاهة لذلك توجهوا للمدارس والإعداديات واختير المستفيدون على أساس التفوق الدراسي ومدى استعدادهم وانخرط بناء على ذلك 40 تلميذًا وتلميذة من الصفوف الإعدادية في الورش التدريبية التي أشرف عليها طاقم المشروع منذ منتصف شباط/فبراير الماضي.