08-ديسمبر-2015

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين(Getty)

المقال التالي هو ترجمة لمقال روبرت فارلي، أستاذ العلاقات التجارية الدوليّة في جامعة كنتاكي في الولايات المتحدة، في الناشيونال إنترست عن الخمس خطوات المتوقعة لروسيا في سوريا الفترة القادمة.

__

شرعت روسيا في تدخلها العسكري الرسمي في الحرب السوريّة قبل أكثر من شهرين الآن، ومنذ ذلك الحين اكتسبت سمعة سيئة تتعلق بطلعاتها الجويّة العالية وعدم الدقّة في قصفها بالإضافة إلى ميلها إلى توجيه ضربات إلى كافّة الأهداف باستثناء مناطق داعش. وقد أحرزت القوات الروسية والسورية بعض النتائج في هجمات ضد مواقع للمعارضة، ولكنّ التقدّم ما يزال بطيئًا.

أعلنت روسيا في الأسبوع الماضي انتهاءها من تنصيب منظومة صواريخ أرض جو من طراز S-400 في الأراضي السورية.

ويبدو على أيّة حال أنّ روسيا والنظام السوريّ يحاولان الحفاظ على ما هو تحت السيطرة الآن وتجنّب الخوض في مواجهات فعلية ضد داعش أو قوات المعارضة السوريّة "المعتدلة". أمّا أكبر الخسائر الروسية حتى الآن فهي تلك الطائرة المدنيّة التي ادّعت داعش تفجيرها بقنبلة، والمقاتلة الحربية سوخوي -24 التي أسقطتها مقاتلة إف-16 تركية. أما قوات النظام السوريّ فقد خسرت العديد من المركبات العسكريّة في هجمات ضدّ قوات المعارضة ذات التسليح الجيّد والجاهزيّة العالية.

أمّا الآن فيبدو أنّ روسيا ترغب في توسيع نطاق تدخلها، والسؤال هو: ما الذي تحتاجه روسيا من أجل تغيير الحقائق على الأرض وكسب هذه الحرب؟ سنعرض فيما يأتي خمسة تحرّكات تحتاج روسيا للقيام بها من أجل إنقاذ نظام الأسد:

1. طائرات سوخوي -25

في حين أثبتت المقاتلة الروسية سو-24 أنّها غير قادرة على مواجهة التهديد الذي تمثّله المقاتلات الأكثر تطورًا منها، فإنّ الروس قد يفكّرون جديًا الآن من أجل دعم قوات النظام السوريّ والميليشيات التابعة له في استخدام طائرات مقاتلة أكثر تطورًا مثل سوخوي-25 (Frogfoot) ولا شكّ أنّ استخدام هذا النوع من الطائرات المتطورة قد يكون له أثر مباشر على الأرض. تعرف هذه الطائرة بأنها المقابل السوفييتي للطائرة الأمريكية A-10 وهي قادرة على حمل كميات كبيرة جدًا من الذخيرة ولا يمكن إسقاطها بسهولة.

2. منظومة الدفاع الجوي S-400

أعلنت روسيا في الأسبوع الماضي انتهاءها من تنصيب منظومة صواريخ أرض جو من طراز S-400 في الأراضي السورية. وقد كان هنالك الكثير من الحديث عن القدرات التقنية التي يتمتع بها هذا النظام المتطور، ولكنّ الأهم من الناحية السياسية أنّه يكفل لنظام الأسد عدم إقامة منطقة لحظر الطيران أو قيام الغرب بحملات عسكرية جويّة ضدّه، وهكذا سيكون على قوات المعارضة السوريّة أن تواجه قوات الأسد (والقوات الروسية) على الأرض فقط ويقطع الفرصة على تقديم الدعم الجويّ لها من حلفائهم.

صحيح أنّ القوات الجويّة الغربية قادرة على تدمير هذه المنظومة وغيرها من منظومات الدفاع لو أرادت، ولكنّ هذا لن يمرّ دون إلحاق خسائر فادحة، عدا عن أنّ مثل هذه الهجمات ضد شبكات الدفاع الجويّ الروسيّة ستعني مستوى عاليًا من التصعيد قد لا يتصوّره أحد في هذه اللحظة. إن منظومة S-400 تمنح روسيا فيتو عمليًا ضدّ أي تحرّك غربيّ ضدّ الأسد.

3. الدبلوماسية

لعل السلاح الأهمّ الذي يمكن للروس استخدامه لإنقاذ الأسد ونظامه هو التحرك الدبلوماسي. صحيح أنّ روسيا قد خسرت الكثير من قوتها الناعمة خلال السنوات الماضية، إلا أنّها لا تزال تمتلك التأثير الذي يضمن لها صفقات جانبية مع بعض أطراف النزاع في الأزمة السورية، كالدول الإقليمية المجاورة لسوريا، خاصّة أنّ الاتحاد الأوروبي ليس متحمّسًا للانخراط في الحرب هناك واتخاذ خطوات من شأنها أن تؤثر بشكل فعلي على الوضع القائم في سوريا، ومن الممكن أن توظّف روسيا ذلك دبلوماسيًا من أجل إنقاذ نظام الأسد.

لا شكّ أن الفيتو الروسي في مجلس الأمن في الأمم المتحدة هو السلاح الدبلوماسي الأكثر قوّة لها، حيث يمكنها اللجوء إليه كدرع ضد أي تحرّك من مجلس الأمن بخصوص الصراع الدائر في سوريا وتجنب تكرار سيناريو تدخل حلف الناتو كما حدث من قبل في ليبيا.

4. الاستخبارات والمراقبة والاستطلاع

لا تمتلك روسيا حاليًا تلك القدرات الاستخباراتية العالية مقارنة بما تتمتع به الولايات المتحدة مثلًا، ولكنّها لا تزال قادرة على تطوير هذا الجانب من أجل دعم قوات الأسد من خلال تحديد القدرات العسكرية لقوات المعارضة ومعرفة تكتيكاتهم في مواجهة القوات النظاميّة، مما يتيح لروسيا والأسد وضع استراتيجيات أكثر فعالية لإلحاق أكبر الأضرار بقوات المعارضة.

5. القوات الخاصة الروسيّة (السبيتسناز )

تسعى قوات النظام السوري والميليشيات التابعة له إلى إعادة السيطرة على المناطق التي تتواجد فيها قوات المعارضة والتي تسيطر فعليًا على معظم المناطق في سوريا. ولكنّ قوات الأسد تعاني من خلل كبير على مستوى التحركات والعمليات الهجوميّة، وقد تفكّر روسيا في استخدام قوّاتها الخاصّة لتمثّل مركزًا لقيادة قوات النظام ومساعدتها على تحقيق تقدّم ملموس على الأرض. وبما أنّ روسيا لا تمتلك المقدرة على إرسال عدد كبير من قواتها البرية للقتال في سوريا (نظرًا لمحدودية الموارد والصعوبات التي تحيط بذلك لوجستيًا على المدى البعيد) فإنّها ستكتفي بتكليف قوّاتها الخاصة بتولّي مهامّ على مستوى القيادة والتنسيق والدعم. وستحاول القوات الخاصة الروسية أن تتعلم من تجربة قوات العمليات الخاصة الغربيّة في أفغانستان وليبيا وغيرها من المناطق، مع الحرص على تجنب الخسائر البشرية التي ستؤثر على شعبية القيادة الروسية في الداخل وتسبب لها إحراجًا كبيرًا آخر على المستوى الدوليّ.

المصدر: Russia's 5 Next Big Moves in Syria

__

اقرأ/ي أيضًا: 

أوباما..السير على خط رفيع بين أنقرة وموسكو

ألمانيا ونظريات اللجوء السوري